بغداد/ تميم الحسن
تعرضت مقرات تابعة لعصائب اهل الحق جنوب بغداد الى هجمات من مجهولين، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين العصائب والتيار الصدري على اثر مقتل الناشط الصدري أيسر الخفاجي في الحلة.
وفي غضون ذلك حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر انصاره من "الفتنة" والتفاعل مع "أفعال الفاسدين والميليشيات الوقحة"، في اشارة على مايبدو الى الهجمات الاخيرة.
وجاءت الهجمات بعد نهاية المهلة التي منحتها عشيرة الناشط الصدري الى الحكومة المحلية والشرطة في بابل للكشف عن الجناة خلال 24 ساعة.
وتداولت معلومات عن اشتباكات جرت في بابل، بعد نهاية المدة، بين العشيرة وأنصار التيار من جهة والعصائب من جهة أخرى.
والاشتباكات الأحدث بين "التيار" و"العصائب" هي الرابعة من نوعها منذ بداية العام الحالي، والسادسة في اخر عامين.
وكان التيار الصدري قد هاجم خلال تلك الفترة نحو 20 مقرا ومكتبا تابعا لأحزاب شيعية والحشد الشعبي في بغداد ومدن جنوبية.
ونفى مسؤول في هيئة الحشد في بابل، بحسب ماوصف في مقطع فيديو أذيع على منصات اخبارية، مسؤولية اي طرف عن الهجوم.
وقال المسؤول في المقطع ان "مقر الهيئة تعرض الى صاروخ، وهو تصرف فردي لا يمت الى أي جهة بصلة".
وتعرض المقر الواقع قرب جسر نادر وسط الحلة، جنوب بغداد، التابع لفصائل ضمن عصائب اهل الحق، الى هجوم ليلة الثلاثاء على الاربعاء، بقذيفة (ار بي جي).
وأضاف المسؤول أن "جميع الاخوة في سرايا السلام أعربوا عن أسفهم للحادث، وأن الحادث بعيد عن الجميع، وهنالك علاقة طيبة بين الهيئة والاخوة في المحافظة وسرايا السلام".
واكد في الفيديو بأن "لدينا تواصل مع سرايا السلام واتصلنا بهم هاتفياً" عقب الحادث.
الى ذلك قال محمد صالح العراقي المعروف بـ "وزير الصدر" إنه "مرة أخرى تمتد يد الفسـاد لتؤجج الفتنة.. وفيكم سمّاعون لهم مع شديد الأسف، ومن هنا أنقل لكم ما قاله الصدر القائد".
ونقل العراقي عن الصدر قوله إن "كل من يتفاعل إيجابياً أو سلبياً مع أفعال الفاسـدين والمليشـيات الوقـحة من أعمال عنـف وقتـل واغتيال فهم منهم.. ونبرأ الى الله ورسوله وأهل بيته منهم أجمع".
وتابع الصدر: "وعلى المؤمنين المخلصين أن يتجنبوا الخوض بالدمـاء والفتـن وعليهم إلتزام (الكهف) وإلا فليعتبر نفسه مطروداً"، وفقا لوزيره.
وسبق ان اشتبك أنصار الصدر في كانون الثاني الماضي، بالاسلحة مع عصائب اهل الحق في واسط، والبصرة، وذي قار.
كما حدثت اشتباكات بين الطرفين نهاية عام 2023 في منطقة حي العامل جنوب غربي بغداد، واخرى في البصرة في تشرين الثاني الماضي.
نهاية المهلة
وفي الليلة ماقبل الاخيرة تداولت مقاطع لاشتباكات بالاسلحة قيل انها في محافظة بابل بين عشيرة الخفاجة وصدريين وبين العصائب.
وامهل ذوو المقتول أيسر الخفاجي، يوم الاثنين، محافظ بابل والقيادي بتنظيم عصائب أهل الحق عدنان فيحان 24 ساعة للكشف عن الجناة، "وإلا جميع المكاتب ستكون هدفاً لنا"، بحسب مقطع مسجل.
وفي نفس ليلة انتهاء المهلة، تعرض مقر اخر للعصائب في حي السلام وسط النجف، الى هجوم يعتقد بانه بقذيفة صاروخية، فيما قالت انباء ثانية بان الهجوم جرى بقنبلة يدوية الصنع.
وكانت مقاطع فيديو قد تداولت في كانون الاول الماضي، عن اقتحام انصار الصدر مكتب تابع لتيار الحكمة (بزعامة عمار الحكيم) في جميلة، شرقي بغداد، وقاموا باعمال تخريب.
وبعد ساعات اعلنت محكمة في بغداد بانها "قررت توقيف مجموعة خارجة عن القانون مكونة من (12) متهماً في مناطق شرق القناة، لقيامهم بالاعتداء على مقرات الأحزاب وحرق وتمزيق صور المرشحين للانتخابات".
