اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > دعونا نسوّق للحرية

دعونا نسوّق للحرية

نشر في: 28 يونيو, 2022: 11:01 م

 د. أثير ناظم الجاسور

هل من الممكن أن ننتظر من المواطن المقيد إنتاجا؟، أم نسوق لحرية التفكير والنقد البناء لتعديل مسارات العمل السياسي؟

من غير الممكن أن يُعد كل من ينتقد عمل السلطة ونهجها ومنطلقاتها منشقاً لابد القصاص منه لان النتيجة سوف يُؤسس لقاعدة خضوع لا تستطيع أن تمون فاعلة على المستوى السياسي ولا حتى الاجتماعي، والتي بالضرورة ستكون مؤسسة لجيل غير مسؤول لا يعي قضاياه بالشكل المطلوب أو على اقل تقدير غير قادر على اتخاذ قرار إيجابي، بالتالي سنكون أمام مشكلة مركبة لان هذه الطبقة قد تنتج فيما بعد أي مستقبلاً مجموعة من العاجزين على التفكير السليم خصوصاً وانهم اعتادوا الإملاءات ورسم الطريق بغير عقول، ففكرة أن السلطة أو من في السلطة هي نتاج المجتمع هذا بحد ذاته يعطي انطباعاً أن ما نعيشه منذ عشرات السنين ناتج عن غياب الوعي وفقدان الحرية في التفكير والتخطيط والاختيار، وكلها باتت ضحية فكرة الخضوع بعد أن تم تحريم النقد واعتباره واحداً من مؤامرات الخارج على الداخل بشكل أو بأخر.

عندما نتحدث عن الحرية لا يعني إننا ندعو لفعل ما يحلو للفرد فعله يتجاوز تبنيات وانساق الجماعة متجاوزاً كل الحدود التي رُسمت كي لا يكون ضاراً على الأخرين، ولا الأخيرة تلغي معتقد ومتبنى الأول لاعتبارات أن الجماعة اكثر تأثيراً على الفرد وهي من تنظم سياقات تفكيره وعمله، الفكرة تنطلق من إننا بحاجة إلى استيعاب إننا نعيش ضمن محددات تجعل من العقل مقيد بدافع الخوف حتى من التفكير، فالسلطة تفرض قيوداً على كل من يحاول أن يكون عنصراً فاعلاً من خلال تقيم عملها وتصحيح مسار توجهاتها، وهي بذلك تجعل من الحرية بكل أنواعها عملاً غير سوي يعاقب عليه القانون المفروض من قبلها، بالمحصلة نحن أمام معضلة كبيرة تتعاظم يوم بعد يوم مسببه فجوة ثقة وشك وريبه من جانب السلطة وقيود وتهميش واستغلال من جانب المجتمع، بالنهاية نحن نعيش اشد مراحل ضياع الحرية والتفكير مرحلة خطرة تمهد لقادم خطير.

القضية المهمة التي لابد من تناولها بمنتهى الدقة والتركيز أن العراق اليوم يحكم بمزاجية من يحكم وليس بمنطق المؤسسات ودورتها الفعلية التي تتناغم مع مجريات الأحداث والظروف، وهنا تكمن أولى درجات التقيد وانحسار التفكير بالتوسع في خيارات العمل السياسي سواء بالانفتاح أو التفكير بالبدائل الداعمة للسياسة الحكومية، بالتالي هناك حقيقتين لابد التطرق لهما الأولى أن تغيير عام ٢٠٠٣ وبالرغم من السخط الشعبي على النظام السابق وسياساته لم يأتي من رحم هذه المعاناة ولا من جراء نضال ما تدعيه الأحزاب الحالية بل حاء على ضوء الاحتلال الذي مارس كل صلاحياته الدولية في سبيل تحقيق غاية وهدف وفق تصورات قائدة هذا الاحتلال التي عدتها من حتميات امنها القومي، بالمحصلة هي من سمحت لهذه الأحزاب أن تتسنم السلطة في العراق وتكون الأمر الناهي له، الحقيقة الثانية أن المحركات الاجتماعية العراقية لم تكن بالمستوى المطلوب سواء بدفع عجلة التغيير في السابق أو البوم من خلال ضعف الأدوات والقدرة على مجاراة الأحداث، وهذا ما جعل السلطة تنظر إلى أي سلوك يهدف إلى التصحيح على انه موجه لها بالدرجة الأساس ويعمل على اقتلاعها من خلال فكرة راديكالية تسعى إلى أن اقتلاع من في السلطة من الجذور، هذا ما يجعل الأحزاب واذرعها تعمل على اجتثاث أي فكرة أو مفكر أو حركة تعمل على تصحيح المسار لان الأخير يرتبط بالأساس أو يُبنى بالأساس على اقتلاع هذه الطبقة الحاكمة.

عليه لابد من التفكير الجاد من قبل الماسكين بالسلطة أن الحرية حق من حقوق الفرد والجماعة الحرية بمختلف الجوانب، وان تكون الحرية هي منطلق التصحيح الإيجابي الفعال، لا بد أن تعمد السلطة إلى بناء جيل يتنفس الحرية ويشعر بفاعليتها على أحداث تغيير إيجابي ينعكس حياته الشخصية أولا والعامة ثانياً، هذا إلى جانب وعيه وتمييزه بين النقد الذي يحقق نتائج إيجابية وبين أن يكون عامل إخلال وعدم توازن داخل الدولة والمجتمع، أن يتبنى فكرة المشاركة والتكامل من منطلق الحفاظ على شرعية وسيادة الدولة لا الاعتماد على الفوضى وعدم الاستقرار، بالمقابل أن تتعامل السلطة مع مدخلات المجتمع بإيجابية وتتفاعل معها لتترجمها إلى مخرجات نافعة تعترف بحرية التفكير والعدالة الاجتماعية وحق الفرد بالعيش الكريم، بالنهاية مجتمع بلا حرية تعبير وتفكير ونقد وحوار يعكس عن محتوى فارغ للدولة وقيادة منهية الصلاحية لا محالة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

كيف يتصوَّر العقل الشيعي (الشعبي) الوجود؟

غالب حسن الشابندر الكون كما نفهمه ظاهراً هو هذا العالَم الذي يحيط بنا، شمس وأرض وبحر وجبال وصحراء وحيوانات ونباتات… كائنات ومخلوقات وظواهر شتى، هذا هو البادي للعيان، وفيما رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أكثر من مستوى نظري للكون، فهو قد يكون هذه الاشياء الظاهرة والخفية، أو هو العلاقات التي تربط بين هذه الاشياء، أو […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram