هادي عزيز علي
من حيث المبدا : ( قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ) استنادا لحكم المادة (94 ) من الدستور . وهذا يعني ان الحكم الدستوري محصن من اية طريقة من طرق الطعن الواردة نصوصها في الباب الثاني من قانون المرافعات المدنية اذ تعد هذه المادة معطلة للنصوص القانونية الواردة في ذلك الباب .
قرار الحكم القضائي الدستوري واجب النفاذ قطعا لكونه قد اصبح حقيقة قانونية في مواجهة الكافة وحيث انه بهذا التوصيف فيعد محظورا على السلطة التشريعية اوالسلطة التنفيذية وحتى السلطة القضائية تعطيل احكامه فضلا عما تقدم فانه غير قابل ولا يقبل الاجتهاد فيه والمجادلة في مضامينه ولا حتى مناقشته لما يتمتع به من حجية الامر المقضي به التي فرضتها النصوص الدستورية .
ولكن يلاحظ ان التطبيقات الدستورية في بلدان مختلفة من العالم ومنها الدول الاوربية اتجهت بعض محاكمها الى العدول عن مبدأ الحجبية الذي تتمتع بها القرارات تلك ، وقد تم تبرير ذلك من جهة القضاء اوالفقه الدستوري بالاستجابة الى الظروف والمتغيرات الملحة التي تواجهها المجتمعات المختلفة ، خاصة اذ كانت تلك المتغيرات تفرض على المحكمة الدستورية وزن الامور الحادثة بمعايير التغييرات الحاصلة التي وقعت بعد اصدار الحكم ولكونها تفضي الى مواقف جديدة تفرض على المحكمة الدستورية اتخاذ رؤية جديدة تنسجم والظروف الحادثة وبخلافه فان الامر يؤدي الى اشكالات معقدة تنعكس اثارها على المواطنين او على امن البلد واستقلاله اوتؤدي الى الاستعصاء والانغلاق السياسي .
فقد ذهبت المحكمة الدستورية الالمانية – وبحذر شديد - الى الاستجابة الى الظروف الطارئة واجرت تقديرا جديدا ينسجم ومشكلات الوقائع الجديدة بظروفها تلك ، واعقبتها المحكمة الدستورية النمساوية في اعطاء الموقف القضائي الجديد المنسجم الذي تطلبته الظروف الجديدة وفي اجابة مختلفة عن حكمها السابق وضمن سلطتها التقديرية النازعة نحو اتخاذ الموقف الجديد يلبي احتياجات المجتمع بظروفه الجديدة وفي داخل نطاق الحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا والامرذاته بالنسبة للمحكمة الدستورية الايطالية التي غيرت اتجاهاتها على وفق المتغيرات والظروف الجديدة وضمن المباديء الاساسية للنظام القانوني الايطالي المؤدي الى احكام مختلفة تضمنتها احكام سابقة .
وأن المحكمة الاتحادية العليا في العراق لم تكن بعيدة على هذا التوجه الذي استقرت عليه المحاكم الدستورية في دول العالم المختلفة ، اذ عدلت عن حجية الحكم الصادر عنها المتعلق بالكتلة النيابية الاكثر عددا الوارد بقرارها المرقم 25 / اتحادية / 2010 المؤرخ 25 /3 /2010 اذ جاء فيه نصا : ( ان تعبير “ الكتلة النيابية الاكثر عددا “ يعني : اما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الاكثر من المقاعد ، او الكتلة التي تجمعت من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات باسماء وارقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب ، ايهما اكثر عددا فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي اصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الاولى لمجلس النواب اكثر عددا من من الكتلةاو الكتل الاخرى بتشكيل مجلس الوزراءاستنادا الى احكام المادة 76 من الدستور ).
اذ عدلت عن حجية حكمها هذا الذي اشترط التقديم في الجلسة الاولى لمجلس النواب وجاءت بحكم يخالف حكمها السابق بقرارها المرقم ( 7 وموحداتها 9 و10 / اتحادية / 2011 في 3 / 2 / 2022 والذي جاء نصا : ( ... لا يمنع من ان تقدم الكتلة النيابية الاكثر عددا وفي اي جلسة لمجلس النواب حتى وان كانت بعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لان قائمة الكتلة النيابية الاكثر عددا عرضة للتغيير حسب التحالفات بين الاحزاب والقوائم لحين الاعلان عن الكتلة الاكثر عددا من قبل رئاسة مجلس النواب لرفعها الى رئيس الجمهورية ... ) . وبهذا تكون المحكمة الاتحادية العليا مستجيبة للعدول عن الحجية متى ما استجدت ظروف فرضت موازين جديدة لتعديل الاحكام السابقة او الاضافة اليها .
ان التعديل او الاضافة او حتى الالغاء على حكم او تفسير سابق للحكمة الاتحادية العليا جائز من الوجهة القانونية لان للحكم او التفسير قيمة تشريعية بحتة وحيث ان الامر كذلك لذا فان القيمة التشريعية هذه وأسوة ببقية التشريعات تخضع للتعديل والاضافة ويجوز تطبيق ذلك على حكم المحكمة الاتحادية العليا المتعلق بنصاب الثلثين الذي تسمر في مواجهة انتخاب رئيس الجمهورية واضافة فقرة الى الى حكمها تفعّل الفقرة ثانيا من المادة 70 من الدستور يالاستناد الى الفقرة اولا من المادة 59 من الدستور لمواصلة السير في انتخاب رئيس الجمهرية بعد تلقيها طلبا لذلك .










