اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ماهي آفاق داعش في العراق لعام 2023؟

ماهي آفاق داعش في العراق لعام 2023؟

نشر في: 17 مايو, 2023: 10:18 م

فرجينيا سونر *

ترجمة: عدوية الهلالي

في تقرير نُشر في أوائل شباط 2023، أكدت الأمم المتحدة أن التهديد الذي يشكله داعش لا يزال قائما. ووفقًا لمسؤولين كبار في الأمم المتحدة، تواصل الجماعة الإرهابية استغلال الهشاشة المحلية والتوترات الطائفية في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ويذكرنا بيان صحفي صادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 9 شباط 2023 أن التهديد الذي يشكله داعش في العالم لم يتضاءل. وأبلغ ويشيونغ تشين، القائم بأعمال رئيس المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، في جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن الجماعة الإرهابية "تواصل استغلال نقاط الضعف المحلية والتوترات بين المجتمعات المحلية،في العراق وسوريا وأجزاء من العراق والقارة الأفريقية، ولا سيما في مجال تجنيد الإرهابيين ".

ويجد التنظيم الإرهابي أصوله في السياق السياسي والاجتماعي والمجتمعي الخاص بالعراق في بداية القرن الحادي والعشرين، أي التدهور التدريجي للبلاد الناتج عن التدخل الأمريكي في عام 2003. وفي كانون الأول 2017، هُزمت داعش عسكريًا وإقليميًا في العراق. ومع ذلك، لا تزال منظمة الدولة الإسلامية نشطة للغاية هناك، إذ يتمتع أعضاؤها ومقاتلوها وقادتها بميزة امتلاك معرفة حقيقية بالجهات الفاعلة الميدانية والمحلية. كما ان إعادة دمج "عائلات داعش" أبعد ما يكون عن الاكتمال،ومخيم الهول الواقع في سوريا هو "حاضنة" للجهاديين، والحدود السورية والعراقية شديدة الخطورة. ولاتزال التوترات التي يسهل اختراقها اقليميا وكذلك التوترات بين الحكومة المركزية في بغداد وأربيل عالية. وكل هذه العناصر هي عوامل تفسر صمود داعش في العراق.وبالتأكيد، قُتل العديد من قادة التنظيم الإرهابي في عام 2022 ولكن يبدو أن شدة التهديد قد تضاءلت لكن الجماعة لا تزال نشطة وتساهم في عدم استقرار العراق.

وفي عام 2022، كان العراق - بعد نيجيريا - ثاني دولة نفذ فيها داعش أكبر عدد من الهجمات الإرهابية.وإذا أصبحت القارة الأفريقية بؤرة أنشطة الجماعة، فإن الأخيرة تظل نشطة للغاية في مهدها الأصلي في سوريا والعراق، فقد سقط 833 شخصًا ضحايا لهذه الهجمات في العراق في عام، 2022وتعتبر هذه الأعمال هجمات تمرد محدودة، من نوع حرب العصابات، ويتم تنفيذها على نطاق ضيق، بينما بلغت ذروة نشاط داعش في نيسان وأيار عام2022، ضمن "حملة الانتقام" التي انطلقت بعد مقتل أبو إبراهيم الهاشمي القريشي وأبو حمزة المهاجر، اللذين قتلا في سوريا خلال هجوم أميركي.

وفي العراق، كان للهجمات التي تبناها داعش أهداف مختلفة فقد استهدفت قوات عسكرية أو ضباط شرطة أو قوات أمن محلية أخرى وكذلك السكان المدنيين، الشيعة على وجه الخصوص، كما تم استهداف السكان السنة الذين تعاونوا مع قوات التحالف المناهض لداعش. ويتم تنفيذ العمليات بشكل رئيسي من قبل مجموعات صغيرة من المقاتلين مزودة بأسلحة صغيرة وأسلحة خفيفة. وعندما يتم استهداف المدنيين، يتم استخدام العبوات الناسفة. يبدو أن هذه الاتجاهات التي لوحظت لعام 2022 قد تأكدت في عام 2023. فعلى سبيل المثال، قتل جهادي من داعش في 16 شباط، في الطارمية، التي تقع على بعد حوالي 30 كم شمال بغداد أربعة جنود عراقيين بواسطة حزامه الناسف بعد قرابة سبع ساعات من تبادل إطلاق النار بين التنظيم الإرهابي والقوات المسلحة العراقية. ويمكن تفسير الانخفاض في عدد الهجمات في مناطق عراقية معينة باستخدامها كمناطق انطلاق، إذ تستخدم محافظة نينوى حاليًا بشكل أساسي في نقل المقاتلين والأسلحة والمعدات إلى الخلايا الموجودة في شرق البلاد.

اذن، وعلى الرغم من ضعفها في المنطقة، لا تزال داعش نشطة فقد أظهرت الجماعة الإرهابية بالفعل في الماضي قدرتها على استعادة استراتيجيتها وإعادة تنظيمها وتجنيدها وتغييرها.كما انها تواصل وستواصل التجنيد لأن أيديولوجيتها لا تزال قائمة..

وتشكل المعسكرات والسجون الواقعة في شمال سوريا والعراق أرضاً خصبة حقيقية للتجنيد من قبل التنظيم الإرهابي. وفي بيان صحفي نُشر في 29 كانون الأول 2022، أفادت القيادة المركزية الأمريكية بوجود حوالي 10.000 مقاتل من داعش محتجزين في سوريا، وحوالي 20.000 في العراق وتوضح هذه الأرقام حجم وأهمية الهجمات (عملية كسر الجدران) التي نفذت لتحرير الجهاديين. فكل سجين يتم الإفراج عنه هو مقاتل إضافي ويسمح لداعش بتوجيه ضربة إعلامية واستراتيجية، بينما يتحدى قوات الأمن المسؤولة عن إدارة هذه السجون. وقد أدت الفوضى التي أعقبت الزلزال العنيف في بداية شباط2023 إلى تفاقم الوضع إذ هرب عشرون من جهاديي داعش من "السجن الأسود" في راجو شمال سوريا.

ويعد "أشبال الخلافة" المصدر الثالث للتنظيم في التجنيد الحالي والمستقبلي. ففي مخيم الهول بسوريا، تم اعتقال حوالي 25 ألف طفل من داعش لإنهم أهداف رئيسية للتطرف. وتدعو العديد من المنظمات غير الحكومية الدول إلى تنظيم عودة هؤلاء الأطفال إلى بلدانهم الأصلية، وطبقاً لـمنظمة حقوق الانسان، فقد أعاد العراق حالياً ما يقرب من 2850 طفلاً.كما إن إعادة تأهيل السكان الذين نزحوا إلى المخيمات بعد هزيمة داعش وإعادة دمجهم، سواء كانوا أشخاصًا لهم انتماءات حقيقية أو متصورة لداعش، يمثل أولوية رئيسية لإحلال سلام قابل للتطبيق ومستدام.

واعتبارًا من حزيران عام 2022، عاد أكثر من 80٪ من ستة ملايين شخص نزحوا خلال الخلافة المعلنة لداعش إلى ديارهم، وأظهر تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية، بناءً على المقابلات، أن الزيادة في أنشطة داعش تعرقل إرادة المجتمعات للسماح بعودة هذه العائلات وإعادة تأهيلها. ومع كل هجوم جديد، يكون رفض عودة الأخير أقوى. كما ان العقبات الإدارية والصعوبات المادية اليومية هي عناصر أخرى لواقع هذه العائلات. وهكذا، تواصل داعش تقديم نفسها على أنها البديل الوحيد الممكن بالنسبة لهم.

*أستاذ التاريخ والجغرافيا السياسية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

قلب بغداد والمسؤولية الاجتماعية: الدرس الذي تعلمنا إياه رابطة المصارف الخاصة

خالد مطلك غالبًا ما يُنظر إلى المركز التقليدي للمدينة القديمة على أنه الوصي الشرعي على هويتها المعمارية، ويجسد القيم التاريخية والجمالية والثقافية. لذلك فأن عملية إحياء المباني القديمة داخل مجال محدد يحتل موقع النواة، يعد أمر بالغ الأهمية في الحفاظ على استمرارية هذه الهوية. فمن الناحية الأكاديمية، يمكن فهم هكذا مبادرات من خلال عدسة "إعادة […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram