TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البحث عن التفاؤل

العمود الثامن: البحث عن التفاؤل

نشر في: 14 يناير, 2024: 11:00 م

 علي حسين

أتابع المقالات التي يكتبها المفكر السعودي توفيق السيف في جريدة الشرق الأوسط ، وكنت ومازلت مغرماً بكتابه "رجل السياسة: دليل في الحكم الرشيد " الذي يثير من خلاله الأسئلة عن مفهوم السياسة وعلاقة المواطن الفرد بمجتمعه ، وآليات الحكم الرشيد.

في المقال الأخير الذي نشر قيل أيام بعنوان " صناعة الكآبة " يناقش مقالاً نشره الصديق إياد العنبر بعنوان " العراقيون في 2024: بين التشاؤم والأمل " حيث يرى توفيق السيف أن دور النخب والمثقفين ، تقديم أفق للمستقبل بدلاً من الاستغراق في التشاؤم والبكاء على الأطلال " .

ربما يمكنني أن أزعم أنني أكثر من طالب بإشاعة التفاؤل ، وكنت أسخر من الذين يشيعون الكآبة وأحاول من خلال هذه الزاوية المتواضعة بث الأمل في نفوس العراقيين . ولكن ماذا نفعل ياسيدي ونحن نعيش مع ساسة ومسؤولين حولوا مؤسسات الدولة إلى سيرك كبير يستعرضون فيه مهاراتهم في الضحك على عقول الناس ، وكان آخرها ما حدث في الجلسة الأخيرة للبرلمان ، وكيف نُصب مزاد بيع كرسي رئيس البرلمان .

منذ سنوات والمواطن العراقي المغلوب على أمره لديه مشكلة أساسية مع ما يقوله الساسة والمسؤولون عن الفساد والإصلاح، وتراه يضحك في السر ويتجهم في العلن كلما شاهد مسؤولاً سابقاً أو حالياً يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار. فالمواطن المتشائم مثل حالي يعرف جيداً أن القضية لم تعد مجرد تفاؤل وإصلاح، بل إخراج العراق من دوامة الفشل والانتهازية والطائفية ، وقد أعطيت نفسي مثل أي مواطن عراقي أكثر من فرصة أتفاءل فيها وانتظر ما سيفعله السادة المسؤولون الأفاضل ، وكنتُ مراهناً نفسي على أنّ البعض منهم سيخلع "معطف" الطائفية ، ويرتدي ثوب رجل الدولة، ويبدو أنّ المتشائم ينتصر كل مرة ، مثلما اخسر الرهان كلما راهنت على مسؤول عراقي .

أعرف جيداً ياسيدي أن على الكاتب والأكاديمي والمثقف أن يضيء شمعة بدلاً من أن يلعن الظلام ، وأعرف أن من المؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائم " جانباً وأتمنى على أحزابنا التي تخوض معركة كسر العظم من أجل كرسي رئاسة البرلمان أن تخبرنا ماذا ستختار: السعي إلى المستقبل أو الإصرار على التبرّك بالماضي، نظام سياسي يعتمد على الكفاءة والنزاهة أم نظام يصفّق للمحسوبية والانتهازية؟

هذه الأسئلة وغيرها تشغل بال معظم العراقيين المتشائمين مثل جنابي، الذين يدركون أنّ صناعة الفشل لا تقلّ خطراً على العراق من صناعة الإرهاب ، مثلما يدركون ان صناعة الفرح والتفاؤل تحتاج الى ساسة ومسؤولين يرون ويسمعون ويقرأون هموم الناس جيداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

الحرب الباردة بنسختها الثانية

العمود الثامن: رجل المنجز .. ورجال الاستعراضات

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram