مراجعات..بعض اليابانيين لم يشاهدوا البحر أبداً ..

مراجعات..بعض اليابانيين لم يشاهدوا البحر أبداً ..





"البعض لم يشاهدوا البحر أبداً ".. رواية جديدة للكاتبة اليابانية المتألقة جولي اوتسوكا تصف فيها المصير الضائع لآلاف من الشباب الياباني المهاجر إلى الولايات المتحدة في فترة مابين الحربين ...
وإذا لم ير الكثير من الشباب الياباني البحر أبداً كما يشير إلى ذلك عنوان رواية اوتسوكا فلأن البعض كان لديهم سبب جيد لعبوره، إذ يوجد زوج على الجانب الآخر منه ...
في تلك الفترة، كانت آلاف الشابات اليابانيات ينفين أنفسهن إجباريا الى الولايات المتحدة حيث يوجد آلاف المهاجرين من الشباب الياباني ولذا يمكن أن تحصل تلك الفتيات على أزواج من مواطنيهن بعد مشاهدة صورهم لدى ( وسطاء الزواج)...منذ سطوره الأولى، يجتذب هذا الكتاب قرائه لأنه يروي قصة خدعة جماعية... تقول إحدى الفتيات اليابانيات (على الباخرة ، كنا جميعا تقريبا عذراوات ) وتؤكد هذه الجملة المرور العسير والمرعب في طريق البحث عن الزوج ..
وفي الفصل الثاني، تصف الكاتبة ليالي الزفاف مع أشخاص مجهولين اغلبهم من الفقراء الصعاليك الذين يعملون في حقول أرياف كاليفورنيا أو في محال غسل الملابس في مدن الساحل الغربي ..وتكنّ أولئك الفتيات مدربات على فن تقديم الشاي وطي الكيمونو (الزي النسائي الفولكلوري في اليابان)، بأدب وتهذيب مفرطين ليصبحن بالتالي خادمات في المنازل الأمريكية أو ربات بيوت متواضعات..
ولم تعمل الروائية على سرد قصة فتاة بعينها بل عملت على سرد قصتهن بشكل جماعي مستخدمة التفاصيل الكاملة حتى ما كان منها بلا قيمة وأحيانا بشكل رمزي لتقدم من خلالها ملحمة إنسانية مذهلة... كما لجأت الكاتبة اوتسوكا إلى استخدام ضمير ( نحن ) بدلا من ( انا ) بالنسبة للراوي وبدون تفخيم او مبالغة لأنها تفضل ان تروي الأسوأ وكأنه أحسن شيء حصل للفتيات لتخفيف جرعة المعاناة وللتركيز على قضية الحنين إلى الوطن ..
وتصف الكاتبة ما ينتظر العرائس اليابانيات من حياة قد يكون فيها زوج يستخدم العنف والوحشية أو الحنان والرقة مع التركيز على نوع العمل الذي يمارسه سواء كان في الحقول أو في غسل البياضات الملوثة وما يترتب على ذلك من نظرة استعلائية من قبل البيض للكبار ونظرة مليئة بالشفقة أحيانا لأطفالهم الذين يلحقون بآبائهم وأمهاتهم ليمارسوا أعمالهم أو يتمسكوا بأذيال أمهاتهم طالبين منهن طعاما وعناية بهم ..
وعندما تعلن اليابان الحرب على الولايات المتحدة ، ستحل فترة النفي الثاني حيث يتم احتجاز المهاجرين اليابانيين في معسكرات ويمكن اعتبار الصفحات التي تصف هذه الهجرة من أجمل صفحات الكتاب فالأمريكان سيجبرونهم في النهاية على الهجرة من الولايات المتحدة لان بقاءهم يعني إثارة القلق وتعزيز الحقد بينما رحيلهم سيؤدي تدريجيا إلى نسيان وجوههم ثم أسمائهم وينتهي وجود المهاجرين اليابانيين في أمريكا تدريجيا ليلتقطوا خيط حياتهم الجديدة في اليابان ..
وتنهي الروائية الأمريكية من أصل ياباني جولي اوتسوكا كتابها الرائع بسردها كل شيء عن موضوع ما زال الحديث عنه محظورا في اليابان إذ حررت من خلاله أصواتا ظلت مكممة زمنا طويلا ...قام بترجمة رواية (البعض لم يشاهد البحر أبداً) لجولي اوتسوكا عن الانكليزية كارين شيشرو وصدرت مؤخرا عن دار فيبوس الفرنسية للنشر في 140 صفحة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top