بغداد/ المدى
تستعد الحشود في العراق للخروج في تظاهرات احتجاجية كبرى في الأول من تشرين الأول المقبل، وهو الذكرى السنوية لاندلاع ثورتهم في العام 2019 ضد نظام الحكم التي أفضت إلى استقالة رئيس الوزراء حينها عادل عبد المهدي.
ومع استمرار أزمة تشكيل الحكومة في العراق وانتهاء هدنة الزيارة الأربعينية التي سادت أجواء المفاوضات السياسية، تتجدد المخاوف من تصاعد الأحداث وانضمام أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الاحتجاجات المرتقبة ما قد يؤدي الى صدامات او اقتحام للمنطقة الخضراء.
وبدأت الأجهزة الأمنية في بغداد إجراءات احترازية مبكرة، حيث تقوم في أوقات متأخرة بممارسات امنية وقطع للجسور والتدرب على كيفية الانتشار السريع وتنفيذ عمليات القبض بطرق مختلفة، كما رافق ذلك إجراءات لتحصين المنطقة الخضراء التي تضم مقرات حكومية ودولية ولكنها شهدت اقتحام أنصار التيار الصدري لها في مرتين خلال أسبوع واحد ليقيموا اعتصامهم لأكثر من 40 يوما انتهت بمواجهات مسلحة اوقفها خطاب الصدر حيث سحب أنصاره من هناك خلال دقائق.
استعدادات مكثفة وساحات معينة..
ويستخدم الناشطون المؤيدون لتجدد الاحتجاجات مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً تطبيق "كلوب هاوس"، الذي شهد خلال الأيام الماضية تحشيداً من قبل الناشطين بهدف تجديد الحضور في الساحات والميادين، لرفض ما يصفونه "سلطة السلاح"، وحكم "الأحزاب الدينية"، وتحكّم الفصائل المسلحة بمستقبل العراقيين.
كما يريد الناشطون من خلال تظاهراتهم توجيه اللوم والنقد للحكومة والبرلمان والطبقة السياسية التي يرونها فشلت في تحقيق أي من مطالب المحتجين، وتحديداً ما يتعلق بمطالب "محاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة"، فيما يؤكد معظم قادة الاحتجاجات المعروفين في مناطق وسط وجنوب البلاد، أن المتظاهرين تمكنوا خلال الفترة الماضية من ترتيب صفوفهم وتنظيمها.
في هذا السياق، أكد الناشط المدني، احمد الوشاح، وجود استعدادات من قبل المتظاهرين للخروج يوم 1 تشرين الاول المقبل في الذكرى الثالثة لاحتجاجات تشرين 2019.
وقال الوشاح في حديث لـ (المدى)، إن "المتظاهرين يستعدون في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية للخروج بذكرى احتجاجات تشرين وسط تأييد كبير من اقليم كردستان والمحافظات الغربية،" مبينا ان "التظاهرات ستكون تأكيدا على استمرار تشرين ومطالبها واهدافها لإزالة المنظومة المليشياوية والحزبية الفاشلة".
وأضاف، ان "المطالب ستكون تجديد الرفض للفساد والسياسة القمعية فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين، مشيرا الى أن لا مطالب جديدة ستكون"، فيما أشار الى أن هناك جهات ستشارك وهي لا تنتمي لمتظاهري تشرين بل جهات اخرى في تظاهرة سيكون عددها الاكبر في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، مؤكدا ان هناك جهة اخرى تدعى تنسيقية التظاهرات تدعو لتظاهرات اخرى في ساحة النسور ومن ثم اقتحام الخضراء.
وبينما عبر الوشاح، عن "وجود مخاوف من تواجد الصدريين في ذكرى التظاهرات لكونهم يحشدون بشكل مخفي للنزول، وربما يؤدي ذلك لحصول قمع نتيجة دفع المتظاهرين نحو المنطقة الخضراء، أكد ان متظاهري تشرين لا يفكرون باقتحام اي مؤسسة حكومية ولن يكون هناك اي اعتصام لتظاهرات تشرين.
حزمة مطالب مختلفة
وعلى الرغم من عدم صدور أي موقف عن "التيار الصدري" الذي يتزعمه مقتدى الصدر، بشأن المشاركة في الاحتجاجات من عدمها، إلا أن ناشطين يخشون اقدام الصدريين على ما يعتبرونه "ركوباً للموجة"، واستغلال تواجد المتظاهرين في ساحات بغداد في الأول من أكتوبر، لاقتحام المنطقة الخضراء مرة جديدة، وسقوط ضحايا.
وفي حديثه عن حزمة مطالب تختلف عما طرحها الناشط احمد الوشاح، يقول القيادي في حركة امتداد، مسعد الراجحي، لـ (المدى)، إن "مطالبنا في التظاهرات والتي انبثقت عنها حركة امتداد وجماهير تشرين جميعهم هي تنحصر بمطالب وطنية تسعى لحكومة منطقية مستقلة تحقق رغبات الجماهير"، لافتا الى ان "الجماهير تريد حكومة انتقالية مدتها عام واحد ويشغلها المستقلين وتعد لقانون موازنة مالية خلال مدة 45 يوم من تشكيلها".
