ما بعد الترشيح...

ما بعد الترشيح...

المدىهواجس كثيرة تنتاب الشارع العراقي من إمكانية أن تدخل العملية السياسية في نفق جديد من اجل إخراج الحكومة العتيدة والجديدة إلى النور. أمامنا جدل الاختيار وحسابات الشراكة الوطنية وعدد المقاعد أو ما نسميه بالاستحقاقات الانتخابية ومقبولية المرشحين من

قبل مجلس النواب وقبل هذا وذاك انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية والإقرار بالكتلة الأكثر عددا داخل قبة البرلمان. مشاكل وعقد كبيرة أمام القطار العراقي تحتاج صراحة إلى الحكمة والخبرة والمهنية في قيادة هذا القطار للوصول به إلى المحطة الأخيرة. هذه المخاوف تعترف بها نخبنا السياسية بكل وضوح، ونعتقد بان أصابع التعطيل التي أخرت اتفاق الكتل السياسية على مرشح رئاسة الوزراء هي نفسها ستقوم بالفعل نفسه، وبشحنات أقوى إن كانت عوامل داخلية أو خارجية وسنشهد صراعات سياسية قوية بين القوى كافة لأجل تشكيل الحكومة القادمة، وربما ستأخذ هذه الصراعات زمنا، نتمنى أن لا يطول، ذلك أن تشكيل الحكومة مهمة ليس اقل تعقيدا من اختيار المرشح لرئاسة الوزراء.ربما يرى البعض في هذا المشهد حالة سلبية في العراق الجديد، لكن القراءة الموضوعية للمشهد السياسي العراقي الحالي تشير إلى عناصر حيوية فيه، وهي عناصر، في كل الأحوال، جديدة على مجمل العمل السياسي العراقي، ونحتاج جميعا إلى زمن من التجارب لنقر بها باعتبارها آليات ديمقراطية تميّزت بها العملية السياسية في العراق بالمقارنة مع تجارب العمل السياسي في محيطنا العربي وغير العربي الذي يتسم بالسيطرة الشديدة والمطلقة للمنطق الواحد والرؤية السياسية الواحدة التي تفرض على الجميع.إن القوى السياسية العراقية عليها أن تدرك أنها أمام مهام وطنية جسيمة وعليها أن تتعامل مع هذه المهام بروح وطنية عالية ونكران ذات يساعد الجميع وفي المقدمة المواطن للخروج من الأزمة أو الأزمات التي تعترض التشكل السياسي الجديد في عراق ما بعد سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان عام 2003.إن الشعب ينتظر من المتصدين للازمات في السلطة والبرلمان أن يتجنبوا منطق الحصص واقتناص فرصة الحصول على المكاسب، والانتقال إلى فضاء العمل السياسي المشترك الذي تتطلبه ضرورات المرحلة الحالية، وهو الفضاء الوطني الذي سيقلص بكل تأكيد من زمن الحوارات غير المجدية أو الحوارات الابتزازية أو محاولات الاستقواء بأي طرف كان مهما علت أصوات التصريحات بالحرص على العراق ووحدته، لان التجربة السياسية العراقية، على قصر زمنها، أثبتت أن الحلول الحقيقية والصحيحة تنبثق من الداخل، وان النصائح الخارجية، بافتراض حسن نيتها، تؤدي إلى الجحيم!فرصة أخرى أمام القوى السياسية لتثبت للعراقيين وللعالم اجمع قدرتنا على أن نقود عملية ديمقراطية من الطراز العراقي بعياره الثقيل، وأننا كشعب وقوى سياسية، تليق بنا الديمقراطية كما نليق بها، وان انتظار المواطنين لتشكيل الحكومة لن يطول إلى الدرجة التي تسر الأعداء والمتصيدين في الماء العكر.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top