بغداد/ تميم الحسن
يخطط التيار الصدري للسيطرة على أكبر عدد من مناصب المحافظين في 10 مدن ذات اغلبية شيعية والا قد لا يشترك في الانتخابات المحلية التي يفترض ان تجري قبل نهاية العام الحالي.
وبذلك امام التيار مهمة شاقة لكسب الجولة الجديدة، اذ انه مازال بعيدا حتى الان عن ترتيب اوراق الاحزاب لشكل انتخابات مجالس المحافظات، وقد تجرى وفق آلية لا ترضي الصدريين.
بالمقابل يعرف الصدريون ان تمثيلهم المحدود، بحسب وصف قيادي في التيار، في الجهاز التنفيذي امر مؤقت، فحزب الدعوة يحاول ازاحتهم من اغلب المناصب لذلك عليهم ان يسبقوه بخطوة.
ويعلم التيار وباقي القوى السياسية ان ساحة اللعب المقبلة ستكون في المحافظات، ووفق سياسي شيعي ان المحافظين في الفترة القادمة عليهم ان يختاروا الوقوف الى جانب اي فريق.
وتبدو عملية الفلترة التي اعلنت عنها الحكومة قبل نحو اسبوعين، لتقييم الوزراء والمحافظين وباقي الدرجات الخاصة قد تساعد في تشكيل خارطة سياسية تسبق الانتخابات المحلية.
وبدأت كمرحلة اولى تتسرب معلومات عن محافظين سيسقطون بالتقييمات، كما ان هناك تلميحا لوزراء قد يتم استبدالهم.
كيف يسبق التيار الصدري خصومه؟
قيادي في التيار يتحدث لـ(المدى) عن عملية اسماها «اعادة الزخم» حيث يتم فيها ترتيب صفوف الصدريين بعد هزات سياسية عنيفة جرت العام الماضي.
وفقد التيار أكثر من 50 من اتباعه، بحسب روايته، في الاشتباكات المسلحة التي جرت في المنطقة الخضراء في آب الماضي.
وقبل ذلك كان قد تنازل مقتدى الصدر زعيم التيار، عن أكبر مكسب تحقق له بعد 2003 حين قرر سحب نوابه من البرلمان في حزيران 2022 وعدم الاشتراك في تشكيل الحكومة.
وكان التيار الصدري قد بدأ آخر عامين مشروعا جديدا اطلق عليه «البنيان المرصوص» - وهو اسم مأخوذ من سورة الصف والتي تتحدث عن تكاتف المؤمنين في القتال كحائط واحد- واعتبر بمثابة حزب جديد يعمل في الظل وقد يقفز الى الواجهة في اية لحظة.
وبدأ التيار بإطلاق صبغة ثقافية على الكيان الجديد، فيما انضم آلاف الشباب بعد فتح باب التسجيل للمشروع الذي ينظم دورات مجانية لطلاب المدراس ومحاضرات دينية.
ويقول القيادي الصدري، الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه، إن «التيار يخطط لتحشيد أكبر حتى لا يقع في ازمة كالتي حدثت العام الماضي حين لم يستطع تشكيل حكومة الاغلبية».
ولم يعلق القيادي بالإيجاب او السلب فيما لو كانت ورقة الشارع، احدى الخطوات التي سيسبق فيها التيار خصومه، لكنه أكد اننا «نراقب ما يجري وزعيم التيار كذلك».
واعتبر القيادي الصدري ان «زج ابناء التيار في احتجاج يعني دفعهم للإعدام.. الفصائل لا تخشى الدم ويكفي ما خسرناه في المنطقة الخضراء».
العام الماضي، كان مقتدى الصدر قد وجه تحذيرا شديدا لمنع تظاهرات حاول اتباعه تنظيمها امام منزله في الحنانة بمدينة النجف.
كما كان قد خطب الصدر في تشرين الثاني الماضي، لأول مرة في صلاة الجمعة بمدينة الكوفة بعد الازمة السياسية واعتزاله.
وقال انصاره آنذاك عن الخطب التي لم تحمل وقتها اية عبارات سياسية، بانها ستتغير في المستقبل وستكون متعلقة بالشأن السياسي أكثر، وهو مالم يحدث حتى الان.
ورغم سكوت الصدر طوال الاشهر الاربعة الماضية، الا ان سكوته هذا يشكل قلقا لدى خصومه في الإطار التنسيقي.
ويضيف القيادي وهو نائب سابق: «نعلم ان وجودنا في الجهاز التنفيذي رغم محدوديته، هو امر مؤقت، حزب الدعوة يريد ابعادنا عن كل المناصب».
وفق التيار ان مشاركتهم في الوظائف المهمة لا تتعدى الـ 12% في أفضل تقدير، وهي على خلاف ما تقوله القوى الشيعية التي تزعم ان الاول استطاع ان يسيطر خلال السنوات الثلاث الاخيرة على 60% من المناصب.
