الصراع السياسي داخل البرلمان يعمق الأزمة المالية ويعطل المشاريع

الصراع السياسي داخل البرلمان يعمق الأزمة المالية ويعطل المشاريع

 بغداد/ سيف عبد الله

عقّد النزاع السياسي بين الإطار التنسيقي وتحالف إنقاذ وطن، حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، إقرار مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة للبلد لسنة 2022، رغم حاجة البلاد إلى تمويل مشاريع خدمية مهمة في قطاعي الكهرباء والغذاء وفتح باب التعيينات للخريجين الجدد، الأمر الذي دفع حكومة رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، إلى إعداد مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، عبر وزارة المالية وإرساله إلى البرلمان للتصويت عليه.

وتسبب الانقسام السياسي بين التحالفين في تعطيل مشروع قانون الدعم الطارئ، باعتباره بابا من أبواب الفساد نظرا للأموال التي خصصت للمشروع والتي قدرت بأكثر من 35 تريليون دينار عراقي (24.1 مليار دولار)، ما عزز مخاوف المواطنين من دخول البلاد في أزمة اقتصادية خانقة وتعطل المشاريع الخدمية وتفاقم نسب البطالة والفقر. بالمقابل دخلت المحكمة الاتحادية على خط الأزمة، إذ أصدرت في 15 أيار 2022، حكما بإلغاء قانون الأمن الغذائي الذي أرسله مجلس الوزراء إلى مجلس النواب بعد دعوى تقدم بها النائب باسم خشان. وردا على قرار المحكمة الاتحادية قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان، إن حكومته قدمت إلى مجلس النواب قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بدواعٍ ملحة لمعالجة التحديات الاقتصادية التي فرضتها أزمة ارتفاع الأسعار العالمية، وذلك لتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلة الغذائية، فضلاً عن تقديم الدعم العاجل لقطاع الكهرباء قبل حلول فصل الصيف، لمنع أية أزمة في إنتاج الطاقة، أو انقطاع للتيار الكهربائي في عموم العراق، وللتعامل مع المتغيرات المناخية".

وفي انتقاد غير مباشر لقرار المحكمة الاتحادية أشار الكاظمي الى أن "عدم تحقيق كل تلك الضرورات يمثل عامل عرقلة لدور الحكومة في تسيير الأمور اليومية التي يقع على عاتقها توفير متطلبات الشعب العراقي، وحماية الفئات الأكثر فقراً، وتوفير الخدمات والكهرباء، والحد من ارتفاع الأسعار العالمية".

من جانبها، أكدت عضو مجلس النواب سهيلة السلطاني أن الموازنة الاتحادية لسنة 2022، فيها بند للأقاليم والمحافظات وتأخرها سيسبب تأخيراً وتلكؤاً للمشاريع الخدمية الموجودة بالمحافظات وخاصة التعيينات وتثبيت العقود والحاضرين".

وقالت السلطاني في حديث لـ (المدى)، إن "عدم وجود قانون للموازنة سيعطل اقتصاد المحافظات خاصة، وأن المحافظات الجنوبية والوسط تحتاج الى بنى تحتية قوية وإقرار الموازنة يجب أن يتم سريعا لتحسين اقتصاديات تلك المحافظات"، مبينة أن "الحكومة الحالية اتخذت الكثير من القوانين والإجراءات خارج صلاحياتها كونها تصريف أعمال وهو ما عملت المحكمة الاتحادية على رده".

إلى ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي نبيل جبار أنه "لن تتأثر المشاريع المدرجة ضمن مشاريع تنمية الأقاليم للمحافظات بعدم وجود قانون للموازنة أو أي قانون آخر، كون أن آليات الصرف للمشاريع قد تمت معالجتها في التعديل الأول لقانون الإدارة المالية وفقا للمادة ١٢ ثانيا".

وبين أن "غياب الموازنة لا يتيح إجازة إدراج مشاريع جديدة أو إحالة مشاريع جديدة"، مبينا أن "برامج الحد من البطالة غير مرتبطة بشكل حصري بقانون الموازنة، توفير بيئة الأعمال، القروض، المبادرات، التنظيم التجاري، وعشرات العوامل لا ترتبط بقانون الموازنة أو أي قانون بديل".

وأوضح أن "العراق عانى من عدم وجود موازنات استثمارية منذ ٢٠١٤ لغاية ٢٠٢٠ باستثناء جزء من الاستثمارية نفذ في سنة ٢٠١٩".

في خضم ذلك، يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح لـ (المدى) إنه "كان على مجلس النواب أن يتولى ابتداءً تمرير قانون الموازنة العامة، ولكن ما يسمى بالانسداد السياسي قد عطل الخطط السنوية للبلاد بأمل إعادة تشكيل الحكومة على وفق السياقات الدستورية في الظروف الطبيعية وتحت ضغط غلاء المعيشة تم الركون الى قبول مشروع القانون الطارئ للأمن الغذائي والتنمية من خلال الحكومة كبديل للموازنة العامة لإعطاء فرصة سياسية أطول حتى تبلغ التوافقات ذروتها في التفاهم على مستقبل السلطة التنفيذية كما يتضح هكذا".

وأضاف "على الرغم مما تقدم، فإن إعداد مسودة قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام ٢٠٢٢ قد تم على وفق قانون الإدارة المالية النافذ رقم ٦ لسنة ٢٠١٩ المعدل، إذ تقتضي التوقيتات القانونية الإعداد لمشروع قانون الموازنة على أساس حالة الاقتصاد والتوقعات المالية للسنوات الثلاث القادمة حسبما جاء ذلك في المادة ٣/ أولا من القانون أعلاه (بخصوص إعداد الموازنة) واستنادا الى نص المادة ٦ من القانون نفسه أعلاه، فإن إعداد التقديرات قد تم في شهر تموز ٢٠٢١، وكان ينبغي أن ترفع الى مجلس الوزراء في شهر أيلول بعد التصويت عليها لتحال الى مجلس النواب بغية تشريع قانونها. إلا أن المعضلة حدثت في تأخر السير في مشروع قانون الموازنة، جاءت نتيجة حل مجلس النواب تمهيدا لانتخابات ١٠-١٠-٢٠٢١". وتابع "من المعلوم أن مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام ٢٠٢٢ قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالبرنامج الحكومي الذي أقره مجلس النواب بالأساس للحكومة الحالية منذ تشكيلها في العام ٢٠٢٠، وأصبح المنهاج الحكومي بحكم التشريع".

واستدرك، أن "حرمان البلاد من تشريع الموازنة العامة ٢٠٢٢، ونحن نقترب من منتصف العام بسبب تفسير ماهية عمل حكومة تصريف الأعمال هو أكثر ضررا من عدم قبول تمرير مشروع قانون الموازنة من خلال الحكومة التي ما زالت عاملة… وهي الحكومة نفسها التي ارتضى مجلس النواب الحالي أن يمرر القانون الطارئ للأمن الغذائي من بين أروقتها".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top