لا قرّاء ولا كتب قيّمة في مكتبة مجلس النواب  المهجورة !

لا قرّاء ولا كتب قيّمة في مكتبة مجلس النواب المهجورة !

تفخر برلمانات العالم بامتلاكها مكتبات عامرة بالكتب القيمة بهدف تمكين النواب من الحصول على المراجع والمصادر العلمية والثقافية والأدبية لمساعدتهم في تأدية مهامهم وتقديم الخدمات اللازمة للعاملين في المجال القضائي والدستوري والحكومة، على اعتبار أن مكتبة البرلمان مكتبة وطنية تقوم بحفظ الكتب والمطبوعات الحديثة والمخطوطات النادرة والمراجع كجزء من التراث الوطني ولوضع قاعدة بيانات للوصول إلى هذه المطبوعات من قبل النواب والحكومة والمواطن الاعتيادي، لكن مكتبة مجلس النواب بدت فقيرة إلى الكتب والقراء باعتراف نواب وعاملين فيها.

واعتبر حسام الحاج وهو صحفي يعمل داخل مجلس النواب أن "الكتب الموجودة في مكتبة البرلمان هي كتب تقليدية وليست ذات قيمة علمية عالية كما تشهده مكتبات دول العالم باحتوائها على كتب نفيسة وقيمة ومخطوطات نادرة". 

وقال الحاج لـ"المدى" أمس إن "مجموعة من الضوابط والتعليمات تحكم عمل هذه المكتبة وهذه الضوابط تفرض على الموظفين عدم إعارة الكتب إلا للنواب والموظفين العاملين على الملاك الدائم حصرا ولا يمكن إعارتها للصحفيين أو موظفي العقود"، مشيرا إلى انه استعار بعض الكتب من المكتبة بكفالة النواب إذ تستحيل الاستعارة إلا بوجود الكفيل الذي يجب أن يكون برلمانياً"، مبينا أن "المكتبة تفتقر الى المصادر المهمة ، فضلا عن عدم تنوعها واحتوائها على الكتب التقليدية فقط". 

الحاج قال أيضاً إن "اقل مكان يزوره النائب هو المكتبة التي ينعدم فيها أيضاً متسع للجلوس بشكل جيد"، لكنه يعرف نائبين اثنين يرتادونها وهما طلبة دراسات عليا يقومان باستعارة الكتب العلمية الخاصة بدراستهما. أما "بقية أعضاء المجلس فأعتقد أنهم لا يعلمون بوجود مكتبة أصلا"، كما يعبر ويؤكد أنه في بعض الأيام يهجرها الجميع فتبدو موحشة لا سيما في أيام عمل اللجان". 

ومن جهته رأى رئيس لجنة الثقافة والإعلام النيابية علي الشلاه "وجود المكتبة في مجلس النواب أمرا ضروريا لحاجة الأعضاء لإجراء البحوث العلمية أو التاريخية أو القانونية وان مركز البحوث يعنى أحيانا عند تكليفه من قبل اللجان المختلفة بكتابة البحوث والدراسات ويجب أن تتوفر كتب ومصادر ومراجع تغطي كل الموضوعات التي يحتاجها النواب أو الباحثين لإجراء تلك البحوث والدراسات".

وأضاف الشلاه الحاصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي لـ(المدى): "الكتب هنا مختلفة ومتنوعة، ولكنها ليست على مستوى الطموح، إذ تركز على الجانب القانوني والتشريعي فهي بحاجة إلى بحوث قانونية مقارنة قادرة على تلبية حاجة النواب من اجل سد الثغرات في القوانين ومشاريع القوانين".

وأقر بحاجة مجلس النواب إلى "مكتبة كبرى تكون متاحة للباحثين وتحتوي إصدارات مهمة ودراسات حديثة ومخطوطات نادرة لأن الجانب التشريعي يحتاج الى اهتمام اكبر ويجب ان ينجز مجلس النواب مبانيه خارج البناية الحالية وان تتكامل مؤسساته وتتضمن مكتبة كبيرة وحديثة تكون مؤهلة لإقامة الدراسات وبحوث المقارنة"، وأكد أن لجنته تلجأ في كثير من الأحيان لمكتبة البرلمان.

ويأمل النائب أن "تكون مكتبة البرلمان مكتبة استثنائية كما هو حاصل في الدول الأخرى بعد استقرار الوضع الأمني، وتكون الكتب متاحة لقراء وباحثين من خارج المجلس".

وعزت النائبة سهاد العبيدي عدم حضور النواب إلى المكتبة إلى أن "وقت النائب ضيق، وما يمنعه عن القراءة في المكتبة انشغاله بحضور الجلسات أو الاجتماع باللجان أو مقابلة بعض الوفود، اذ ان النائب يعمل أسبوعا كاملا بحضور الجلسات والأسبوع الآخر يكون لمتابعة أمور الناس ومشاكلهم في بغداد والمحافظات لذلك أجد أن الخلل ليس في المكتبة لكن بعدم وجود الوقت الكافي للنائب لزيارة المكتبة". 

لكن النائبة ميسون الدملوجي قالت لـ"المدى"، أن "واقع الثقافة العراقية بصورة عامة لا يتناسب مع الإرث الثقافي والحضاري للبلد ومكتبة البرلمان لا تلبي الطموح واغلب الكتب بين رفوفها هي كتب قانونية تخص تشريع القوانين لا غير".

ولفتت إلى أن "أنواع الكتب وأعدادها ليست بالمستوى المطلوب وهي بحاجة إلى كتب علمية وثقافية حديثة تواكب العصر".

وبينت الدملوجي وهي عضو في لجنة الثقافة أن "الحكومة الحالية لا تهتم بالثقافة والكتاب، وتقع في أخطاء النظام السابق نفسها من خلال الاهتمام بالتسليح وعسكرة المجتمع وإهمال الثقافة بكل تفاصيلها".

واستغربت النائبة امتلاك وزارة الداخلية لأغلب المكتبات المنتشرة في بغداد وعموم المحافظات، عازية ذلك إلى "سياسة النظام السابق الذي نقل ملكية كل المكتبات من وزارة الثقافة إلى وزارة الداخلية وطالبنا أكثر من مرة باستعادة المكتبات لكن دون جدوى"، مشيرة إلى أن "البناية الحالية لمجلس النواب غير مؤهلة ولا تصلح لإنشاء مكتبة بداخلها ومسؤليتنا في لجنة الثقافة كبيرة جدا بسبب مشكلات المجتمع مع الثقافة، لذا يجب الاهتمام بثقافة النواب والمواطنين بصورة عامة وخلق الأجواء الثقافية والعلمية وتوفير مستلزمات البحوث العلمية"، وتمنت أخيراً "أن نمتلك مكتبة كبيرة وضخمة تفيد النواب وعامة الناس".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top