ويمضي النائب السابق: «لن تهمنا المناصب الان لأننا تركنا الاهم وهو مجلس النواب فمن الطبيعي ان نخسر مواقعنا عاجلا ام اجلا».
وحتى الان يبدو رئيس الحكومة محمد السوداني متردداً في المساس بمواقع الصدريين، حيث تراجع عن اقالة محافظي ذي قار والنجف وهو ما أغضب نوري المالكي زعيم دولة القانون، الذي أعلن في لقاء متلفز بانه لم يكن موافقا على تراجع رئيس الوزراء.
بالمقابل مازال حميد الغزي، القيادي الصدري البارز امينا لمجلس الوزراء، وحسين العوادي القيادي الاخر والنائب الصدري السابق وكيلا أقدم لوزارة الداخلية.
لعبة المحافظات
يقول القيادي الصدري عن مناقشات تدور الان بين أوساط التيار ان الاخير «يفكر في الحصول على أكبر عدد من المحافظين في 10 محافظات توصف بانها ذات اغلبية شيعية».
ووفق ذلك فان على التيار ان يحصل على اكثر من نصف المقاعد في مجالس المحافظات المقبلة، مضيفا: «لن نتحالف بالتأكيد مع اي طرف في تلك المحافظات.. التحالف يعني تنازل واخذ ورد وهذا لا نريده في حكومات محلية نسعى ان تكون خدمية».
وكان التيار قد طمح في الانتخابات التشريعية الى تشكيل حكومة اغلبية دون الحاجة الى التحالف، وخطط في البداية للحصول على 100 مقعد لكنه لم يحصل سوى على 72، واضطرته ظروف التحالف مع القوى الشيعية ان يتنازل عن طموحه.
وهذه المرة قد يكون معرضا لنفس الخسارة، اذ يؤكد التيار بانه ليس طرفا حتى الان في المناقشات التي تجري حول تشريع قانون جديد للانتخابات المحلية التي أعلن رئيس الحكومة عن اجرائها في تشرين الاول المقبل.
وبحسب مايتم تسريبه من نقاشات القوى السياسية، ان هناك رغبة قد تبدو حصلت على تأييد واسع، بالعودة الى نظام «سانت ليغو» وهي طريقة لتقسيم اصوات الفائزين وقد تحرم القوى الصغيرة من المشاركة.
ويرى التيار الصدري، وبحسب القيادي، انه بالرغم من تأييد الاخير للدوائر المتعددة في اجراء الانتخابات «لكن المهم هو ان نحصل على اغلب مقاعد مجالس المحافظات والا قد لا نشارك».
ويحظى ملف المحافظين باهمية كبيرة في نقاشات القوى السياسية، ويقول سياسي شيعي في حديث لـ(المدى) ان «هذا الملف يعني وضع خارطة سياسية جديدة قبل الانتخابات».
ويعتقد السياسي الذي طلب عدم نشر اسمه ان: «عملية التقييم الاخيرة للمحافظين التي أطلقتها الحكومة هي احراج للمحافظين واجبارهم على اعلان الولاء لحزب معين والا قد يفقد منصبه».
ويلوح السياسي الى ان حزب الدعوة سيكون اكثر المستحوذين على المحافظات في حال تمت اعادة توزيع المنصب -قبل الانتخابات- لأنه يملك اكثر من 50 مقعدا لم يستخدم اكثرها في معادلة النقاط (المناصب حسب الوزن الانتخابي).
وكان مكتب رئيس الوزراء قد أعلن في وقت سابق، عن إرسال استمارة لمجلس النواب تتضمن تقييم النواب للمحافظين في 13 محافظة.
وتضمنت الاستمارة تقييم أعضاء مجلس النواب عن محافظة (بغداد، نينوى، البصرة، كركوك، ديالى، واسط، الأنبار، بابل، كربلاء، النجف، ميسان، ذي قار، المثنى).
وشملت استمارة التقييم 6 فقرات (تقييمات) أبرزها حول قدرة المحافظ على اتخاذ القرارات، ومعالجة المشكلات، ودوره في تشجيع الاستثمار.
وطلبت الاستمارة توصيات النائب على تلك التقييمات بالتأشير على حقل ضعيف او متوسط او جيد او جيد جدا.
وقرر السوداني العام الماضي، امهال المحافظين 3 أشهر بعد ضغط من المالكي بحسب مصادر تحدثت لـ(المدى) واكدت ان «دولة القانون ستحصل على ما بين 4 الى 6 محافظين إذا انتهى التقييم».
وأشارت المصادر المطلعة الى ان دولة القانون «تريد السيطرة على النجف، والناصرية وميسان (وهي محافظات يديرها صدريون)، وبشكل اقل البصرة وواسط».
اما فيما يخص الوزراء الذين منحوا مهلة 6 أشهر للتقييم، فان المصادر ترجح حدوث تعديل وزاري طفيف بسبب ان رئيس الحكومة «غير راض على بعض الاسماء في حكومته التي يقول انها فرضت عليه بسبب التقسيم الحزبي للمناصب».