تقرير بريطاني: قلة توفر الدولار تعكس ضعف الاقتصاد العراقي

تقرير بريطاني: قلة توفر الدولار تعكس ضعف الاقتصاد العراقي

 ترجمة: حامد أحمد

أكد تقرير بريطاني أن إجراءات البنك المركزي العراقي أفضت إلى نتائج غير مقصودة، لافتة إلى أن أبرزها حدوث نقص حاد بعرض الدولار في الأسواق المحلية.

وذكر تقرير لصحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية ترجمته (المدى)، أن "العراق يسعى جاهدا للسيطرة على ازمة عملة مقلقة شغلت البلاد على مدى أشهر، كاشفة بذلك هشاشة اقتصاده المعتمد على النفط على مدى 20 عاما منذ الغزو الأميركي للبلد". وأضاف التقرير، أن "علي محسن العلاق، المحافظ الجديد للبنك المركزي، دافع عن الإجراءات التي تم إدخالها من اجل استقرار الازمة النقدية التي أدت الى حدوث نقص حاد بعملة الدولار وهبوط حاد أيضا بالدينار".

وأشار، إلى أن "العلاق قال في مقابلة له: نحن ركزنا على إيجاد حل لجذر المشكلة ورأينا بعض المؤشرات الإيجابية".

وتحدث العلاق، عن "جهود البنك المركزي والحكومة للتخفيف من حدة هذه الحالة التي بقيت عالقة منذ بدء الازمة في تشرين الثاني".

وشدد العلاق، على أن "ذلك كان عندما طبقت السلطات العراقية بالتعاون مع الولايات المتحدة أحكاما صارمة بالنسبة للمصارف كجزء من محاولات لكبح عمليات غسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة الى الخارج".

وأفاد التقرير، بأن "حزمة الإجراءات هذه أدت الى عواقب غير مقصودة، بضمنها نقص حاد في توفير عملة الدولار في بيئة اقتصادية تكون فيها العملة الأميركية هي المفضلة، مما دفع ذلك الى حصول تضخم وخلق مصاعب للعراقيين الذين لا يولون ثقة بمؤسساتهم ولا بعملتهم الخاصة".

وبين، أن "حمودي إسماعيل، 27 عاماً، صاحب اعمال حرة، قال انه يواجه صعوبة في الحصول على 4 الاف و300 دولار من اجل تسديد بدل الايجار ودفع تكاليف بضائع يريد شراءها، وقال: صاحب المنزل يرفض استلام مبلغ الإيجار بالدينار وقضيت عدة أيام هذا الأسبوع أحاول الحصول على دولار."

وأكد التقرير، أن "اقتصاد العراق غير المحصن يعتمد اعتمادا كليا تقريباً على تقلبات أسعار السوق العالمية للنفط".

ويواصل، أن "أسعار قياسية للنفط عملت على ملء صناديق خزينة ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك بأكثر من 100 مليار دولار".

واستدرك التقرير، أن "بغداد لا يمكن لها الوصول للمال الا عبر بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي الذي يستودع احتياطيات العراق من العملة الصعبة وذلك منذ العام 2003".

وأضاف، ان "البنك المركزي العراقي يقدم طلباً للبنك الفيدرالي بالحصول على أرصدته من الدولار ثم يبيعها للتجار والبنوك الاهلية ومكاتب الصيرفة مقابل الدينار عبر ما يعرف بمزاد العملة اليومي للدولار".

ويسترسل التقرير، أن "مسؤولين اميركان وعراقيين كانوا لفترة طويلة يشكون من ان عملية احتيال وتزوير واسعة سمحت بتهريب مبالغ ضخمة خارج البلاد، مع انتهاء قسم من هذه الدولارات بأيدي مجاميع مسلحة في إيران وسوريا ولبنان مدرجة ضمن العقوبات الأميركية".

قال ديفيد بيرغر، وهو مسؤول أميركي رفيع في بغداد، "لسوء الحظ لاحظنا عددا متزايدا من عمليات التحويل المالي مثيرة للشكوك، مبالغ ضخمة من التحويلات المالية تخرج من البلاد بأسلوب احتيالي واضح".

وذهب التقرير، إلى أن "هذه المخاوف تجددت العام الماضي بعد سرقة 2.5 مليار دولار من الامانات الضريبية بالدينار العراقي، واستخدمت قسم من هذه المبالغ بشراء الدولار عبر مزاد العملة".

وأضاف، ان "البنك المركزي وباعتماده المنصة الالكترونية للتحويلات المالية التي تحوي معلومات عن المرسل والمستقبل للمال فان قسما من البنوك والتجار لا يرغبون بإدراج المعلومات التفصيلية عن الجهة المستفيدة في حين كان آخرون بطيئين في التأقلم مع هذه الأحكام".

وزاد التقرير، "مع رفض كثير من طلبات التحويلات المالية من حسابات عراقية من قبل البنك الفيدرالي فقد أدى ذلك الى تناقص في تجهيز السوق العراقية بعملة الدولار".

وأوضح، أن "معلومات البنك المركزي تظهر تناقصا في حجم التحويل المالي من معدل 180 مليون دولار يوميا خلال العام 2022 الى ما يقرب من 65 الى 75 مليون دولار خلال هذا العام".

ويعود العلاق ليقول، إن "هناك مؤشرات تقدم، ونلاحظ تزايداً يومياً في عدد التحويلات المالية على المنصة الرقمية، كما وبدأنا نلحظ تزايدا في عدد التجار العراقيين الذين يقدمون على التسجيل رسميا للمشاركة."

لكن التقرير ذكر، أن "خبراء يحذرون من ان هذه العملية قد تستغرق أشهر عديدة قبل ان تتأقلم معها البنوك العراقية بشكل كامل، وسنوات بالنسبة لاقتصاد البلد في ان يبتعد كليا عن الصيغة الشكلية التي تعتمد على النقد".

ولفت، إلى "ادخال أسلوب آخر يسمح للمسافرين بشراء ما يصل الى 7 الاف دولار عند المطارات لاستخدامها عند سفرهم".

وأورد التقرير، أن "هذا الأسلوب دفع أشخاصا لحجز تذاكر طيران مجرد لحصولهم على الدولار ومن ثم يقومون ببيعه في السوق السوداء".

وينقل، عن "موظف خطوط جوية في مطار بغداد، القول: شهدنا على مدى أسابيع بيع تذاكر طيران الى عمان او بيروت حيث انها نفدت جميعها ولكن الطائرات فارغة من المسافرين".

وأكد التقرير، "تضييق هذه الثغرة الأسبوع الماضي بجعل الحد الأقصى المسموح هو ألفي دولار فقط".

وتابع، أن "قسماً من هذه الدولارات انتهى بها الحال الى لبنان الذي يعاني من ازمة اقتصادية حادة".

وينقل التقرير، عن أحد اصحاب محال الصيرفة، أنه "كان على مدى أسابيع يرسل العشرات من العراقيين لسحب دولارات من المطار يوميا ويرسلها الى لبنان"، مضيفاً: "نربح من ذلك 1,200 دولار عن كل 10,000 الاف دولار ترسل الى لبنان من العراق".

ومضى محافظ البنك المركزي علي العلاق، إلى أن "مشكلتنا الأكبر هي ان العراقيين يعتمدون كليا على الدولار بشكل نقدي، اليس من الغريب ان يقوم شخص في بلده بالتسديد بالعملة الأجنبية؟ العالم بأسره متجه نحو التخلي عن النقد ويتوجب على العراق ان يفعل ذلك أيضاً".

عن: موقع (فايننشال تايمز) البريطاني

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top