جملة مفيدة: خواطر.. بدون مناسبة

عبدالمنعم الأعسم 2023/01/28 11:27:18 م

جملة مفيدة: خواطر.. بدون مناسبة

 عبد المنعم الأعسم

لا حدود ثابتة في السياسة، لكن للاعبين على حبالها سمعة غير طيبة، وخسرانات فادحة، أحياناً، بينها ماء الوجه، وكان ميكافيلي يقول انك عندما تتجه الى التنازل في ميدان السياسة فلا تضع باعتبارك اعتراضات الاخلاق، ولا تتمترس عند ما كنت تقوله في وقت سابق، فان المصلحة العليا –يقول ابو البراغماتية- تبرر لك كل شيء.

اسوأ السياسيين، في النتيجة، هم الذين يغيرون جلودهم بحسب انواء المصالح ومتطلبات السوق. انهم المتقلبون، المنكفئون عن اقوالهم ومواقفهم، ولا يزعجهم التذكير بما كانوا يقولون بالامس، اكثر من التذكير بصدقية المواقف، لأن الصدقية من متفرعات الاخلاق، والحال لم تستطع كل تبريرات ميكافيلي انقاذ سمعة سياسي واحد بلا مصداقية.

في الحديث عن الانتخابات، والانتخابات الدورية، والاستباقية، والتشريعية، والمحلية، والانتخابات المبكرة (التي جرى دسّ التعهدات باجرائها تحت السجادة) فان التحالفات تضاهي كلمة "الصفقات" وتنزل منزلة اخلاق السوق وفروض المنافع: لكل خطوة سعرها اليوم، ويختلف سعرها غدا، ثم يختلف بعد ايام، فيما يجري تداول مفردات غريبة عن حدود واشكال التنازلات، كما الحال بالنسبة للبضاعة: هات وخذ.

وثمة انباء عن تحالفات تُطبخ في خارج الحدود، بعضها بسعر كبير و"الدفع بالآجل" أو ما يشبه بيع السمك قبل صيده، والانباء كثيرة عن زحف مبكر لوكلاء "الدولة العميقة" على مفاتيح الدولة الرسمية، حتى لم تعد امكانية تعيين الحدود بين الدولتين، ويقول تقرير محدود التداول ان احدى نتائج المصاهرة بين الدولة العميقة والدولة الدستورية هي صفقة (غير معلنة) عُقدت بين جماعة المسيرات والسلاح المنفلت واصحاب السلطة، وهناك كلام كثير عن محتويات الصفقة ورائحتها.

وفيما تطرق انتخابات المجالس الابواب فان الجدل والتوافقات واعداد قوائم اسماء المرشحين تجري في اجواء محمومة، ويتداول المراقبون معلومات تثير فزع احزاب السلطة عن خيبات تنتظرهم، وهناك وكلاء ينادون باعلى الاصوات عن وجوب التعجيل بعقد صفقة ما، أو صرف النظر عن اتفاقات بالية قبل ان تصبح بائرة ويذهب حلم الفوز بـ"الاكثرية" ادراج الرياح، وهكذا صاروا يشكلون اللجان، فلجنة لكل ملف، ولكل خلاف، ولكل فضيحة، حتى صار تشكيل اللجان بُدعة اخرى تُضاف الى بُدع كثيرة، والطريف في الامر ان بعض اللجان صارت تعقد اجتماعاتها وراء الحدود، وتؤكد التجارب الادارية الحقيقة التالية: حين تشكل لجنة لكل مشكلة فأنك لن تحل اية مشكلة..

ومن دون مناسبة، وفجأة، بدأ كبار المسؤولين يعلنون ان الوضع مستتب، والاحوال جيدة، والجبهات والعشائر ونقاط الحدود كلها بخير. لكن اللجاجة المفرطة في تأكيد شيء ما تعني ان الشيء لا وجود له.. لو يعلمون.

استدراك:

"اللي اختشوا ماتوا".

مثل مصري دارج

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top