بغداد/ تميم الحسن
يتحدث الاطار التنسيقي عن "وساطة" عراقية مع ايران وراء المكالمة بين رئيس الوزراء محمد السوداني والرئيس الأمريكي جو بايدن. لكن مراقبين وسياسيين يعتقدون ان واشنطن "حذرت بغداد" من تدخل الفصائل في حرب غزة وإلا ستتعرض الى عقوبات.
وينفي "الاطار" بدوره علاقته او الحكومة بتلك الجماعات التي تعمل "خارج سيطرته"، كما يبدي استعداده لـ"لجم جماح الفصائل".
وتتداول مواقع الكترونية قريبة من الفصائل منذ ايام، اخبارا عن تشكيل غرف عمليات مع حماس في دول عربية مجاورة لإسرائيل.
وأظهرت تلك المواقع صورا لزعماء فصائل مثل ابو الاء الولائي (كتائب سيد الشهداء)، واكرم الكعبي (حركة النجباء) في غرف العمليات المفترضة.
كما تتسرب أخبار عن مشاركة جزئية لتلك الفصائل في المواجهات مع اسرائيل، وعن سقوط ضحايا.
وحتى الان تعلق هذه الجماعات انخراطها بـ"الحرب الشاملة" ضد اسرائيل بتدخل امريكا بـ"شكل مباشر" في الحرب.
وفي هذا السياق اعلنت بغداد أول امس، عن اتصال بايدن برئيس الوزراء محمد السوداني، وكان الحديث عن أوضاع غزة رغم ان العراق ليس من دول المواجهة مع اسرائيل.
وتقول أوساط "الاطار" ان الرئيس الامريكي يبحث عن "وساطة عراقية مع ايران" من اجل عدم اتساع الحرب في غزة.
وامس قال المرشد الإيراني علي خامئني، إنه لا أحد يمكنه منع المسلمين وقوى المقاومة "من الرد" اذا استمر القصف الإسرائيلي على غزة.
وحمل خامنئي بحسب مانقله التلفزيوني الايراني، واشنطن مسؤولية ما يجري، وقال ان بلاده تمتلك معلومات أن أميركا "هي التي تقود السياسة الإسرائيلية ضد غزة خلال الأسبوع الأخير".
وكان بايدن قد نفى وجود "دليل واضح" على وقوف إيران وراء هجمات حركة حماس التي نفذتها الأسبوع الماضي في إسرائيل.
في غضون ذلك يقول سياسي عراقي ان الولايات المتحدة تريد منع "تدفق الدولار والسلاح" الى غزة.
يرى السياسي مثال الالوسي، ان اتصال الرئيس الأمريكي بالسوداني "بسبب خوف واشنطن من تأثير المليشيات المرتبطة بحماس والحرس الثوري على قرار الحكومة".
وقال الالوسي وهو نائب سابق في مقابلة مع (المدى) ان "الاتصال هو لتقوية موقف رئيس الوزراء ضد تلك الفصائل، ولدعم بغداد تجاه التهدئة وعدم التصعيد".
وبين النائب السابق ان واشنطن تريد "حصر الصراع في قضية غزة بينما تهدد إيران بتوسيع جبهة الحرب".
ونفى الالوسي وهو عضو سابق في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، حاجة الولايات المتحدة الى الوساطة العراقية مع ايران.
وقال ان "واشنطن تريد تطمينات بعدم وصول الدولار من العراق الى حماس وعدم تحول الاراضي العراقية الى ترانزيت لنقل السلاح من ايران الى سوريا ولبنان".
ويخشى الالوسي مما يقول بانها "تحقيقات امريكية تجري الان لمعرفة طريقة حصول حماس على الدولار والسلاح، وإذا ثبت تورط بغداد فستكون هناك عقوبات تؤثر على الشعب والاقتصاد".
وجرى خلال الاتصال الأخير بين بايدن والسوداني، التأكيد على أهمية "تحشيد الجهود والعمل المشترك لدعم الاستقرار المستدام في المنطقة"، بحسب بيان حكومي.
كما تحدث الطرفان عن جهود "تعزيز علاقة الشراكة الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، حسب اتفاقية الإطار الستراتيجي بين البلدين".
وأكد الجانبان، خلال الاتصال، على "ضرورة احتواء الصراع، والعمل على عدم اتساع دائرة الحرب، التي تستهدف المدنيين وتهدد السلام والاستقرار الإقليمي والدولي".
ويفترض ان يزور الرئيس الامريكي اليوم الاربعاء، اسرائيل في زيارة مكوكية للمنطقة حيث يعقد قمة ثلاثية بعد ذلك تجمع زعماء مصر والأردن وفلسطين.
وفي تطور لاحق تلقى السوداني، دعوة رسمية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمشاركة في قمة طارئة حول غزة، بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء.
الى ذلك يتفق احسان الشمري الباحث ورئيس مركز التفكير السياسي مع من يقول ان الولايات المتحدة ليست بحاجة الى وساطة عراقية مع إيران حول غزة.
ويقول الشمري في مقابلة مع (المدى) لدى واشنطن اطراف اخرى اقرب مثل "قطر وعُمان ممكن ان تتواصل معهم اذا كانت تريد الوساطة".
ويضيف ان "واشنطن تريد الاستيضاح من وجود تهديدات أطلقها حلفاء للسوداني ومشاركين في الحكومة".
ويشير الشمري الى تصريحات هادي العامري، قيس الخزعلي، ابو الاء الولائي، ونوري المالكي التي هددت باستهداف الولايات المتحدة.
كما كانت بعض المواقف من الفصائل قد المحت مؤخرا، الى احتمال استهداف المصالح الامريكية والغربية في الداخل.
ويؤكد الشمري ان الولايات المتحدة "تحذر بغداد على خلفية تلك التهديدات التي يمكن ان توصف بأنها رسمية لأنها من شركاء في الحكومة، وهو مايجعل العلاقة مع واشنطن على المحك".
لكن اطراف "اطارية" تحدثت لـ(المدى) ترى خلاف ذلك، حيث لا تتحمل بغداد مسؤولية "مليشيات لا تقع تحت سيطرة الحكومة"، في اشارة الى فصائل عراقية قد تشترك في الحرب ضد اسرائيل.
وعلى العكس، فان تلك الاطراف تقول ان "بغداد قد تكون مستعدة بالتعاون مع واشنطن لكبح جماح تلك الفصائل".
ويخالف احسان الشمري تلك التوقعات، ويقول ان "اتصال بايدن كان رسالة صلبة الى بغداد، وأن واشنطن لن تتوانى عن الرد في حال تعرضت الى استهداف بالداخل او شاركت فصائل عراقية باحداث غزة".
ويستدل الباحث على ذلك باشارة الاتصال بين السوداني وبايدن الى "اتفاقية الاطار الستراتيجي" التي تتضمن حماية العراق للمصالح الامريكية في الداخل.
من جانب اخر فان الشمري يرى ان اتصال بايدن وهو الثاني منذ تسلم السوداني السلطة العام الماضي، "لا يعني اقتناع واشنطن باداء الحكومة" بحسب ما تشير اليه اطراف الاطار التنسيقي.
ويقول الشمري :"على العكس ان الاطار التنسيقي لغته معادية للولايات المتحدة، ورغم ان واشنطن تفصل السوداني عن الإطار لكنه بالنهاية المسؤول التنفيذي الأول وهو صاحب القرار".