كتب/ زيدان الربيعي
هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة) تستعرض في حلقتها 145 مسيرة حارس مرمى فرق الأعظمية والشرطة والرشيد والمنتخبات الوطنية السابق وصفي جبار الذي ولد عام 1964 ولعب مباراة دولية واحدة حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بداياتـه
برغم أن مهمة تسجيل الأهداف تستهوي كثيراً من اللاعبين الشباب في بداية ممارستهم للعبة كرة القدم، إلا أن مهمة منع دخول الأهداف في الشباك أيضاً لا تقل متعةً عند تسجيلها عند حراس مرمى الشباب ، لذلك اختار الحارس الشباب وصفي جبار مهمة الوقوف بين الخشبات الثلاث في الفرق الشعبية في نهاية العقد السبعيني من القرن الماضي وذلك لتأثره الكبير بالحراس الكبار رعــد حمودي محلياً والبحريني حمود سلطان عربياً والإنكليزي بيتر شلتون عالمياً، حيث دفعه تأثره بهؤلاء الحراس الكبار للتألق والبروز، وبالفعل كان متمكناً في مركزه، الأمر الذي سهل له مهمة اللعب مع نادي الأعظمية في دوري الكبار خلال موسم 1980-1981 ومن هذا الفريق تم اختياره إلى صفوف منتخب الناشئين الذي حصل على المركز الثالث في بطولة السويد الدولية عام 1981، إلا أن هبوط فريق الأعظمية إلى الدرجة الثانية جعل وصفي جبار ينتقل إلى فريق الشرطة الذي كان يضم الحارس الكبير رعد حمودي وزميله قاسم محمد "أبو حديد"، حيث كان هذا الانتقال صعباً للغاية، لأن فرصته في اللعب تبدو شبه معدودة بوجود الحارسين المذكورين، إلا أن ثقته العالية بنفسه جعلته يتخذ هذا القرار الذي أثبتت الأيام صحته، إذ سنحت له الفرصة في الوقوف في مرمى نادي الشرطة لبعض المباريات التي قدم فيها صورة طيبة جداً جعلت المتابعين للكرة العراقية يتنبؤون ببروز حارس واعد سيكون له ذا شأن في المستقبل القريب، ما دعا مدرب منتخب الشباب اليوغسلافي "آبا" إلى اختياره لتمثيل المنتخب المذكور في الدور النهائي لبطولة شباب آسيا التي جرت في بانكوك عام 1982 وحصل فيها منتخبنا على المركز الثالث بعد أن تعرض إلى خسارتين وفاز في مباراة واحدة فقط.
في عام 1983 اختاره المدرب حازم جسام إلى منتخب الشباب الذي حصل على لقب بطولة كأس فلسطين الأولى للشباب التي جرت في المغرب، إذ أسهمت هذه البطولة في بروز لاعبين جيدين عديدين أصبحوا فيما بعد من الأعمدة الأساسية للمنتخب الوطني أمثال أحمد راضي، شاكر محمود، محمد فاضل، وميض منير وصادق موسى ، بعد ذلك واصل وصفي جبار تألقه مع نادي الشرطة وكان في كل مباراة يقدم مستوى جيداً لذلك تم استدعاؤه من قبل شيخ المدربين الراحل عمو بابا إلى صفوف المنتخب الأولمبي الذي شارك في تصفيات دورة لوس أنجلوس الأولمبية في أدوارها الأولى التي جرت بطريقة الذهاب والإياب وتصدرها منتخبنا بصعوبة على حساب المنتخبين البحريني والإماراتي.
نقطة التحول
في عام 1984 وبعد تعرض الحارس الكبير رعد حمودي إلى الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لأشهر عدة ، أخذ وصفي جبار فرصته الكاملة مع فريق الشرطة وبات يقدم صورة جميلة جداً في مباراة بعد أخرى ، الأمر الذي عزز قناعة المدرب عمو بابا بقدراته ، حيث اختاره إلى صفوف المنتخب الوطني الذي أحرز لقب خليجي "7" في مسقط في العام المذكور وكان حارساً احتياطياً للحارسين الكبيرين فتاح نصيف وكاظم شبيب ، إلا إنه لم يلعب أية مباراة في ذلك الخليجي بسبب استقرار مستوى الحارس فتاح نصيف علماً أن وصفي جبار خاض مباراة واحدة فقط مع المنتخب الوطني في إطار استعداداته لمباريات خليجي "7" وكانت ضد نادي شومن البلغاري في بغداد ، لذلك كان تواجده مع المنتخب الوطني قد مثل نقطة انطلاق مهمة جداً بالنسبة له، لكن الغريب في الأمر أن تألق فتاح نصيف ومن ثم عودة الحارس رعد حمودي من الإصابة يضاف إلى ذلك بروز الحارسين سهيل صابر وسمير عبدالرضا قد أغلق أبواب المنتخب أمام الحارس الشاب وصفي جبار نهائياً.
