 بغداد/ تميم الحسن

منذ ايام يتواجد وفد من الإطار التنسيقي في النجف بانتظار الضوء الاخضر لمقابلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في وقت كشفت مصادر عن مليارات يتقاسمها جزء محدود من الفصائل في البصرة وراء اشتعال الصراع في المدينة الغنية بالنفط.

ووصلت أمس التعزيزات العسكرية الجديدة الى البصرة بعد الاعلان عن محاولتي اغتيال أحدهم لنائب في "الإطار"، فيما تراجع صالح محمد العراقي المعروف بـ "وزير القائد" عن قرار التجميد شبه الكلي لسرايا السلام التابعة للصدر وحصره في البصرة فقط.

بالمقابل عادت أمس، كتائب حزب الله (حركة حقوق) الى البرلمان بعد يوم واحد من اعلان الحركة على عدم وجود تمثيل لها في مجلس النواب.

وعقد مجلس النواب أمس جلسة خصصت لمناقشة القصف الايراني، وتأدية اليمين الدستورية لبعض النواب البدلاء، فيما شهدت بغداد قطع شوارع وجسور رئيسة.

وأدى حسين مؤنس رئيس حركة حقوق (المظلة السياسية لكتائب حزب الله) اليمين الدستورية بديلا عن نواب التيار الصدري الذين استقالوا في حزيران الماضي.

وارتفع عدد مقاعد "حزب الله" من 1 الى 6 مقاعد بعد استقالة الصدريين، فيما ادى يوم أمس 3 نواب فقط من الحركة اليمين الدستورية، وهم نادية العبودي عن البصرة، سعود الساعدي عن بغداد، اضافة الى مؤنس.

وفي حزيران الماضي، أعلن حسين مؤنس انه قرر الانسحاب من البرلمان وعدم اخذ مقاعد "الاخوة في الكتلة الصدرية".

وقال مؤنس في كلمة مصورة حينها، إن "العملية السياسية مرت بأزمة معقدة ناتجة عن التباين في توجهات الأطراف الفاعلة في إدارة الدولة".

واضاف "نؤكد على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة جديدة قوية قادرة على إدارة الدولة في هذه المرحلة"، مبينا "اتخذنا قراراً بالانسحاب من مجلس النواب وعدم إشغال مقاعد المستقيلين لأننا لن نكون بديلاً عن الأخوة في الكتلة الصدرية".

وجاء قرار عودة نواب حقوق الاخير، بعد يوم واحد من بيان اصدره ما يعرف بـ "أبو علي العسكري" المتحدث باسم كتائب حزب الله، والذي أكد فيه عدم اشتراك الحركة في الحكومة "وليس لديها اي تمثيل في مجلس النواب".

وقال العسكري في تغريدة على "توتير" ردا على عدم تحرك الفصيل رغم اعلانه السابق قبل نحو شهرين، التدخل لـ "حماية السلم الاهلي"، بان الكتائب: "لم تلمس تهديدا جديا حتى تتدخل لحماية اهلنا وبلدنا".

وأعلنت الكتائب في آب الماضي، أنها ستتخذ قرارات ميدانية لحماية السلم المجتمعي، بالتزامن مع تصاعد التوتر آنذاك بين "التيار" و"الإطار".

وقالت الكتائب حينها إننا "سنتخذ قرارات ميدانية تهدف إلى حماية السلم المجتمعي، عملا بالتكليف لدفع الشر عن شعبنا العزيز".

وحذرت الحركة آنذاك مع وجود انصار الصدر في البرلمان، من أن "لغة التأجيج، والاستقواء بالجمهور، وترويع الآمنين، والتعدّي على الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل مصالح الناس، وجرّهم إلى المجهول؛ قد يؤدي إلى صراع داخليّ يعود بالبلاد إلى عهد الظُّلم والاستبداد، والدكتاتوريّة والمقابر الجماعيّة".

وكان مؤسس الحركة حسين مؤنس قد اتهم بحسب تسريبات، بانه هو نفسه "ابو علي العسكري" الذي نشر عدة تغريدات سابقة هددت قوى سياسية ومؤسسات رسمية من ضمنها رئيس الحكومة الحالي.

وحصلت حركة حقوق التي تأسست في آب 2021، قبل شهرين من الانتخابات الاخيرة، على 3 مقاعد بديلة في بغداد، ومقعد واحد في كل من ذي قار والبصرة.

وفي شأن الازمة السياسية، فان مصادر في الحنانة حيث معقل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مدينة النجف، اكدت لـ(المدى) ان "طرفين من الثلاثة المشؤومين-حسب وصف الصدر-متواجدين منذ نحو 10 ايام بانتظار مقابلة الصدر".

