 بغداد/ تميم الحسن

بسبب النتائج المتأرجحة لقوى الاطار التنسيقي في بعض المحافظات بعد الانتخابات، بدأ الأخير بالتسابق لضم فائزين الى صفه لحسم تشكيل الحكومات المحلية على الأقل في 3 محافظات يخشى ان يفقدها.

ولا يخلو سباق تشكيل الإدارات المحلية من انباء عن "عمليات شراء" لبعض الاعضاء الفائزين، وفق ما تقوله اوساط التيار الصدري المقاطع للانتخابات.

ويظهر أكثر واول المستهدفين في محاولة توسيع جبهة التحالف الشيعي، هم اعضاء مجالس المحافظات الفائزين ضمن "كوتا الاقليات"، وهم 10 اعضاء.

ومازالت النتائج التي اعلنت عن الانتخابات المحلية جزئية، فيما تدور شبهات حول اسباب تأخر اعلان الاصوات النهائية.

واظهرت النتائج الاولية سيطرة قوائم الإطار التنسيقي، وهي بحدود 12 قائمة بين رسمية واخرى بالظل، على أكثر من نصف المقاعد في المحافظات.

وطبقا لتلك النتائج التي قالت المفوضية بانها تمثل 94% من اجمالي الاصوات، فانه من المرجح حصول الإطار التنسيقي على ادارة 7 محافظات، فيما تبقى 3 اخريات - ضمن نفوذ التحالف الشيعي- متأرجحة اهمها العاصمة بغداد والبصرة.

وقد تشعل حصة "الإطار" من مناصب المحافظين، فتيل ازمة مع الصدريين في اكثر من محافظة، أبرزها محافظة ميسان والنجف.

معركة البصرة

رغم ان الاوضاع الامنية في البصرة هادئة لكن بوادر معركة سياسية تلوح هناك بسبب منصب المحافظ الذي يتمسك به اسعد العيداني - المحافظ الحالي- بشدة.

بالمقابل فان الاطار التنسيقي، وفق حسابات داخلية في التحالف، فان البصرة هي من حصة قيس الخزعلي، زعيم عصائب اهل الحق.

وتبدو المشكلة، بعد ان فقد الاطار التنسيقي الامل في ازاحة العيداني، مع الاخير ولا تتعلق فقط بحصة الخزعلي او غيره- بحسب مصادر سياسية في البصرة.

وبدأ الصراع بعيدا مع العيداني منذ عام 2018، حين كانت البصرة تشتعل بالتظاهرات التي سبقت احتجاجات تشرين بعام واحد.

آنذاك كان حيدر العبادي رئيس الوزراء الاسبق، وحلفاءه الشيعة محرجين مما يجري في المحافظة، وحاولوا رمي المسؤولية على العيداني، الذي كان وقتذاك قد تسلم المحافظة قبل سنة واحدة.

العيداني المعروف بتاريخه المتناقض من الانتماءات السياسية، التف وقتذاك على العبادي واختبأ خلف عباءة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، رغم انه كان قد انشق عن العبادي الذي ترشح عنه في انتخابات 2018 وانضم بعد ذلك الى فريق هادي العامري زعيم منظمة بدر. وقال العيداني في الجلسة المشهورة التي جرت في 2018 داخل البرلمان لمناقشة اوضاع البصرة التي شهدت عمليات عنف حينها، ردا على رئيس الوزراء الذي وبخه امام الكاميرات بسبب ترك البصرة ووجوده في بغداد، بانه "كان عند السيد الصدر"!

ورشح المحافظ الجديد وقتها اسعد العيداني، على قائمة "العبادي" في التسلسل رقم 5. واختير العيداني محافظاً في آب 2017، عقب فضيحة لاحقت خلفه السابق ماجد النصراوي الذي هرب من المحافظة بعد اتهامات بالفساد.

والعيداني هو مزيج متناقض من الخلفيات السياسية. إذ ينتمي الى المؤتمر الوطني ويشغل منصبا رفيعا في صفوفه، فيما كان مرشحا لمجلس النواب عن كتلة دولة القانون خلال انتخابات 2014.

واعترف تيار الحكمة، بعد اختيار العيداني بوقت قصير كمحافظ للبصرة، بأنه مرشح التيار، وطالبه بالمزيد من العمل لخدمة البصرة. وفي انتخابات 2021، فاز العيداني مرة ثانية بمقعد في البرلمان لكنه استمر في منصبه كمحافظ، وكان وقتها قد تزعم مع النائب عامر الفايز تجمعا جديدا باسم "تصميم"، واضحى فيما بعد احد اركان الاطار التنسيقي.

لكن "الاطار" بقي ينظر الى العيداني بعين الريبة، خصوصا مع موقفه غير الواضح في اعقاب ازمة تشكيل الحكومة في 2022، وانباء تأييده لجبهة الصدر على حساب التحالف الشيعي.

وبعد ان استلم الاطار التنسيقي السلطة اواخر 2022، اراد التحالف ازاحة العيداني من منصب المحافظ لكن الصدر اوقف ذلك الامر، بحسب ما يدور من احاديث في الكواليس.

