كلام اليوم: قضية وطنية اسمها المكونات العراقية

كلام اليوم: قضية وطنية اسمها المكونات العراقية

في ورشة نحاور التي نظمتها المدى لفتح حوار حر وواسع حول قضية مكونات الشعب العراقي أو ما يطلق عليه عادة بـ \"الأقليات \"، أثيرت الكثير من القضايا والمشكلات والإشكالات المتعلقة بهذا الموضوع ابتداء من الاختلاف على المصطلح \"أقليات أو مكونات\" إلى طبيعة التحديات الحقيقية الحالية والمستقبلية التي تواجه هذه المكونات، وأخطرها على الإطلاق عمليات الإرهاب الواسعة التي استهدفتهم بأشكال متنوعة وما زالت كذلك.

وبينت أوراق العمل التي قدمت وتحديدا فيما يتعلق بالمناهج الدراسية والقضايا الحقوقية حاجتنا  الفعلية والحقيقية إلى طرح هذا الموضوع جديا باعتبار أن معالجته تشكل البوصلة التي سترسم مستقبل العراق القادم بما في ذلك العملية السياسية الجارية في البلاد والتحديات التي تواجهها على مستوى بناء الدولة المدنية الحقوقية الحضارية.إن أمام السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب الذي انتخبه الشعب أن تتعامل مع هذه القضية بمسؤولية عالية وطرحها بجدية وسرعة وتشريع القوانين التي من شأنها أن تحفظ النسيج العراقي من محاولات تفكيكه التي تجري على أكثر من مستوى، ونقول دون تردد، مع الأسف الشديد، إن قوى مشاركة في العملية السياسية لها يد بهذا الشكل أو ذاك في تنشيط تلك المحاولات وفتح الأبواب أمامها وإغراؤها، لتصعيد مستويات الاستهداف لهذه المكونات بأشكال مختلفة، التي تبدو من خلال جردة إحصائية بسيطة، أن النسيج العراقي المتوازن اجتماعيا على المستوى التاريخي، بدأت تختل توازناته التي ظل محافظا عليها رغم كل أشكال التعسف التي تعرض لها المجتمع العراقي باختلاف مكوناته وتحديدا منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921.إن عمليات الهجرة القسرية الواسعة إلى خارج البلاد التي بدأت تأخذ طابعا جماعيا، حسب إحصاءات موثقة، تدق بكل قوة و وضوح جرس الإنذار لما ستتركه هذه الهجرات من تأثيرات سلبية على مجمل الواقع العراقي، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، والتي ستؤدي إلى انكفاء تام في مجمل حركة الحياة الاجتماعية بكل تلاوينها والتي ستبنى على نظرية اللون الواحد والفكر الواحد والثقافة الواحدة والاتجاه الواحد. إن اخطر ما في الموضوع أن النخب المتصدية للعملية السياسية تتعامل مع هذا الواقع بأدوات ضعيفة وغير فاعلة معتبرة أن المشكلة هي مجرد تعويضات عن خسائر مادية أو توفير طائرات نقل وتطمينات إعلامية وسياسية، بديلا عن البرنامج الوطني الواسع لحياكة من طراز خاص للنسيج العراقي بعد ما تعرض له هذا النسيج من تمزقات وتشوهات حقيقية وواقعية ملموسة  نتيجة العنف الذي ساد البلاد في السنوات الأخيرة. حياكة تعتمد رؤية جديدة منفتحة وعميقة على الواقع الجديد لتأمين الأرضية القانونية والسياسية والاجتماعية الصلبة لبروز لوحة مواطنية عراقية مبنية على أساس المواطنة العراقية وليس التسميات المثيرة للفرقة، وهي لوحة لا تنتقص من الهوية الخاصة للمكونات ولا تذوبها بحجة المواطنة. إن التهاون في التصدي لهذه الإشكالية يعبر عن استخفاف مريب بحجم المشكلة وتنوعاتها وآثارها وعن جهل تام بإفرازاتها على البنية الاجتماعية العراقية وتفاعلاتها المستقبلية. وسيؤدي هذا التهاون في النهاية إلى إنتاج لوحة مهللة للمجتمع العراقي سوف لن تكون قادرة على الصمود أمام الصدمات والتحديات القادمة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top