وكان وزير القائد المقرب من الصدر، قد وصف في آب الماضي، دولة القانون، العصائب، وتيار الحكمة، بالثلاثي المشؤوم داخل الإطار التنسيقي، خلال تحذيره من اندلاع "حرب اهلية" على خلفية اتهام الثلاثة بتحريك تظاهرات مضادة للصدريين المعتصمين داخل المنطقة الخضراء.

ولم يكشف المصدر عن هوية الطرفين المتواجدين حاليا في النجف، لكنه يرجح بان "رسائل وصلت الى تلك الاطراف بان زعيم التيار لن يستقبل اي أحد من الإطار".

وكان الصدر قد وافق الاسبوع الماضي، على دعوة جينين بلاسخارت ممثلة الامم المتحدة في العراق على الحوار، مشترطا ان يكون "علنيا"، فيما لم تتفاعل القوى الشيعية مع ذلك الشرط.

وبحسب تسريبات فان من المرجح ان يكون هادي العامري زعيم منظمة بدر والداعم لفكرة التسوية مع الصدر او ممثلين عنه، أحد المتواجدين في الحنانة لمقابلة زعيم التيار الصدري.

وبحسب تلك التسريبات ان العامري وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي "لم يوقعا حتى الان على ائتلاف ادارة الدولة" وهو وراء تعثر الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة.

ومن المفترض ان يكون أمس، قد اجتمع الائتلاف الجديد الذي لم يعلن عنه حتى الان بشكل رسمي، لمناقشة قضية تشكيل الحكومة التي تواجه عثرات.

وبدأت أطراف في "الإطار" بالتحدث عن مهلة شهر واحد امام القوى الكردية لحسم اسم مرشح رئاسة الجمهورية، وفق الاتفاق الذي فرضه التحالف الجديد والذي يضم كل القوى السياسية باستثناء الصدر.

ويعيش "الإطار" حالة من القلق بسبب تصاعد العنف في الجنوب، خصوصا بعد تلويح "وزير القائد" بأخذ اجراءات اخرى لم يكشف عنها إذا لم يتم تحجيم "المليشيات الوقحة".

ودعا وزير الصدر في تغريدة يوم الخميس نقلاً عن زعيم التيار قائد القوات المسلحة الى "كبح جماح ميليشيات قيس الوقحة (في اشارة الى العصائب بزعامة قيس الخزعلي) وأمثالها فهي لا تعرف غير الإرهاب والمال والسلطة".   

وأضاف العراقي، "وبدورنا.. ولدرء الفتنة في محافظة البصرة.. نعلن تجميد كل الفصائل المسلحة -إن وجدت -بما فيها (سرايا السلام) ومنع استعمال السلاح في جميع المحافظات عدا (صلاح الدين): (سامراء وما حولها) أو حسب توجيهات وأوامر القائد العام للقوات المسلحة الحالي" (أعلن وزير القائد بعد ذلك تجميد السرايا في البصرة فقط).

وتابع وزير الصدر، "وبخلافه.. فسنتخذ إجراءات اخرى لاحقاً.. فترهيب وإخافة المدنيين وإرعابهم أمر محرم وممنوع والاقتتال الداخلي محرم وممنوع".   

وبحسب مصادر في البصرة، فان لواء عسكرياً قادماً من بغداد استقر داخل القصور الرئاسية المطلة على شط العرب، بعد ايام من استهداف المنطقة والتي تضم مقرا رئيسا للحشد بالصواريخ.

وأعلن الجمعة عن محاولة اغتيال فاشلة ضد النائب عن "الإطار" والقيادي في كتائب سيد الشهداء فالح الخزعلي، بعد يوم واحد من محاولة مماثلة لاغتيال رجل الدين خالد الملا، وهو مرشح سابق عن تحالف الفتح.

ويقول مسؤول محلي سابق في البصرة في حديث لـ(المدى) ان "30 فصيلاً مسلحا ينشط في البصرة، فيما تسيطر 5 منها على نصف ما يدخل من ايرادات للبصرة من المنافذ الحدودية الستة".

ويقدر المسؤول الذي طلب عدم الافصاح عن اسمه "ايرادات البصرة بنحو 100 مليار دينار سنويا، نصفها فقط الذي يصل الى الدولة والباقي تأخذه الفصائل".

ورفض المسؤول السابق الكشف عن اسم الفصائل الخمسة لكنه أكد ان "هذه الفصائل تستحوذ على 70% من ايرادات المنافذ المسروقة (التي قدرها بنحو 50 مليار دينار) والباقي يوزع على الفصائل البقية".

ويتحدث المسؤول السابق عن "تدخل في الكمارك والضرائب وعدم تسجيل بعض السفن التي تدخل الى الموانئ بالإضافة الى الإتاوات والسيطرة على شركات الشحن والنقل".

ويقدر بحسب بيانات رسمية، إيرادات منفذ ميناء ام قصر لوحده بنحو أكثر من مليار دينار يوميا، بالإضافة الى 6 مليارات دولار شهريا لمنفذ الشلامجة البري.