وكان العيداني هو المسؤول الوحيد الذي استقبله الصدر بعد عزلته السياسية، العام الماضي، حين زاره محافظ البصرة مع فريق كرة القدم الذي فاز وقتذاك بدورة الخليج.

ولم تنته الازمة عند هذا الحد ففي آب الماضي، اتهمت أطراف من "الاطار"، العيداني بإبرام صفقة لبيع أراضي عراقية الى الكويت مقابل اكثر من 40 مليون دولار.

بدوره قام محافظ البصرة في ذلك الوقت، باتهام نواب ومسؤول في منظمة بدر بافتعال الازمة.

وانبرى الصدريون للدفاع عن العيداني في المنصات المحسوبة على التيار، عقب ظهور العيداني على التلفزيون.

جمهور الصدر حاولوا التبرير لمحافظ البصرة، بعد وقت قصير من تصعيد التيار ضد الاطار التنسيقي واتهامهم ببيع البصرة الى الكويت قبل ان يتبدل موقفهم.

ودارت في الكواليس حينها انباء عن دعم الصدريين لمحافظ البصرة، او ان العيداني يحاول ان يحصل على تأييد التيار في الانتخابات المحلية، ثم اشارت الى ان الصدريين قد صوتوا للمحافظ.

وحصل العيداني في الانتخابات الاخيرة على المركز الاول في اعلى الاصوات بنحو 160 الف صوت مايعادل 26% من اصوات البصرة، وكتلته "تصميم" جمعت اكثر من 300 الف صوت.

ووفق ذلك فان قائمة العيداني حصلت على 12 مقعدا من اصل 23، وهي صاحبة الاغلبية المريحة، رغم ان هناك محاولات للحصول على تفسيرات قضائية عكس ذلك.

وتقول المصادر في البصرة ان "اعضاء في الاطار التنسيقي يريدون الحصول على تفسير من القضاء بان نصف عدد المقاعد زائدا واحد في البصرة هو 13 مقعدا".

لعبة الكوتا!

واذا لم ينجح "الاطار" في هذا التفسير فانه على الجانب الاخر ان يحاول زيادة جبهته بشراء اعضاء اخرين، بحسب مايقوله عصام حسين، المحلل السياسي المحسوب على الصدر.

ويقول حسين في منشور على منصة اكس ان "سعر عضو مجلس المحافظة في البصرة وصل الى مليون ونصف المليون دولار".

كما يشير حسين في منشور اخر الى ان باسم خشان، النائب القريب من الاطار التنسيقي، اتفق مع الاخير لرفع قضايا "فساد" ضد العيداني. بالمقابل فان المفوضية وفي توقيت غريب، قررت ابعاد الفائز بـ"كوتا المسيحيين" في البصرة واستبداله باخر قريب من كتلة مسيحية متحالفة مع الاطار التنسيقي.

وفي البصرة مقعد واحد للمسيحيين من ضمن 3 مقاعد للمكون في بغداد، الموصل، وكركوك.

واستغرب الفائز بـ"كوتا المسيحيين" بانتخابات محافظة البصرة فاهرام هايك، هو من استبعاده من الفوز، بسبب اجراءات المساءلة والعدالة، بحسب بيان صدر عن الأخير.

وقال هايك "إلى أبناء مدينتي البصرة الفيحاء بمختلف أطيافهم وشرائحهم وبالخصوص إلى جمهورنا وناخبينا ممن يسأل عن كتاب استبعادنا من عضوية مجلس محافظة البصرة، والصادر من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نقول لكم بأننا تفاجأنا بهذا القرار كما تفاجأتم أنتم".

فاهرام فايك وصف القرار بأنه "مفاجأة، لأننا حين قدمنا أوراق ترشيحنا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات فقد تم ارسال ملفنا كبقية المرشحين إلى هيئة المساءلة والعدالة، ووزارة الداخلية (القيد الجنائي)، ووزارتي التربية والتعليم العالي".

ولفت الى أن "الردود (من هذه الجهات) جاءت ايجابية، وتمت المصادقة على ترشحينا وبدأنا القيام بحملتنا الانتخابية معتمدين على تأريخنا المهني ومحبة البصريين لنا، والحمد لله وفقنا الله وفزنا بثقة البصريين كعضو مجلس محافظة البصرة عن مقعد الكوتا المخصص للمكون المسيحي في محافظة البصرة".

واستدرك فاهرام هايك انه في "يوم الثلاثاء الماضي، تفاجأنا كما تفاجأتم بصدور هذا القرار من مجلس المفوضين باستبعادنا من عضوية مجلس محافظة البصرة بناءً على كتاب وارد من هيئة المساءلة والعدالة".

ويقدر عدد اصوات المرشح المسيحي المستبعد فاهرام هايك 1375 صوتاً، بينما البديل هو تابع لحركة بابليون ويمتلك (180) صوتاً فقط.

وبابليون قد حصلت على 3 مقاعد للمسيحيين من اصل 4 وهي في (بغداد، الموصل، واخيرا في البصرة).

والحركة التي يرأسها ريان الكلداني، ولديها فصيل مسلح داخل الحشد، معروفة بقربها من منظمة بدر، كما تملك وزيرة في الحكومة (ايفان يعقوب وزيرة الهجرة).