كلاكيت: مخرجون وشعراء بازوليني

علاء المفرجي 2023/03/29 09:03:38 م

كلاكيت: مخرجون وشعراء بازوليني

 علاء المفرجي

- 1 -

ليس مصادفة أن يكون المخرج تاركوفسكي شاعراً قبل يلج السينما، ولا بازوليني الذي عرفته إيطاليا شاعرا وروائا وصحفيا، قبل ان يكون مخرجا مجددا في السينما، والامر ينطبق على كياروستامي، ويلماز غونيه.. واخرين.

ويبدو أن هذا الامر هو السبب في كونهم مخرجون مختلفون فيما قدموه للسينما، وصنعوا أفلاما أسطورية خلدها التاريخ، وترك بصمة خاصة تميزه. ولأن السينما هي خيال بالدرجة الأولى، فكان الحس المرهف للمخرج الشاعر يجد له وسيطا في عالم السينما.

نقف هنا وبشكل سريع مع واحد من اهم مخرجي السينما، هو شاعر ومفكر ومخرج أفلام وكاتب إيطالي وتوفى في 2 نوفمبر يعد ظاهرة ثقافية استثنائية لأنه تميز في عدة مجالات مثل الصحافة والفلسفة واللغة والكتابة الروائية والكتابة المسرحية والإنتاج السينمائي والرسم والتمثيل والسياسة. وأظهر بازوليني في هذه المجالات براعة استثنائية مما جعله شخصية مثيرة للجدل، حصدت أفلامه جوائز بأهم مهرجانات السينما.

سنستعرض وإن بشكل سريع أهم ما لدى هؤلاء المخرجون من رؤى، وأفكار انعكست على أفلامهم، وما لديهم من منجز فيلمي إنطبعت في شاعريتهم، لتتيتحول الفيلم الى ما يشبه القصيدة، في كل اشتراطاتها.

لقد كان بازوليني -واحدا من المنظرين الكثيرين، من بريطانيا والاولايات المتحدة والقارة عموما – الذين حاولوا في آواخر الستينيات أن يعرّفوا طبيعة لغة الفيلم السينمائي، فهو يقول: إن كون السينما لغة يجعلنا نوسع مفهومنا عن اللغة، فهي ليست نظاما رمزياً اعتباطيا وتقليديا وليست لها لوحة مفاتيح ضعية يمكن تحريك إشارتها كما لو كانت أجراس بافلوف: إشارات تستدعي الواقع تماما مثلما يستدعي جرس بافلوف، الجبن بالذات بالنسبة للفأر الصغير، مسيلا للعابه لا تستدعي السينما الواقع كما تفعل اللغة الأدبية ولا تقلد الواقع كالرسم والمسرح. أن السينما تقوم بنسخ الواقع صوتاً وصورة. ما الذي تفعله إذا بنسخها للواقع غير التعبير عن الواقع بالواقع".. أن السينما بإنتاجها للواقع تتحول الى اللحظة "المكتوبة" لهذه اللغة الطبيعية بالفعل من هذا الاعتقاد جاء اقتناع بازوليني بأن "للكتابة" السينمائية " الأهمية الثورية" التي للكتابة كما يقول الناقد الإيطالي نومي غرين.

ففي نصه النظري "سينما الشعر" يرى الإيطالي "بيير باولو بازوليني" أن لغة السينما هي جوهريا لغة شعرية. وتاريخيا تشكل عرف سينمائي بدا كأنه عرف لغة النثر فقط، أو على الأقل لغة النثر القصصي، هذا العرف السردي أجاز مقارنات نقدية عديمة الجدوى بين السينما والمسرح والرواية.

فهو يري أيضا أن فقدان الحبكة التقليدية يؤدي إلى غلبة الشعر على النثر، تماما مثل تاركوفسكي، وإن كان بازوليني أقل تعصبا ضد سينما النثر، فهو يرى أن الكثير من الأفلام رغم اتباعها قواعد سينما الشعر لا تنتج أفلاما تنتمي لسينما الشعر، بينما قد توجد سينما تعتمد على النثر في الحكي لكنها قادرة على خلق الشعر.

فالقصائد السينمائية العظيمة لشابلن، وميزوجوتشي، وبرجمان لم تصور طبقا لقواعد لغة سينما الشعر، حيث تكمن شعريتها في مكان آخر غير اللغة، فهي شعرية داخلية كتلك التي تجدها في روايات تشيكوف.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top