وجاء الهجوم وقتذاك عقب تدوينة للقيادي في الحكمة بليغ ابو كلل الذي وصف الصدريين بـ"الاقلية" و"الخوارج" بسبب مقاطعة الانتخابات، قبل ان يتبرأ من المنشور ويؤكد بانه "مزور".
وكانت مجاميع قد هاجمت قبل ذلك بايام، مقرات تابعة لحزب الدعوة في النجف بـ"القذائف"، ثم بعد ذلك في البصرة.
واعتبر حزب الدعوة ماجرى بانها اعمال "ندرج في اطار الاخلال بالسلم الأهلي وترهيب الآمنين".
واكد الحزب "عدم الانجرار إلى معارك بين أبناء الساحة الواحدة وأبناء المذهب الواحد، وحرصا على حرمة دماء العراقيين جميعا".
ولم يحمل الحزب اي جهة مسؤولية الحادث، لكن يرجح ان انصار متقدى الصدر، زعيم التيار، وراء تلك الهجمات بسبب تعليقات صدرت من شخصيات محسوبة على "الدعوة" ضد الصدر.
وكان جمهور الصدر قد اغلقوا 18 مكتبا تابعا لحزب الدعوة في 10 محافظات في تموز الماضي، بسبب اتهامات لـ"الدعوة" بالاساءة الى محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر).
واعتبر الصدر في ذلك الوقت، ماجرى بانه حركة "ثورية" لايقاف التعدي على العلماء، قبل ان تعلن هدنة لحين تشريع قانون يمنع "سب العلماء".
الاغتيالات المتبادلة
منصات تابعة للتيار الصدري على "تليغرام" قالت إن ايسر الخفاجي الذي عثر على جثته الاثنين الماضي، بعد يوم من اختطافه وسط الحلة، بانه تم التمثيل بجثته.
وأشارت تلك المنصات الى ان القوات الأمنية عثرت فجر اليوم الاثنين الماضي، على جثة الخفاجي، مقتولاً بعدد من الطلقات النارية، إضافة إلى وجود علامات تعذيب على الجثمان، من بينها كسر أرجله ويديه.
وقالت تلك المنصات ان "سيارات دفع رباعي لا تحمل لوحات تسجيل" هي من اختطفت الخفاجي اثناء عودته من الجامعة متوجهاً الى منزله في منطقة ابي غرق، وقامت بدهسه قبل اطلاق النار عليه.
وذكرت وزارة الداخلية تعليقا على الحادث في بيان أن "عناصر خارجة عن القانون تحاول بين الحين والآخر تعكير صفو هذا الاستقرار، الأمر الذي لن تسمح به الوزارة".
واشارت الى ان فريق العمل الأمني توصل الى خيوط مهمة عن الجناة الذين "لن يفلتوا من العقاب وسيتم تسليمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل"، وفقاً للبيان.
والخفاجي هو مدوّن وناشط صدري، ويعمل ضمن إعلام فصيل "سرايا السلام" التابع للتيار، فيما قبل بانه كان قد اختطف في فترة اعتصام الصدريين في المنطقة الخضراء عام 2022 والتي يسمها انصار التيار بـ"ثورة عاشوراء".
الخفاجي بحسب انصار الصدر، كان قد اختطفت من قبل مجهولين وتم اعتقاله لفترة وجيزة في منطقة جرف الصخر، التي يعتقد بانها سجون سرية تديرها فصائل.
ولم تكن حوادث القتل بين الطرفين (التيار والعصائب) جديدة، ففي احتجاجات تشرين عام 2019، قُتل وسام العلياوي أحد أبرز قياديي عصائب أهل الحق وشقيقه من قبل محتجين غاضبين حاصروه في سيارة الإسعاف، التي كان يُنقل بها مع شقيقه، ثم اغتيل شقيق ثالث لهما، وهو ضابط في وزارة الداخلية، واتهمت العصائب أنصار التيّار بالوقوف خلف العملية.
وفي شباط 2022، اغتيل عضو في التيّار الصدري، يدعى كرار أبو رغيف، ظهر في مقطع قتل وسام العلياوي. حينها صدرت بيانات للخزعلي تدعو الصدر إلى التبرؤ من بعض العناصر المسيئة، ثم تلاها بيان من الصدر لإيقاف الفتنة والتهدئة، وإرسال وفد خاص من قبله للتحقق فيما يحصل.
وفي شباط الماضي، اغتال مسلحون مجهولون ناجي الكعبي في محافظة ميسان، وكان يشغل منصب مدير العلاقات داخل عصائب اهل الحق .