بعد استقالة نواب الصدر.. لماذا تصاعد الحديث عن المؤامرات الخارجية؟ 

بعد استقالة نواب الصدر.. لماذا تصاعد الحديث عن المؤامرات الخارجية؟ 

خاص/ المدى

بعد استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب،  تصاعد الحديث عن "مؤامرة" تحاك ضد العملية السياسية في البلاد، لإشاعة الفوضى، فيما يرى مراقبون أن تلك السردية تهدف إلى تعزيز مكاسب بعض القوى، وتخويف الجمهور، والإيحاء لهم بضرورة مؤازرتهم، وهو خطاب  اعتادت عليه بعض الكتل السياسية، مع كل أزمة.

وقدم نواب التيار الصدري (73 نائبا) استقالاتهم من مجلس النواب، الأحد الماضي، استجابة لطلب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على خلفية الانسداد السياسي الحاصل في تشكيل الحكومة، وأثارت هذه الخطوة ضجة كبيرة في الأوساط الشعبية والسياسية وسط ترقب حذر لما ستشهده المرحلة المقبلة.

لكن تلك الاستقالة أظهرت الحديث عن "مؤامرة" تستهدف العملية السياسية، مع وجود شخصيات تسعى إلى إرباك الوضع الداخلي.

في هذا السياق طالب زعيم تحالف الفتح هادي العامري، من المرجعية الدينية في النجف بالتدخل، بعد استقالة النواب الصدريين.

وقال العامري في بيان - بمناسبة ذكرى إصدار فتوى "الجهاد الكفائي" - "اليوم نحن بحاجة الى لطف ورعاية المرجعية وحكمتها وبعد نظرها لتقول كلمتها الفصل بشأن ما يمر به العراق راهنا من منعطفات سياسية صعبة".

وحذر العامري من أن "أي طارئ يهدد العملية السياسية فمعناه وضع تأريخ كامل من التضحيات والانتصارات ودماء الشهداء على كف عفريت، وتسجيل انتكاسات تسر العدو وتؤلم الصديق".

ورأى مراقبون للشأن العراقي، أن حديث العامري يعطي صورة عن صعوبة تجدها تلك القوى في تولي زمام الأمور بعد استقالة نواب التيار الصدري، وسط شكوك بالقدرة على إنتاج حكومة تقوم بواجباتها.

في هذا السياق قال المحلل السياسي كتاب الميزان، أن "تشكيل الحكومة بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية وانسحابهم من العملية السياسية، كان طعما للكتل السياسية وخاصة كتل الإطار التنسيقي، فمن سيبتلع هذا الطعم سيشكل حكومة قصيرة جدا لا تستمر أكثر من شهر واحد، فالصدر عازم على التحول من المعارضة البرلمانية إلى المعارضة الشعبية، وهذا ما يعمل عليه".

وأضاف الميزان في تصريح، لـ (المدى) أن "الصدر يمتلك ورقة أخيرة رابحة، وهي تحريك الشارع تجاه أي حكومة يشكلها الإطار التنسيقي، وأرى أن الإطار لن يجازف بمستقبله والعملية السياسية والنظام السياسي، ويذهب إلى تشكيل حكومة دون مقتدى الصدر، فهم يصرون على إشراك الأخير لكي يتم ترضية جميع الأطراف، وتكون حكومة توافقية دون وجود معارضة لها، لكن حكومة بلا مقتدى الصدر تعني رصاصة الرحمة للنظام السياسي، لهذا ربما سيجدون صيغة توافقية بين الكتل وقد يذهبون إلى إعادة الانتخابات للتخلص من هذا الحرج". 

ومنذ إعلان زعيم التيار الصدري استقالة نوابه الـ 73 من البرلمان، مساء الأحد الماضي، تسعى قوى "الإطار التنسيقي" إلى ترميم علاقاتها بالقوى السياسية، تمهيداً لتشكيل ائتلاف حكومي، وهي المهمّة التي تستلزم التخلص من أرشيف زاخر بتصريحات وُصفت بالطائشة والعشوائية، أطلقها بعض الشخصيات، تحدثت عن المؤامرة، وعمالة بعض الأحزاب في الداخل لإسرائيل.

وعلى رغم أن هذا الخطاب قل بعد التطورات السياسية الأخيرة، لكنه ما زال حاضراً بشكل العام، في مسعى لتحشيد الجمهور، وتغذية الفضاء الإعلامي، بسردية توحي بضرورة الاصطفاف لمواجهة التحديات الخارجية التي تستهدف الجميع، وفق تلك النظرة.

ويوم الاثنين، حذّر زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، في بيان مسجل قال فيه إن هناك "واقعا جديدا بعد استقالة نواب التيار الصدري"، وأكد أن هناك "محاولات حقيقية لإرباك الوضع الداخلي برعاية شخصيات سياسية".

بدوره، يرى الباحث في الشأن السياسي رحيم الشمري، أن "العراق في مرحلة معقدة وصعبة، ويعيش حالياً صراعاً بين إرادة الشعب المتذمرة الرافضة للأوضاع الحالية، وبين الطبقة الحاكمة، من مجلس النواب والحكومة وتأثيرات الأحزاب ومن يلوّح بالسلاح".

ورأى الشمري في حديث لـ (المدى) أن "استقالة نواب الكتلة الصدرية بداية الطريق لاتجاهين، الأول استقالات متتالية وحل البرلمان وتشكيل حكومة طوارئ تخرج البلاد من الوضع الحالي، خاصة الاقتصادي، أما الاتجاه الآخر وهو الأضعف، استبدال الأعضاء والاستعداد لتظاهرات غير مسبوقة أقوى من احتجاجات تشرين 2019، ولا يمكن لأحد توقع نتيجة ما بعدها".

وبعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، لا تزال الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزة عن الاتفاق على الحكومة المقبلة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top