تجربة الطاهر وطار.. الروائية بين الايديولوجيا وجماليات الرواية

تجربة الطاهر وطار.. الروائية بين الايديولوجيا وجماليات الرواية

هيمن النقد الأدبي المتأثر بعلم الاجتماع على حركة النقد الأدبي العربي الحديث، منذ الخمسينيات، من باب الأيديولوجية والمذهب الواقعي على وجه الخصوص. ثم سرعان ما مازجت الأيديولوجية والمذهب الواقعي تأثيرات الاتجاهات الجديدة، فيما عرف بعلم الاجتماع الأدبي كما تكون على أيدي منظريه البارزين، ممن نقلت بعض أعمالهم الأساسية إلى العربية أمثال لوسيان غولدمان وروبيراسكاربيت وبيير زيما،

 وساعد ذلك على التقليل من وطأة الأيديولوجية، متعاضداً مع التعديلات الكبرى التي طالت النقد الأيديولوجي لدى منظرين ماركسيين أعادوا تقدير قيمة الشكل في العمل الفني واستقلالية النص الأدبي في صوغ مجتمعه الخاص، مثل تيري ايجلتون وماشيري ولوي التوسير. وأعيد تقويم عناصر هامة مثل التقاليد والتناص والتاريخ والمجتمع، وهي تفعل فعلها في التشكل الأيديولوجي. ‏ مورس المسعى إلى النقد الاجتماعي لدى غالبية الباحثين والنقاد والدارسين ضمن مناهجهم النقدية نفسها عناية بالأفكار والمعتقدات التي تحكم على الأبعاد الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، ولا مجال لحصر هذه الجهود، واقتصر على التعريف النقدي بجانب من المؤلفات حول النقد الاجتماعي للرواية بخاصة، وأتحدث عن الكتب النقدية المعنية بالرواية المغاربية من جهة ولاسيما نماذج منها، وأبحاث مؤتمر نقدي عربي حول النقد الاجتماعي من جهة أخرى. ‏ ظهرت كتب نقدية كثيرة تقارب المنهج الاجتماعي في النقد وأذكر النماذج التالية: «الرواية العربية الجزائرية بين الواقعية والالتزام» (1983) لمحمد مصايف (الجزائر)، و«الرواية العربية الجزائرية ورؤية الواقع» (1993) لعبد الفتاح عثمان (مصر)، و«الرؤية والبنية في روايات الطاهر وطار» (2000) لإدريس بوديبة (الجزائر) و«المتخيل والسلطة في علاقة الرواية الجزائرية بالسلطة السياسية» (2000) لعلال سنفوقه (الجزائر)، و«الرواية المغاربية ـ الجدلية التاريخية والواقع المعيش، دراسة في بنية المضمون» (2002) لإبراهيم عباس (الجزائر)، «وتجربة الطاهر وطار الروائية بين الايديولوجية وجماليات الرواية» (2004) للينة عوض (الأردن)، و«وعي العالم الروائي ـ دراسات في الرواية المغربية» (1990) لمحمد عزام (سورية). ‏ وأعرّف بكتاب لينة عوض للنظر في طبيعة المنهجية النقدية والعلمية والمعرفية للنقد الاجتماعي في الممارسة النقدية العربية، عند نقاد الرواية الذين اعتنوا بالأدب المغاربي بعامة، والأدب الجزائري بخاصة. ‏  بالاستناد إلى الواقعية الاشتراكية وتمثلات نقدها الماركسي متناغماً مع البنوية لتحليل الأبنية الروائية في الأيديولوجية في رواياته: «رمانة» (الجزائر 1975)، و«الزلزال» و«الحوات والقصر» (الجزائر 1978)، و«العشق والموت في الزمن الحراشي» (الزائر 1980)، و«عرس بغل» (الجزائر 1982) و«تجربة في العشق» (دمشق ـ قبرص 1989) و«الشمعة والدهاليز» (بيروت 1996)، و«الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي» (الجزائر 1999) ونظرت في تأثر الأدلجة على فنية الرواية، على أن «الحركية الفكرية استطاعت أن تترك أثرها في البناء الفني، أي أن الحراك الفكري أوجد حراكاً فنياً مع تطور تجربة وطار» (ص1). ‏ وأشارت إلى حماسة وطار الايديولوجية الاشتراكية التي خضعت لها رواياته الأولى، حتى أنه غرق في أزمة الخطاب الايديولوجي تالياً، مما أوقعه في كثير من التناقضات الفكرية، ومنها التأثير على البناء الفني الذي جعل الشخوص منمطة تنميطاً واضحاً، كما أوضحت بعض الأبنية الفنية بتجريديتها مغرقة في الأليغورية، ومالت لغة السرد إلى الخطابية والمباشرة. ‏ واتصل نقدها الاجتماعي بجانبي الرؤية والتشكيل لاستدراك التعامل النقدي السابق مع اعمال وطار في الكتب والاطروحات الجامعية التي عرضت المضامين الايديو لوجية دون أن تعنى إلا قليلاً بالبناء الفني، واهتمت بدراسة القضايا الايديولوجية وتشكلاتها عند وطار، مثلما عرضت لقضايا فكرية هي الأمل واليوتوبيا، والثالوث المحرم «السلطة والجنس والدين»، وإشكالية العلاقة بين الأنا والآخر، من وجهة نظر الروائي، واشتمل الكتاب على دراسة البناء الفني للأعمال الروائية لإبراز أثر التشكيل الإيديولوجي في التجربة الفنية، لدى النزر عن عناصر البنية الفنية: المكان والزمان والشخوص والترميز. ‏ وتحددت المنهجية تبعاً للظاهرة المدروسة، ففي الجانب الفكري الإيديولوجي استعانت عوض بمعطيات النقد الثقافي، وفي الجانب الفني أخذت بآليات المناهج النصية، ولاسيما المنهج السيميائي تعضيداً لمنهجية النقد الاجتماعي نحو تحليل الرؤى الفكرية والايديولوجية من المبنى النصي وتفريد الخطاب الروائي من خلال سياقاته المختلفة. ‏ وعرضت عوض تجربة وطار في إطار الحركة الروائية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية وبالعربية، وخلصت الى رأي مفاده ان ظهور الفن الروائي المدون بالعربية واتقارءه متطلب سياس

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top