اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا أنا مواطن مدني؟

العمود الثامن: لماذا أنا مواطن مدني؟

نشر في: 14 إبريل, 2024: 10:48 م

 علي حسين

شاعت في الآونة الأخيرة خطابات وكتابات تسخر من مفهوم المدنية وتعتبره دخيلاً على المجتمع ،وذهب البعض إلى اتهام دعاة المدنية بأنهم يريدون نشر الكفر والرذيلة وإشاعة الفسق حسب مفهوم أحد قادة حزب الدعوة – عامر الكفيشي – ، والسؤال الذي يجب أن نطرحه في هذه المرحلة ونحن نرى الكثير من الأحزاب الدينية تحاول أن تنزع جلدها وتستبدله بجلد جديد مكتوب عليه عبارة مدني.. من هو الإنسان المدني؟

بداية علينا أن نعرّف كلمة ” مدني ” كما جاءت على لسان فلاسفة التنوير وتعني الحر، وهي مشتقة من كلمة رومانية تشير إلى الإنسان الذي يسلك سلوك أهل المدينة، ويقول إيمانويل كانط في كتابه ” ما هو التنوير ” إن : ” المواطن المدني المستنير في المجتمع المدني ، هو الذي يتحلى بالجرأة على استخدام العقل المستقل ذاتياً ، المبرأ من انحيازات عرقية أو طائفية أو دينية أو طبقية .. إلخ ، فهذه هويات خاصة طائفية جزئية . وإنما المواطن المدني عقل مستقل وهوية مدنية ”.

وقد حاول فلاسفة التنوير من جون لوك وروسو وكانط وبنتام وفولتير وستيوارت ميل ، رسم طريق حديث لبناء مجتمع متماسك متحرر من الانحيازات الطائفية والعرقية والدينية ، ومتلاحم في وحدة حضارية ووطنية ، نجد روسو ينادي بضرورة العودة إلى الطبيعة البشرية في جوهرها ، في ظل سلطة ديمقراطية وليدة اقتراع حر .. ولهذا يضع ستيورات ميل ، شرعية السلطة في المجتمع المدني رهن مواطنين أحرار متساوين يختارون بملء إرادتهم الحرة ومسؤوليتهم الواعية ، النظام الحاكم ، شرط أن يكونوا متعالين بحكم تعليمهم وتثقيفهم على الانحيازات الطبقية أو الدينية أو العرقية . .

وعلينا أن ندرك جيداً أن المجتمع المدني ليس ضد الدين ، بل هو مجتمع يتسامح مع المعتقدات والعبادات مادامت لا تتدخل في إدارة الدولة ، فهو مجتمع ضد تسلط رجال الدين وليس ضد الدين كفكرة وعقيدة ، وهو ضد تحقيق المصالح الشخصية والفئوية باسم الدين ، فرجل الدين بشر تحكمه أحياناً مصالحه وانحيازاته الشخصية. ولهذا نجد في المجتمعات المدنية وخصوصاً في الغرب كيف تتمتع الأديان بحريتها ، بدليل أن معظم رجال الدين الذين هربوا من مجتمعاتهم ” المؤمنة ” في الشرق ، يعيشون برفاهية واحترام في الغرب ” الكافر ” الذي يشتمونه على منابرهم .

تسود المجتمع المدني ثقافة خلاقة وفعالة للمواطن الذي تصوغه في المجتمع المدني ثقافة سياسية تدعم الفضائل المدنية مثل التسامح إزاء اختلاف الرأي والعقيدة ، وتحكيم العقل ومصالح المجتمع والإيمان بمسؤولية وحق الآخرين ، ورفض ومنع كامل لأي امتيازات أو انحيازات لمنصب أو عقيدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram