حين يختفي الطغيان عن الانسان

حين يختفي الطغيان عن الانسان

أ.د عقيل مهدي يوسف

يلتقط ( القاص اسماعيل سكران ) في قصصه القصيرة بعنوان ( اختفاء ) مواضيع خاصة في طرائق تجسيد شخصياتها , مؤكداً على تمايزها ,

واختلاف دوافعها من داخل حبكة ببعد ( مورفولوجي ) يخص تركيب جملها , وفقراتها , ودلالاتها ( المضمرة ) الضمنية والمعلنة المباشرة , متقصياً فيها الابعاد النفسية لكل ( شخصية ) في رؤية اجتماعية ( يسارية ) منتقلاً من حدود ( الواقعية ) الانعكاسية الى اتجاهات مستقبلية في ( خطابه السردي ) ويجمع ( بمهارة , ما بين ( بؤر ) متوزعة باتجاهات متنوعة , في وقائع يومية , لتشكيل دوائر الصراع , او يذهب , بأسناد تاويلاته الى مايفترضه من ( حوارات ) متخيلة , ومواقف مثيرة تخص ابطال حكاياه المنزاحة عن التقليد بأبعاد ( سيميائية ) فنية دالة . في قصة ( اختفاء ) يقارب ما بين الاديان ويطرح انسانية توحد المظلومين , فالبطل يبحث عن بار في بيروت يختزن اجمل ذكرياته , حيث التقى مصادفة بـ ( اليانا ) وهو سيرقد في مستشفى لاجراء عملية جراحية وسرعان ماتعارفا وهما يسيران على الاقدام في شارع الحمراء لتصحبه في مرة ثانية الى ( كنيسة ) يقام فيها ( عيد القيامة المجيد ) وطلب النذر وسط ( ترانيم الجوقة ) , وحين ذهابه الى الوطن ورجوعه الى بيروت لم يجد ( اليانا ) شاعراً بالحزن , لاختفائها عن حياته . ويعالج في قصة (الساحة) توصيفاً لـ ( شرطي أمن ) وهو على خلق كريم , يرفع ( تقارير ) عن المنحدرين من عرقيات واثنيات متنوعة الديانات وهناك يرمق بطل القصة في ساحة المدينة ( حمامات سلام ) من ناشطات مدنيات يقدمن ( الحلوى ) في الساحة للجميع . في قصة ( الشاعر ) تتم دعوة ( الشاعر ) الذي يجوب مهرجانات ادبية وثقافية , بعمر تجاوز ( الستين ) متنقلاً من ( باكو) الى نهر ( الفولغا ) قرب ( موسكو ) بعد ان تعرض ( رفاقه ) للاعتقال في بلده ( العراق ) مقرراً , دراسة ( الدكتوراه ) , مكابداً , الوحدة والفراغ الروحي , ويرى , ان تكريمه في ( حفل ) قد تحول الى ( مأتم ) بحضور كئيب من كبار السن , وهم شعراء كلاسيكيون . يجعلنا نحن القراء نشعر بانهم قد تعرفوا على شعراء امثال ( الكسندر بلوك ) وامثاله وربما يحفظون قصائده بعنوانات مثل ( ايها المسافر المتذمر ) واخرى , ( بصمت الروح في سماء متجمدة و كم كان غريباً , كلام الاقنعة ) وبدلاً من شكره على هذا التكريم يخرج بطل القصة مقذوفاً الى عالم تتراكم فيه ( الثلوج و الضباب الثقيل ) شاعراً ( بتأنيب الضمير ) على ( غروره ) وتسرعه في الحكم على ( نوايا , هؤلاء المكرمون له ) . الرجل , تعاوده في ( قصة امنية ) ذكرى وفاة والده ليتركهم مع اخيه , رهن الجوع , والمرض , في ( قرية ) يتولى ( امرها ) السيد صاحب البستان , متذكراً كيف كان والده , يعاني من اجل تجهيز ابنه بـ ( سروال ) واخوه يحلم , باقتناء سروال , مثله , لكنه يموت , تحت ( عجلات جرار كبيرة ) تحت معاناة من الجوع والمرض . يعالج ( القاص ) في قصته ( رهاب ) , حكاية بائع متجول , للسجائر يعيش في رهاب العوز , امام ( واجهة مطعم ) يقدم الطعام للجنود العائدين من ( اجازاتهم ) من قبل ( امراة) تعافها النفس . يذهب ( القاص ) في ( قصة عامل التوصيل ) , حكاية رجل عراقي هاجر الى ( كندا) وبعد غربة ( ثلاثة عقود ) عاد الى الوطن مستذكراً المهاجرين من اسيا , وافريقيا , وهو يوزع ( البيتزا) الى زبائنه , ليكتشف حين عودته لعبة السياسة الحمقاء التي دفعته لمغادرة بلده والعودة اليه ثانية . ومتهماً ( بيساريته ) الايدلوجية ومكابداً السجون والمطاردات . ( غابة الصنوبر ) تقدم للقارئ كيفية قيام ( احد اللاجئين , لاختراق غابة الصنوبر الموحشة ) تاركاً وارءه مدينة محاصرة , جائعة لينقل الادوية والاغذية في معطفه وحين افاق لنفسه وجد ان الغابة مسالمة , وان العانس التي تعرف عليها يشكلان جزيرة امنة بأنسانية وسلام. اما في ( فايروس ) فهي قصة تحكي عن ( كورونا ) التي اطاحت بحيوات البشر عن رجل يسكن في منطقة نائية بعد وفاة زوجته بهذا الفايروس اللعين لتصبح المدينة ( صامتة ) , بعد ان كانت تضج بقطارات تمخر بصخبها تلك المدينة , لكنه امام كل هذا الاحباط يصر على مواصلة انجازاته في قلب عاصفة الحياة . (البلابل ) قصة يستيقظ فيها ( ضابط الامن) الذي يحرص على سلامة الوطن , لكنه مبتلى , بمراتب زائفة تحت امرته استيقظ مذعوراً , حين سمع , او خيّل اليه انه صوت الانذار بدرجته القصوى للضباط والمنتسبين لكنه وجد انها صادرة من مجموعة اقفاص للبلابل وهي متراصفة كتراصف العسكر نحو ( بلبل ) في ( دقيقة صمت ) امام جثمانه. اما في ( احلام جافة ) فانها تحكي عن ( كهل ) خياط لكنه بلا عمل وعينه اليسرى مطفئة , قادته , مرة طفلة متسولة , ليعبر الطريق بعد وفاة زوجته وهو يستذكر كرة القدم التي كان يلعبها بمهارة في شبابه , لكنه ذات صباح مرت حافلة القمامة لتجده ميتاً لتدفنه على نفقة البلدية مشرداً. وفي ( ساحة الاعتصام ) تدور القصة مابين العفة والطهر بين شباب احرار يرفضون السلوكيات الفاجرة وهم ينتفضون في ساحة التحرير , يرفعون لافتات ( نريد وطن ) تقوم ( الطبيبة سهى ) لاسعاف احد المصابين وكانت والدتها تنتظر عودتها الى البيت بعد ان فقدت الام ( زوجها ) في الحرب ولكن الحرب لم تنتهي بعد ، بالتهام ضحاياها اذ تعرضت ( سهى ) للتخدير من قبل (ملثمين ) باذرع سلطوية غيّبتها الى الابد في قصة( ليلة الوباء )التي كتبت باسلوب ( الميتاسرد ) ينقلنا ( القاص ) الى مايدور خلف النوافذ في شقته حيث تلفت نظره فتاة في شرفة منزلها وهي تنقل بصرها بين ساحة التحرير وتخاطب في هاتفها النقال ، او ترسل خطابات نصّية لشخص ما منفرداً عن رفاقه امام خيمته وينظر بقلق نحو ( شقة فتاته ) وبالقرب من ذلك يحاول هذا المراقب الى استكمال حبكة نصه السردي بما يتخيله من تأويلات ابداعية ليقارن بين شرف الانسان الكادح وفجور بعض الحاكمين الذين يجتمعون في (بيت هزار) لينعموا بمتع فاجرة ويستكمل هذا (الراوي المفترض) في المقابل كيفية التقاء الشاب , بحبيبته , بمدخل ذلك المكان

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top