وأضاف الراجحي، أن "الحكومة المطلوب تشكيلها يجب عملها على تفعيل قانون 36 لسنة 2015 الخاص بالأحزاب ودعوة الامم المتحدة للأشراف على عملية انتخابية جديدة، كما يجب تعهدها بتقديم قتلة المتظاهرين وفتح ملفات المغيبين".
اما ما سيقوم به مجلس النواب بهذه الفترة الانتقالية، وصفه الراجحي بانه سيقوم بإتمام التعديلات الدستورية بأجراء تغيير شكل النظام وتصوت على قوانين مهمة يحتاجها المواطنين ثم تحديد موعد حل المجلس واجراء الانتخابات.
من سيقتحم الخضراء؟
وحول إمكانية تجدد اقتحام المنطقة الخضراء من قبل متظاهري تشرين وكما فعلها أنصار الصدر قبل عدة أسابيع، عبر الراجحي بقوله إن "الدعوة التي تتبناها امتداد هي تظاهرات سلمية في مكان معين وربما تكون هناك اقتحامات للخضراء وهو امر يقرر بين المتظاهرين وهو امر معني بقوة التطمينات او الالتزامات التي يمكن صدورها من السلطات للمتظاهرين".
من جهته، تحدث رئيس حركة "نازل اخذ حقي"، مشرق الفريجي، عن أن كل الساحات التي ستكون فيها تظاهرات هي تحمل هدف التغيير الجذري الشامل في البلاد، مبينا ان هناك مطالب رئيسية كمحاسبة القتلة وحصر السلاح بيد الدولة وتطبيق قانون الاحزاب وهي مطالب تبحث عنها قوى التغيير الديمقراطية.
وكشف الفريجي، في حديثه لـ (المدى)، عن وجود " 4 ساحات لغاية الان محددة للتظاهرات وهي في ساحة الحبوبي في ذي قار وساحة الصدرين في النجف، بالإضافة لتظاهرات ساحتي النسور والتحرير في بغداد، مشيرا الى ان الجميع يبحث عن السلمية في التظاهرات وسيكونون بواقعية بمطالب واحدة".
وتابع، ان "اي محاولات لتصدير معلومات بوجود تنسيق بين الاحزاب السياسية المرفوضة مع التظاهرات هذا ضرب من الخيال، مؤكدا ان الاحزاب التشرينية لن تتواجد في التظاهرات بأسمائها الحزبية لكن بأسمائهم كأشخاص متظاهرين".
وحول إمكانية التحول الى اعتصامات، أجاب الفريجي: "كلما زاد التعاطي السلبي مع الاحتجاجات ستكون النتائج بالتصعيد الاحتجاجي بشكل أكبر، مؤكدا ان كل شيء وارد في التظاهرات من اقتحام للخضراء او الاعتصامات لفترة وكله يتوقف على تعامل السلطة مع المحتجين".
وكانت تظاهرات قد خرجت في ساحة النسور، وسط العاصمة بغداد، مطلع الشهر الحالي، قد رفع الناشطون فيها شعاراتهم إن المهلة للأحزاب ستنتهي بعد زيارة الأربعين التي جرت الأسبوع الماضي في كربلاء، لكن خلال اليومين الماضيين شهدت العاصمة بغداد استنفاراً أمنياً كبيراً في الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء.
تشرين ستحمي نفسها..
وبعد تجارب عديدة للتظاهرات في الفترة الماضية، يرى المتظاهرون اليوم وجوب تنظيم صفوفهم أكثر وتوفير الأجواء الامنة لأنفسهم عبر لجان ستكون مهمتها التنظيم والاحاطة بالجموع لمنع الاختراقات.
وعلى صعيد متصل، يؤكد الناشط، علي الدهامات في حديث لـ (المدى)، أن "التظاهرات لن تكون مركزية في بغداد او في محافظة معينة وستكون هنالك محافظات مثل الناصرية النجف ستشهد تظاهرات وقسم اخر من المحافظات ستحضر الى بغداد"، مبينا ان " ذلك سيحصل في وقت اخذ اشخاص على عاتقهم ان تكون تظاهراتهم في ساحة النسور ".
ويشير الدهامات، الى أن "احرار بغداد ستكون تظاهرات في ساحة التحرير ولكن هنالك تواصل مع من سيتظاهرون في النسور لتنسيق عبور أي منهم للأخر"، موضحاً أنه "تم تشكيل لجان تتضمن أكثر من 200 الى 250 شخصا لغرض تنظيم واحاطة الساحات ".
واندلعت التظاهرات العراقية في 1 تشرين الاول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.
وشهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، لا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ "الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة بهذه الأعمال.
اترك تعليقك