وجه الدكتاتور

هاشم العقابي 2012/12/11 08:00:00 م

وجه الدكتاتور

يقول العراقيون إن "وجوه الخير إلها علامة". وناصر حكيم يقول عن وجه حبيبته الحلوة بأنه "للشر يطرده". وجبار ونيسة يغني بعذوبة:

ثدي الحب ابد ما در ولك دار

أو وجهك يطرد همومي والكدار

إلك عرش انصب يسمر ولك دار

ابكلبي ولا غيرك سكن ليه

وفي قصيدة لي قلت مرة:

نسّم يا حلو يل الله منطيك وجه مثل الصبح والشفة تفاح

ويوم كنت أذهب لأداء امتحان دراسي أو لأحضر مقابلة مهمة، كان أبي  ينصحني، قبل الذهاب، أن أنظر للوجه الوضاء لطفلتي الخنساء تفاؤلا بالخير.

وعلى العكس من ذلك هناك وجوه تجلب النكد والكدر، فيقول العراقيون عن وجه السفيه الذي لا يعرف الحياء "وجه كباحة". ويقولون عن الذي يتظاهر باللطف وقلبه اسود "وجه نعجة وكلب ذيب". وعن الصلف "وجه من صخر". وعن الذي لا يستحي "وجه من تنك". وعن الذليل "وجه يبجي وكفه يستعطي". وعن صاحب الوجه العبوس القمطرير "وجه منضوح بخلّ". وعن الذين يذبحون الناس باسم الدين يقولون "وجوه تسبّح وكلوب تذبّح".

هذا الحديث عن الوجوه مرّ بخاطري ليلة البارحة عندما كنت أتابع الفضائيات المهتمة بشأن مصر الخائفة من عودة الدكتاتورية. توقفت عند عبارة قالها احد المناهضين لقرارات مرسي الجديدة، مفادها انه حين يشاهد أحد المتحدثين المعارضين لأسلوب فرض الدستور بالتحايل،  يشعر حقا بأنه يعيش في القرن الحادي والعشرين وعندما يقّلب التلفزيون ويظهر له وجه مرسي أو احد المدافعين عنه، يشعر بان آلة الزمن قد سافرت به إلى الماضي أكثر من ألف عام إلى الوراء.

لم أعد للوراء، بل لكمبيوتري لأبحث في الانترنت عن صور الطغاة السابقين واللاحقين. وضعت وجوههم جنبا إلى جنب. الجديد منهم، إن وجدت له صورة قبل أن يصبح حاكما، صرت أضعها جنب صورته بعد أن "تربّع" على كرسي السلطة. يا سبحان الله، إن وجوههم فد انقلبت بالفعل. رحمك الله يا خالتي أم جبار يوم صحت بوجه ذلك الذي طغى "ولك حتى الله كلب وجهك".

أمسكت بقلمي لأضع أهم السمات المشتركة بين وجوه هؤلاء. فيهم عراقيون وعرب أجانب. بعضهم حكم قبل مئة عام أو أكثر ومنهم من يحكم اليوم. كان الفم المائل "الأعوج" واحدا من أهم المشتركات. أردت أن أجد شيئا آخر أخبركم عنه، لأني كتبت عن اعوجاج فم الدكتاتور في مرة سابقة. قضيت ساعات طوالاً أتفحص تلك الوجوه فلم أصل إلى قاسم مشترك آخر يجمعها حتى داهمني النوم.

نمت فرافقتني وجوههم التي قلبت أحلامي إلى كوابيس مفزعة. وفي الصباح، بينما كنت أستعرض كوابيس الليل، وجدت ضالتي: إن ما يجمعهم هو القبح. أقولها وأتحمل كل الاعتراضات: لم ولن يكون هناك دكتاتور جميل الوجه  مطلقا.

صدق ذلك الذي صرخ في وجه طاغية ذات يوم: قبح الله وجهك يا ....

تعليقات الزوار

  • Abu Semir

    Or because of their brain is fxxxed up.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top