روما- عبد اللطيف السعدي
كان يوم الثامن والعشرين من شهر أيار / مايس المنصرم، يوما غير عادي في حياة ويوميات مواطني حي (إسولوتّو)، في مدينة الفن والجمال فلورنسا، شمالي وسط إيطاليا.
ففي ذلك اليوم اجتمع المواطنون من مختلف الأعمار وربما الجنسيات، في الساحة التاريخية للحي المذكور. لرفع الستار عن نصب السلام والمحبة، للفنان التشكيلي والنحات الكردي العراقي، المقيم في المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي.
وشكلت هذه المناسبة حدثاً ثقافيا هاماً بالنسبة للحي والمدينة، وذلك لإحياء ذكرى افتتاح هذه الساحة عام 1954. فعندما فكرت لجنة سكنة الحيّ، بالتعاون مع المركز التربوي الشعبي فيه، بتنظيم فعالية خاصة ومتميزة لهذه المناسبة، ولأن الفنان العراقي عزيز يعتبر من المساهمين النشطين فيها وفي نشاطاتها الاجتماعية والثقافية، فقد انبرى وأبدى استعداده بتحقيق عمل فني نحتيّ مجاناً، مع اسهام الجالية والمركز بتغطية مصروفات صهر البرونز وما يتطلبه العمل من ملحقات فنية. أفرح فؤاد المعنيين ودار البحث في الموضوع، واتفقوا على مقترح الفنان بإنجاز هذا النصب.
يتمثل النصب بوجه فتاةٍ ملامحها تجمع علائم سومرية، وكردية وعربية، عراقية، تميز الفنان بها عبر مسيرته الفنية، مع إضافة عناصر تستوعب مسيرته وتفاعلاته مع الفنون في ايطاليا، وتحديداً في مدينته فلورنسا، ووضع فوق الرأس رمز حمامة، تأكيداً لقيم السلام.
الوجه استند إلى هيكل ونصب على قاعدة منتظمة كتب عليها نصاً يعبر عن شمولية معاني المناسبة والنصب: فكرة السلام، والأمل، والانفتاح على العالم، وأيضاً في تأكيد وإبراز مفاهيم الضيافة والتضامن بين المجتمعات وفي العالم. إذا النصب لخص مسيرة وسيرة الحيّ، ومجّد لقيمٍ انسانية نبيلة.
ومعروف أن النحات فؤاد علي عزيز، وخلال عيشه في إيطاليا، وفي فلورنسا تحديداً وبعد تخرجه من أكاديمية الفنون الجميلة فيها عام 1977، قدم الكثير من الأعمال النحتية، واللوحات التشكيلية، وتشهد له العديد من المعارض الشخصية والجماعية، وأيضا عدد من النصب المنتشرة في مناطق أخرى من فلورنسا، ويشهد له السوق الشعبي في ذلك الحي، أنه نظم وبشكل فني ديكورات السوق. كما أن الفنان يجهد ويبدع في ميدان تأليف الحكايات للأطفال برسومه وتخطيطاته.
فهو إذا، فنان منتج وانموذج للتعايش، وللتكامل مع مجتمع كان غريباً عليه، وصار مواطناً ناشطاً في تثبيت قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والفنون.










