اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > إمارة سيناء الإسلامية

إمارة سيناء الإسلامية

نشر في: 18 نوفمبر, 2012: 08:00 م

تحظى منطقة سيناء، بصحرائها وجبالها، بأهمية إستراتيجية أمنية تتجاوز الشأن المصري.. إذ لا تعتبر فقط البوابة الشرقية لمصر مع إسرائيل ,العدو الذي فتحت أعيننا للدنيا على كراهيته, إنما بحكم خطورة موقعها ..سيناء هي بوابة إسرائيل على إفريقيا و الدول العربية.. فالعملية العسكرية التي شنتها إسرائيل مؤخرا على قطاع غزة ما هي إلاّ حلقة في سلسلة ضمن مجموعة مضت و أخرى من المتوقع حدوثها..دلائل تؤكد كلها أن هذه المنطقة قد تتحول في ظل وضعها الحالي إلى بؤرة إرهاب تفجّر صراعات مسلحة قد يمتد تأثيرها إلى المنطقة العربية.

شبه جزيرة سيناء أثارت الاهتمام العالمي مؤخرا بعد أن تحولت إلى "قندهار" جديدة تلجأ إليها عناصر القاعدة والتنظيمات الجهادية المسلحة و الجماعات التكفيرية من مختلف دول العالم... مما وضع الجيش المصري أمام مأزق –قد لا يقل في خطورته عن نكسة 1967-  إذ تقف قواته مُكبّلة أمام التدخل بكل تعزيزاتها للقضاء على أوكار الإرهاب و فرض سيطرتها على سيناء لعدة أسباب ،أهمها وجود محمد مرسي – أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين- في موقع الرئاسة مما يجعله أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة.. الواقع يؤكد أن ولاء مرسي للجماعة التي لا ترى التنظيمات الإرهابية خطرا .. بل ينظرون إليهم كرصيد إضافي تلجأ إليه الجماعة كلما اقتضت مصالحها ذلك .. لذا يؤمن قادة الجماعة أن إقامة خطوط التواصل مع هذه التنظيمات قد تكون مفيدة للإخوان.. التفسير المنطقي الوحيد لمحاولات مرسي إرباك قيادات الجيش بأوامر متضاربة مريبة جعلت مهمته الأمنية في سيناء أقرب إلى رحلة تخبط  منها إلى خطة عسكرية حملت اسم "نسر" بهدف السيطرة على سيناء و إحلال الأمن بها.

السبب الآخر أن إخلاء سيناء من السلاح المصري كان هدفاً إسرائيلياً ثابتاً أصرت عليه منذ توقيع اتفاقية"كامب ديفيد" عام ...لذا حين دخلت المدرعات والدبابات وقوات الجيش لفرض السيطرة الأمنية عقب اعتداء إرهابي دموي عند نقطة الحدود أدى إلى استشهاد 16 جندياً مصرياً,.. سارع مرسي  إلى إصدار أوامر سحبها بناء على طلب أميركي- إسرئيلي.

حالة الغليان في سيناء تُهدد بالانفجار خلال أيام ..إذ بدأ شيوخ القبائل الحشد لثورة غضب احتجاجا على معاناتهم و أكاذيب التصريحات الرسمية عن الوضع الأمني هناك.. الاحتجاجات ستنطلق من مناطق الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل يتخللها إغلاق المعابر الدولية.. هذا الانفجار لم يكن وليد الثورة المصرية ..إنما هو تداعيات عشرات السنين من الإهمال و التجاهل الرسمي و التعامل الأمني الساذج الذي اعتمد على العنف و البطش دون مراعاة فهم طبيعة التعامل الأمثل مع عادات وتقاليد قبائل البدو والعرب من سكان هذه المنطقة.. بحكم الإهمال الجغرافي, الاقتصادي و السياسي تفشّت في المنطقة أوكار الإجرام  وتهريب المخدرات  والأسلحة .

تفاقم الوضع خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة مع سماح المجلس العسكري- المسؤول عن إدارة هذه الفترة- دخول آلاف من الجهاديين المتدربين في أفغانستان بالإضافة إلى الإفراج عن قادتهم المحبوسين في السجون المصرية.. ليُكمل بعدها محمد مرسي استغلال سلطته في إصدار العفو عن المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب المسلح .. حتى أصبحت سيناء بؤرة استقطاب إرهابي من مختلف الجنسيات... طبعا جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" لم يقف موقف المتفرج من أحداث خطيرة تدور على حدوده..  إذ تربط بعض هذه الجماعات صلات ذات جذور عميقة و شائكة مع الموساد تُمكِّن الأخير من إبقاء اشتعال الاحداث نحو الاتجاه الذي يخدم مصالحه .. ولا يملك مرسي- رجل جماعة الإخوان داخل الرئاسة- سوى الطاعة و الإذعان.. فالشرط الأساسي الذي وضعته أميركا مقابل مساندة الجماعة و توصيلها إلى السلطة في مصر هو حفظ أمن إسرائيل والالتزام بعلاقات جيدة معها وفقا للمعاهدات الدولية .

أميركا بدورها تتجه إلى إكمال مخططها الهادف إلى إشعال الصراع بين التيارات الإسلامية المختلفة, الجهادية , السلفية , و التكفيرية .. ذلك بداية السيطرة على   الإسلام السياسي قبل وضعه على رأس السلطة في مصر و باقي الدول العربية التي شهدت – ومنها ما زال يشهد- تغييرات سياسية .. لتضمن الأجهزة الأميركية بذلك الطريقة المثالية لتصفية التنظيمات الإسلامية و تفتيت ما بقي – إن بقي شيء- من القوى العربية دون أن تطلق رصاصة أو تنفق دولاراً.. بعد أن أنهكت حروب أفغانستان والعراق الاقتصاد الأميركي.. بل إن أميركا حتى لا تجد غضاضة في إحراج حليفها الحالي في مصر- جماعة الإخوان- عبر تصريحات رسمية إسرائيلية تؤكد إبلاغها الطرف المصري مُسبقا بقرار العملية العسكرية ضد قطاع غزة.. كي تضمن مزيداً من إثارة تيارات التطرف الإسلامي الأخرى على جماعة الإخوان.

مع انطلاق أصوات الجماعات الجهادية المسلحة من شبه جزيرة سيناء تُعلن عن قرب إعلانها إمارة إسلامية مستقلة .. مع وجود عجز سياسي- أمني.. يبقى المستقبل الأخطر في انتظار هذه المنطقة التي دفعت مصر ثمناً غالياً مقابل استردادها من إسرائيل.

*كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

قلب بغداد والمسؤولية الاجتماعية: الدرس الذي تعلمنا إياه رابطة المصارف الخاصة

خالد مطلك غالبًا ما يُنظر إلى المركز التقليدي للمدينة القديمة على أنه الوصي الشرعي على هويتها المعمارية، ويجسد القيم التاريخية والجمالية والثقافية. لذلك فأن عملية إحياء المباني القديمة داخل مجال محدد يحتل موقع النواة، يعد أمر بالغ الأهمية في الحفاظ على استمرارية هذه الهوية. فمن الناحية الأكاديمية، يمكن فهم هكذا مبادرات من خلال عدسة "إعادة […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram