علي عبد النبي الزيدي: إننا كتاب خرجنا من معطف حروب كارثية ودكتاتورية فكنا شهود عيان بنصوصنا

علي عبد النبي الزيدي: إننا كتاب خرجنا من معطف حروب كارثية ودكتاتورية فكنا شهود عيان بنصوصنا

يرى انه لا يكتب نصاً معيناً من أجل جائزة هنا أو هناك، على الإطلاق

حاوره/ علاء المفرجي

ولد المؤلف المسرحي علي عبد النبي الزيدي في الناصرية جنوب العراق،

حصل على بكالوريوس فنون مسرحية من كلية الفنون الجميلة كتب العديد من الاعمال الروائية، يدأ يكتب للمسرح كمؤلف مسرحي منذ عام 1984 ، كَتبَ العديد من البحوث و الدراسات المسرحية ونشرها في الصحف العراقية والعربية منذ مطلع التسعينيات ، شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجان الروائية المسرحية العراقية والعربية والدولية.

صدرت له الكتب التالية في المسرح (ثامن أيام الأسبوع)، مسرحيات – عام 2001 دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد، (عودة الرجل الذي لم يغب) مسرحيات – عام 2005 اتحاد الكتاب العرب – دمشق (عرض بالعربي) مسرحيات – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 2011 كتاب جمرات (مشترك) نصوص مسرحية عام 2011 – طبع في سوريا مختارات من المسرح العراقي (كتاب مشترك مترجم للانكليزية) دار المأمون – بغداد 2011 كتاب ( الالهيات ) مجموعة مسرحية 2014 عن دار تموز – سوريا . كتاب مشترك يحمل عنوان (عناء الماس) مع مجموعة من كتاب المسرح العراقي 2015.

حصل على العديد من الجوائز في التأليف المسرحي والروائي منها: جائزة مجلة الأقلام العراقية الأولى للتأليف المسرحي عن مسرحية ( الذي يأتي ) عام 1993 ، جائزة ( يوسف العاني للتأليف المسرحي ) الثانية عام 1996 عن مسرحية ( قمامة )، جائزة ( أفضل نص مسرحي ) في مهرجان البصرة المسرحي عن مسرحية ( كوميديا الأيام السبعة ) عام 1996، جائزة أفضل نص مسرحي عن مسرحية ( ثامن أيام الأسبوع ) في مهرجان منتدى المسرح في البصرة عام 1998، الجائزة التقديرية في مسابقة الشارقة للإبداع العربي عام 1999، جائزة ( الجيل الواعي ) عن مسرحية ( مطر صيف ) في دولة الكويت عام 2005 9- جائزة درع الإبداع ( الأولى ) عن مسرحية ( ثامن أيام الأسبوع ) مهرجان الجامعات العربية إخراج الدكتور فيصل عبد عوده في جمهورية مصر 2007 10- جائزة جريدة المدى العراقية عن نص مسرحية ( يبوووي ) عام 2007 ، الجائزة الاولى في مهرجان البصرة السينمائي عام 2008 عن فلمه ( دكان الثقافة )، جائزة افضل نص مسرحي في مهرجان التربيات عن نصه ( ابن الخايبه ) عام 2011 16- جائزة افضل عمل متكامل وجائزة افضل مخرج وممثل ومممثلة في مهرجان طقوس المسرحي الدولي في الاردن عن مسرحية ( مطر صيف ) من تأليفي واخراج كاظم النصار 2012 ، جائزة افضل عمل متكامل في مهرجان الجزائر المسرحي للمحترفين عن مسرحية (افتراض ما حدث فعلا ) من تأليفي واخراج لطفي بن سبع – الجزائر. ولديه عدد من الروايات هي: رواية بطن صالحه، رواية تحوير روايات مخطوطة، هي التي رأت، رواية خبال.

* الطريق الى عالم المسرح، مرّ بتأثيرات ومصادر منذ الطفولة، حدثنا عن نشأتك التي قادت خطواتك الى حيث المسرح؟

- أقول دائماً تـأثير المدينة (الناصرية) بوصفها الحاضن لكل تفاصيل حياتي، سخونة أحداثها ومواقفها، شخصياتها، شوارعها، مقاهيها، هذه ليست رومانسية.. ولكنني هكذا أراني تأثرت بكل هذا فكونتني، ربما لو ولدت في مكان بارد جغرافياً لم يكن لي أي انجاز كما أجزم أو هكذا أظن! وقد بدأت رحلتي منذ مشاهداتي الأولى للسينما وللمسرح في الناصرية الى ممارسة مرحلة التمثيل منذ نعومة عمري، والحكاية هنا طويلة جداً... هي رحلة على شكل محطات، فيها الكثير من الألم والصعوبات والفقدانات والضياع أحياناً، ولكن في روحها صخب من الذكريات والأحلام والتطلعات والاصرار على النجاحات والانجازات عراقياً ومن ثم عربياً، لم يكن المستحيل حاضراً على الإطلاق في تلك المحطات.. بل كنتُ مصراً ان أكون اسماً مهماً في عالم التأليف المسرحي الذي أعشق واحتراف الكتابة، فتحوّلت الكتابة عندي بعد ذلك الى صنعة ممتعة أسجّلُ فيها مواقفي من الحياة والمجتمع والسياسة والدكتاتوريات وسواها كما تؤكد كتبي وأعمالي التي قدمت على خشبات المسارح في العراق وكل بلدان الوطن العرابي. لقد انطلقت من محليتي حيت الولادة في مدينة الناصرية، والعيش في ضنك المعيشة حيث (الشقة) التي لا تصلح للسكن البشري وما زلتُ أعيش في تفاصليها والتي كتبت فيها أهم نصوصي المسرحية.. فكانت نافذة صغيرة باتجاه العالم الأكبر، عشت في الناصرية وما زلتُ مصراً على البقاء فيها حيث روح تلك المدينة الساحرة المهيمنة كما أراها هكذا بكل تفاصليها الساخنة التي أثرت في وعيي وخيالي وفكري...

* أنت أعدت الاعتبار لكاتب المسرح العراقي، حيث كان النص على يد جيل الكتاب السابق، ركنا اساسيا في تألق العرض المسرحي.. في الوقت الذي هيمن على الكتاب المعاصرين هو تعريف النصوص الاجنبية، ما الادوات التي اعانتك لخوض غمار كتابة النصوص المسرحية والانتصار للنص العراقي؟

- أعتز كثيراً بانتمائي للمسرح العراقي بتأريخه المشرق الذي صنعه العديد من الأسماء المهمة تأليفاً واخراجاً وتمثيلاً.. الجيل الأول وما بعده من كتاب المسرح العراقي كانوا أبناء مرحلة، أو هكذا كانوا ينظرون لفعل الكتابة (الآنية) التي كانت تختفي نصوصهم مع خفوت الأحداث، لذلك كانت نصوصاً مرحلية، أنا أنظر للموضوع من زاوية (الوعي) بمعنى النظر الى المستقبل، أي كيف تُقدّم نصوصك بعد رحيلك عن الحياة لسنوات طويلة على خشبات المسارح، هم ظلوا بحدود المحلي و (الآن) فلم يعد يلتفت لهم أي أحد من المخرجين، وهذه واحدة من الإشكاليات الكبيرة في مسرحنا العراقي التي شخصتها منذ سنوات.. والتي انتبهت لها كما أزعم وأخذت انحاز لما هو انساني رغم أنني أكتب عن الواقع الذي أعيش فيه حتى يمكن لهذه الاعمال أن تعيش ايضاً على مسارح بعيدة عنا جغرافياً. هذه نقطة.. النقطة الأخرى.. ظل المسرح العراقي يحتفي بالنص الأجنبي لعقود طويلة من الزمن.. فكان ينظر للنص المحلي بتعالٍ وتصاغر صارخٍ من قبل المخرجين إلا ما ندر، وأجزم بأنني وجيلي من الكتّاب بالتأكيد نبّهنا الى وجود نصوص محلية قارئة للمشكل العراقي والإنساني والأقرب للقضايا التي نعيشها وهي تقترب الى حد ما من بنية وروح النص العالمي وتحايثه وتشتبك معه. أما الأدوات.. أولها كنت قارئاً جيداً للجيل الذي سبقني من كتاب المسرح العراقي وتعرفت عن كثب على آليات كتابتهم على بساطتها، فتجاوزتُ المرحلية التي كتبوا من أجلها، وأجد أن وعيي تأثر بشكل صادم بما حدث من حروب ودكتاتوريات ومجاعات وسواها.. لذلك كانت نصوصي محتدمة وصارخة وتحمل الكثير من الأسئلة.

* هل لك ان ترسم، وبالكلمات، صورة عن تطور المسرح العراقي وابرز تحولاته ابتداء من بداياته منتصف القرن المنصرم وحتى الان، وخاصة في ما يتعلف بكتابة النص المسرحي؟

- ظل النص المسرحي العراقي في بداياته - بعلمية أقول- بحدود الحكايات البسيطة وأغلبها يحمل (الايديولوجيا) في طروحاته، حتى نصوص يوسف العاني وهو أشهرهم لم تخرج نصوصه بكونها تمثيليات إلا النادر منها، وتقترب بعض نصوصه أن تكون ساذجة بمنطق الكتابة للمسرح اليوم! ولكن أجد الكاتب طه سالم كان مغايراً لكونه تأثر بمسرح اللامعقول وخرج بطريقة وأخرى عن العادي بعيداً عن ما يكتب، ولكن أيضاً محليته الصرفة لم تكتب له أن تقدم نصوصه الآن، أنا أشير بتجرد لكوني مراقباً قبل أن أكون كاتباً، وأؤكد أن بداية النص المسرحي العراقي المهمة بدأت مطلع التسعينيات، وهي مرحلة ذهبية للمشهد المسرحي بعمومه، ففي تلك المرحلة بدأ التجريب في كتابة نص مغاير على مستوى الشكل والمبنى الحكائي وهو يواكب حركة الإخراج التي انتبهت لهذه النصوص واحتفت بها على خشبات المسارح، لست متطرفاً في رأيي أو انتصر لجيلي على الإطلاق.. ولكنني اتحدث بعلمية أن لا مقارنة أبداً بين ما كتبوا وما كتبنا شكلاً ومضموناً ويجب الاعتراف بذلك! لذلك التطور حصل على وجه الدقة مطلع التسعينيات وهو يشتبك مع المشهد النقدي والإخراجي في العراق آنذاك، ناهيك أننا كتاب خرجنا من معطف حروب كارثية ودكتاتورية التهمت أخضر العراق فكنا شهود عيان بنصوصنا التي كتبناها في تلك المدة المحتدمة.

*تنتمي أغلب نصوصك الى (اللامعقول) الذي حاول رموزه في استلهام اللاجدوى بنصوص اعتمدت غربة الانسان.. انت استخدمت هذا التيار في المسرح بما يقربك ويقرب مشاهد نصوصك على تفاصيل وهموم مجتمعك.. ما تعليقك؟

- كان قبلي صاموئيل بيكت ويوجين يونسكو قد اعترضا على مصطلح نصوص مسرح اللامعقول الذي اطلقة الناقد مارتن إيسلن مطلع الخمسينيات. إنهم يرون أن نصوصهم الجديدة تشتغل وفق ما أسموه بـ (الضد) بمعنى أن نصوصهم كانت بالضد مما حدث في الحرب العالمية الثانية من كوارث انتهت بقنبلة نووية على هيروشيما ونكازاكي في اليابان، لأن ما حدث هو المعقول مع تزايد ترسانات الأسلحة والاستعداد المتواصل للحرب والقتال، أي أن الواقع انذاك كان يميل لفكرة الحرب والبطولات والاحتلالات وسواها فما معنى ان يقتل اكثر من سبعين انساناً في تلك الحرب؟ وكأن شيئاً لم يحدث! ولكن مسرحهم كانت بالضد، وما حدث يقترب من نفس الظروف التي عشنا تفاصيلها في العراق.. لذلك أميل كثيراً لمفردة (الضد)، فقد كتبتُ ضد الحروب وما خلفته في تهديم لبنية المجتمع، وكانت نصوصي أيضاً تشير بدقة للدكتاتوريات المتعددة، وأشرت للضحايا عبر عقود من الزمن المظلم، ومن هنا أجد كتاباتي تشكل وثائق ابداعية عبَّرت عن مراحل جحيمية عاشها المجتمع العراقي، وأجد بهذا المفهوم الأقرب لقراءة الكوارث التي حدثت في واقعنا وما زالت تحدث.. وبطبيعة الحال أومن تماماً بـ (التمرد) وهذا التيار هو الأكثر تمرداً على المقاسات والاشتراطات التي سبقتهم. ربما استفدت من تلك التجارب ولكنني بعد رحلة طويلة من الكتابة للمسرح –كما أزعم- أكتب نصاً عراقيا متمرداً له روحه ومناخه وبيئته لا يشبه ما كتبه كتاب مسرح اللامعقول.

*كيف تفلسف النظر الى العلاقة مع المقدس، وبالذات مع مسرحيتك (يا رب)..؟ وكيف استطعت النأي بها عن (سلطة القصدية) واتهامات بالتكفير.. خاصة وانت قلت في حومة الجل هذا ان الاله (ملاذ آمن)؟

- بعد أن قدم نص (يا رب) كعرض مسرحي من قبل العديد من المخرجين العراقيين الذين اعتز بتجاربهم.. منهم الدكتور محمد حسين حبيب والمخرج احمد موسى والمخرج فارس الشمري والمخرج مصطفى الركابي وكلها تجارب عراقية مهمة.. توجهت لي بعدها الكثير بأسئلة وعلامات التعجب حول هذا المنحى الذي لم تعتد عليه خشبات المسارح عندنا عراقيا وعربياً، وبدأت معها هجومات تكفيرية حادة في مضمونها وهي أقرب للمحاكمات الشرعية منها للنقد العلمي.. حتى ان مهرجاناً عربياً معروفاً عدَّ العرض خطأ فادحاً لن يتكرر مرة أخرى، وهكذا ذهب الكثير الى الفعل (القصدي) وصار الموضوع يتداول (منبرياً).. أو هكذا أصف تلك الآراء التي ذهبت للفعل القصدي وليس للمسرح بوصفة مختبراً للكتابة.. فأنا كاتب خرج من معطف واقع عاش هزّات متواصلة أحدثت شرخاً في جدران هذا البلد وكنت احتاج الى زوايا نظر جديدة في فعل الكتابة الجديدة، فقد كنا نعيش فعل القتل ونتعايش معه وكأننا ببساطة نرتشف الشاي، لذلك أنا كنتُ أريد أولا أن نعيد صياغة العلاقة مع المقدس الذي افهمه بطريقتي الخاصة، وأيضاً أجده الملاذ الأسمى بالنسبة لي للخلاص أو البوح أو العتاب أو سمِّها ما شئت.. المهم لا تخرج عن صيغة تلك العلاقة السامية بين العاشق والمعشوق لما فيها من تصوّف لا يدركها إلاّ من ذاب في المقدس بشتى تسمياته، لذلك أشير أن مجموعة المسرحيات التي كتبتها وفق هذا المناخ وأطلقت عليها بـ (الإلهيات) وصدرت بكتابين.. ربما هذه النصوص كتبت لأجيال قادمة أكون قد رحلت عن هذه الحياة، أولئك الذي سيقرأون هذه الأعمال بهدوء ودون انفعال، وواثق تماماً سيشيرون ببالغ الاهتمام لهذه الكتابات المختلفة ومن خلالها أيضاً يدركون حجم الكارثة التي حدثت للوطن.

* في (مطر صيف) تعدى نجاحك في الداخل العراقي الى خشبات المسرح العربي، فكان نجاحا عربيا أيضا.. رغم ان النص يفترض مشاهدا عراقيا تلظى بهموم العراق؟ ما تعليقك؟

- هذه واحدة من الأساسيات في فعل الكتابة عندي.. وهي: كيف تكتب نصاً مسرحياً انسانيا ينطلق من الواقع العراقي ليخاطب الآخر البعيد ويؤثر فيه، لذلك أشتغل وفق هذه الفرضية التي أراها تخلّد النص المسرحي لسنوات بعيدة وتجعله متداولاً على خشبات المسارح.. ونص (مطر صيف) هو نموذج لهذا الاشتغال القصدي عندي، طبعاً قدِّم هذا النص من قبل مخرجين مهمين منهم المخرج الرائع علي عادل من البصرة وكان عرضا رائعاً ومدهشاً حقق حضوراً مميزا في مهرجانات عراقية وحصد جوائز كثيرة فيها، أما العرض الثاني كان للمخرج الكبير كاظم نصار وبتمثيل الرائعين هناء محمد وفاضل عباس.. وبقراءة جديدة حيث عرض العمل في مهرجان عشيات طقوس الدولي للمسرح في الأردن وحصدوا جميع الجوائز بامتياز عال.. وهذا يؤكد فرضية أن النص لابد أن يخرج من محليته باتجاه أن يلامس مشكلات الآخر وهمومه وأحلامه وإلاّ سيظل بحدود الجغرافيا ومحدوديتها.. ولا أبالغ اذا قلت عندما عرض هذا العمل على مسارح الأردن كان التلقي ربما اكثر احتداماً من المتلقي العراقي نفسه رغم ما حققه من أصداء في العراق، وهذه اشارة مهمة ان تنتمي بنصوصك للآخر الإنساني فأنت في النهاية جزء من هذا العالم.

*وهنا اسأل ايضا عن معالجة نصوصك عن الفرق بين مخرج عرض عربي وعراقي .. خاصة وان هناك مشتركات كثيرة مع المخرج العراقي.. ماذا تخبرنا عن ذلك؟

- بين المخرج العراقي والكاتب هناك ما نسميه بـ (العقد المشترك) بمعنى أن هناك هموم وتطلعات واحلام مشتركة، خاصة واننا نعيش نفس المشكل، لذلك المخرج العراقي يدرك الأسرار في حين ان المخرج العربي يتناول النص من وجهة نص انسانية عامة ربما لها اسقاطات على وقعه ايضا، ولكن بالمجمل ومع القراءات الممتازة من قبل المخرجين لنصوصي المسرحية أصبحت تقترب أكثر فأكثر هذه المشتركات خاصة وأن العديد من البلدان العربية تتشابه معنا بالكثير من الأحداث، وأصبحت هذه الصوص متاحة لهم حتى على مستوى الدرس الأكاديمي.. ولكن يظل المخرج العراقي بروحه هو الأقرب لفهمي مع وجود استثناءات عربية بالتأكيد.

*هل تتعرض نصوصك المسرحية الى تأويل لا ينسجم مع خطاب النص الاصلي على يد المخرجين، بالشكل الذي يجعلك تتدخل أحيانا؟ وأي المخرجين الذي منح نصك كامل ابعاده الفنية والفكرية؟

- هذا هو الذي يحدث كثيراً بسبب التناول السطحي للنصوص –مع الاستثناءات طبعا- فالأزمة تكمن كما أرى في ضيق الأفق والوعي، ومحدودية الخيال عند بعض المخرجين.. فيذهبون للعادي في تناول هذه الأعمال على خشبات المسارح، ولا أميل لذكر الأسماء التي قدمتني بشكل ممتاز فهذا يثير حفيظة ممن لا أذكر اسماءهم، ولكن بالمحصلة تظل قراءات المخرجين محترمة بالنسبة لي مهما كان وعيه وقدرته ان يقدم لنا عرضاً مهماً ومبهراً، وبالتأكيد هناك من قدمني بشكل مدهش واضاف الكثير لروح النص، وهم مخرجون عراقيون افخر بهم.

*حصلت على الكثير من الجوائز لنصوصك.. كيف تنظر الى الجوائز هل تراها أشاعت نمطاً من الاستسهال والميوعة في الكتابة، أم تراها تنطوي على مقاصد نبيلة في جوهرها؟

- أشير دائما أن الكتابة للمسرح هو مشروع عمر كامل.. هذا العمر الذي وهبته جملة وتفصيلاً للمسرح.. لذلك لا أكتب نصاً معيناً من أجل جائزة هنا أو هناك، على الإطلاق.. هي تأتي هكذا دون موعد لأرشح لها نصاً كُتبَ أصلاً وفق مفهوم المشروع الذي أومن وأسعى لتطويره دائماً، ومن هنا تأتي الجوائز تعزيزاً لفعل الكتابة النبيلة الخارجة من الهم اليومي، وأيضاً هو فرصة طيبة للقارئ البعيد أن يعرف كيف يفكر هذا الكاتب الذي يعيش في جنوب العراق بعزلته المعروفة، والأهم تختبر بعض نصوصك عربياً في فهم الآخر لها، ومدى تأثره بها. الجوائز الكثيرة التي حصلت عليها عربياً وعراقياً تأتي عادة لتصنع بعض السعادات المؤقتة التي أحتاجها في واقع شحّت فيه السعادة، وحقيقة فوجئت بآخر جائزة حصلت عليها في مسابقة مهرجان القاهرة للنصوص التجريبية وحصولي على الجائزة الأولى بحجم حب الناس لي في كل مدن العراق وهذا الذي ابكاني فرحاً وجعلني أعيش سعادة لا توصف وأنا في مدينة القاهرة يومها، وقد وجدتُ زخماً هائلاً في التواصل الاجتماعي لهذا الحب الذي أثرَ فيَّ كثيراً وهو أسمى الأشياء التي يمكن أن أحصل عليها.

* كيف ترى المشهد المسرحي العراقي الان؟

- أنظر للمسرح العراقي بتفاؤل كبير دائماً، وأقول هو البقية الباقية الأهم في تأريخ الفن العراقي الذي ظل يقدم عطاءات وتجارب مهمة لأسماء نفخر بها، ويشير لها المسرح العربي باعتزاز كبير، وبحكم اقترابي من المسرح العربي أجد أن المسرح العراقي له روحه الخاصة ومواضيعه الصادمة وتجارب المخرجين المختلفة التي تؤكد وجوده في الصدارة مع بعض الدول العربية.. حتى جيل شباب المسرح اليوم أجد فيهم الكثير من الاختلاف والتميز عن اقرانهم العرب.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top