بغداد/ تميم الحسن
فجأة تحول مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء، الى "صديق" لبعض أطراف الإطار التنسيقي، التي ترى اليوم في بقائه بالمنصب اهون الشرين.
حدث هذا التغيير عقب تسريبات، عن "سيناريو مرعب" بالنسبة لبعض القوى الشيعية، قد ينسف اية محاولة للمشاركة في الحكومة المقبلة.
هذا "السيناريو" الذي طُرح ضمن صندوق المقترحات لتجاوز الازمة الحالية، يكون بتقديم الحكومة استقالتها وتكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الاكبر.
ويأتي هذا المقترح في وقت يحاول فيه "الإطار التنسيقي"، خطب ود جهات مقربة من التيار الصدري، طمعا في الحصول على فرصة جديدة.
وكان "التنسيقي" قد بذل جهدا مضاعفا خلال الفترة الماضية، لإقناع مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بالخروج من "عزلته".
وبدأ "الصدر" قبل أكثر من 10 ايام بـ "اعتكاف سياسي" عقب اعلانه الانسحاب من مفاوضات تشكيل الحكومة، واعطاء خصومه فرصة تحقيق ذلك.
وقرار زعيم التيار، هو الشق الثاني في تعهداته السابقة بعد فوزه بالانتخابات، التي أكد فيها بانه سيكون في المعارضة إذا تمكن الطرف الآخر من تشكيل الحكومة.
ومع احتدام الازمة بـ "عزلة الصدر" لأربعين يوماً (تبدأ من اول رمضان حتى بعد نهاية عطلة العيد)، وعدم القدرة على انتخاب رئيس الجمهورية، بدأ سيل من المقترحات للخروج من المشكلة.
اخر تلك الحلول، بحسب ما وصل من تسريبات الى (المدى) هو انتظار زعيم التيار الصدري انقضاء مهلة الاربعين يوما "بعدها يمكن ان تعلن الحكومة استقالتها".
في تلك الحالة سيكون على رئيس الجمهورية ان يكلف مرشح الكتلة الاكبر، بتشكيل الحكومة الجديدة كما حدث في 2020، عقب استقالة عادل عبد المهدي وتكليف الكاظمي بعده.
وكان "انقاذ وطن" الذي يضم الصدريين والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، قد أعلن في آذار الماضي بانه الكتلة الاكبر.
ورشح التحالف، ابن عم مقتدى الصدر، وسفير العراق في لندن جعفر الصدر لرئاسة الحكومة المقبلة.
ورغم ان المشكلة لدى "التنسيقي" لا تتعلق بشكل كبير باختيار جعفر الصدر، أكثر مما هي متعلقة بالحكومة التي سيسطر عليها زعيم التيار الصدري.
وفي اخر تصريحات قيس الخزعلي، زعيم عصائب اهل الحق، شدد على ان فريقه في الإطار التنسيقي "لن يسمح بحكومة صدرية".
وتشير المعلومات الواردة من الكواليس، الى ان "سيناريو استقالة الحكومة هو ربما ما خفف هجوم بعض أطراف الإطار التنسيقي ضد مصطفى الكاظمي خلال الايام الأخيرة".
وتضيف المعلومات ان "الإطار التنسيقي يرى ان بقاء الكاظمي اهون بكثير من تشكيل حكومة من الصدريين".
وسبق ان طرحت في الاوساط السياسية فكرة "بقاء الكاظمي" مع تعديل في حكومته خصوصا مع وجود 4 وزارات شاغرة حاليا بعد استقالة وزيري الصحة والكهرباء العام الماضي، وفوز وزيري العمل والهجرة بمقاعد في البرلمان.
كذلك نوقش مؤخرا، اقتراح الذهاب الى اعادة الانتخابات في حال استمر "الانغلاق السياسي"، وهو مقترح لم يكن مريحا لبعض أطراف "التنسيقي" التي تراجعت مقاعدها في الانتخابات الاخيرة، وعزت ذلك الى قانون الانتخابات.
محاولات الإطار التنسيقي
وعلى الضفة الاخرى بدأ "التنسيقي" في اليومين الاخيرين، بتكثيف لقاءاته مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي أعلن سابقا التزامه ضمن التحالف الثلاثي (انقاذ وطن).
وبحسب ما يتم تداوله في الغرف المغلقة، ان الإطار التنسيقي ربما "مازال يطمع بوساطة الديمقراطي لإقناع مقتدى الصدر بضمهم الى الحكومة".
لكن اغلب تلك المعلومات تتحدث عن صعوبة ضم كل أطراف "التنسيقي" الى التحالف في الحكومة، خصوصا ان بعضها متهم بحوادث قصف لمدينة اربيل.
والتقى عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة واحد تشكيلات "التنسيقي"، مؤخرا كتلة الحزب الديمقراطي، كما ناقش الحكيم "الازمة السياسية" مع عضو الحزب والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله، بحسب بيانات صدرت من الطرفين.
وكان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، قد رعا في نهاية كانون الثاني الماضي، مبادرة لتقريب وجهات النظر بين "الصدريين" و"التنسيقي".
وقبل ذلك كان هادي العامري، زعيم تحالف الفتح، قد خاض حوارات مع عدد من سفراء اوروبا في بغداد.
وكشفت مصادر سياسية قريبة من الكواليس ان "العامري كان يريد دعما دوليا للإطار التنسيقي، لكن كان هناك اعتراض على بعض أطراف تحالفه المتهمين بقصف الهيئات الدبلوماسية".
واشارت تلك المصادر الى ان "فصائل مسلحة هي من سربت معلومات غير مؤكدة عن بيع سلاح الحشد الى إيران تمهيدا لنقله الى روسيا للمشاركة بالحرب ضد اوكرانيا" والتي نقلت تلك الاخبار عن صحف بريطانية.
وعزت تلك المصادر "ترويج هذه الاخبار من قبل الفصائل هو لجر واشنطن للتفاوض معها باعتباره مازال طرفا مؤثرا".
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية، كشفت عن انّ روسيا تتلقى ذخيرة وعتاداً عسكرياً من العراق، بمساعدة شبكات إيرانية لتهريب الأسلحة، لدعم الحرب التي تشنّها على أوكرانيا، وفق ما أكده لها "أعضاء مليشيات عراقية مدعومة من إيران" وأجهزة استخبارات إقليمية مطلعة على العملية.
وعلمت الصحيفة أنه تمّ إرسال قذائف "آر.بي.جي" وصواريخ مضادة للدبابات، بالإضافة إلى أنظمة إطلاق صواريخ برازيلية التصميم، من العراق إلى روسيا، مع تعثر العملية العسكرية الروسية الشهر الماضي.