العودة إلى منتخب الشباب
في نهاية عام 1984 استعان المدربان عادل يوسف ومحمد طبرة بالحارس وصفي جبار لكي يدافع عن عرين منتخب الشباب الذي شارك في تصفيات شباب آسيا التي أُقيمت في مدينة الدمام السعودية حيث لم تكن هذه المشاركة مثمرة بسبب الأخطاء الإدارية والفنية التي حصلت في منتخبنا بتلك البطولة والتي جعلته يخفق في التأهل إلى نهائيات بطولة شباب آسيا لتكون هذه المشاركة هي الأخيرة لوصفي جبار مع المنتخبات الوطنية.
رحلته مع الرشيد
في موسم 84 ـ 1985 انتقل وصفي جبار من فريق الشرطة إلى الرشيد ليبدأ رحلة متميزة من الألقاب المحلية والعربية الكثيرة، فضلاً عن مرافقته أبرز نجوم المنتخب الوطني في ذلك الوقت، الأمر الذي جعله يحصل على خبرة كبيرة جداً، لكن بروز أحمد جاسم وعودة الحارسين الكبيرين رعد حمودي وفتاح نصيف إلى التألق من جديد برغم تقدم العمر بهما لم يسمح لوصفي جبار بالعودة إلى حراسة مرمى المنتخبات الوطنية مرةً أخرى.
العودة ثانيةً الى الشرطة
وبعد أن قضى أكثر من موسم مع فريق الرشيد عاد وصفي جبار ثانيةً لفريقه الأم "الشرطة" ولعب له أكثر من موسم حتى اعتزاله اللعب وتحوله إلى التدريب.
أعــز مبارياته
خاض وصفي جبار العديد من المباريات الجميلة، لكنه يعتز كثيراً بمباراة الشرطة والزوراء في موسم 82 ـ 1983 التي جرت في ملعب الشعب الدولي التي أنقذ فيها مرمى فريقه من أهداف محققة برغم أن تلك المباراة انتهت لصالح الزوراء بهدف جميل جداً سجله عبد المحسن محمد في الدقائق الأخيرة من المباراة، كما يعتز بمباراة الرشيد ضد الزوراء أيضاً وانتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، إذ أنقذ مرمى فريقه من أهداف محققة أيضا من تسديدات مختلفة من كابتن الزوراء فلاح حسن، أما المباراة التي ندم عليها فهي مباراة فريقه الرشيد ضد الشرطة والتي انتهت بالتعادل (1ـ1) لأنه تسبب في الأنفاس الأخيرة من المباراة بضياع جهود زملائه عندما أعطى بطريقة الخطأ الكرة إلى مهاجم الشرطة فيصل عزيز الذي وضعها بكل ثقة في مرماه.حيث أثر هذا الخطأ على نفسية وصفي جبار وكذلك على تواجده مع فريق الرشيد.
مميزاتـه
يمتلك الحارس وصفي جبار الكثير من المواصفات الجيدة من أبرزها الطول الجيد والقدرة على حسم الكرات داخل منطقة الجزاء والمرونة العالية التي يمتلكها والشجاعة المتميزة في الانقضاض على الكرة وانتزاعها من أقدام المهاجمين وخلاصة القول أن وصفي جبار لو جاء في وقت آخر غير الذي جاء فيه والذي شهد وفرة هائلة جداً في الحراس الكبار والشباب لكان له شأن آخر.
أبرز المدربين
حازم جسام، دوكلص عزيز، عبد كاظم، عمو بابا، مجبل فرطوس، محمد طبرة، عادل يوسف واليوغسلافي آبا .
وصفي جبار.. تميـّز رائـع أجهضه الحراس الكبار
نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 06:13 م