استجواب مفوضية الانتخابات:انتقام سياسي أم صحوة برلمان

استجواب مفوضية الانتخابات:انتقام سياسي أم صحوة برلمان

متابعة/ المدىتتشابك قضايا الفساد بالصراع السياسي الدائر في العراق الذي يحبو نحو الديمقراطية. فمن المقرر أن يتم إخضاع رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري وأعضاء مجلس المفوضين، لاستجواب تحت قبة البرلمان في أيار الحالي. استجواب يبدو في طابعه تقنيا، إلا أن المفوضية تلمس فيه دوافع \"انتقامية\". يأتي هذا الاستجواب على خلفية اتهامات وجهت إلى رئيس المفوضية وبعض أعضاء مجلس المفوضين بالتورط في قضايا فساد مالي وإداري، بعضها ارتكب إبان العملية الانتخابية الأخيرة التي جرت في آذار العام الماضي، وفقا لما صرح به أعضاء في \"ائتلاف دولة القانون\"، الجهة النيابية التي قدمت الطلب.

وتقول النائبة عن دولة القانون حنان الفتلاوي التي قادت حملة جمع تواقيع أكثر من مئة برلماني، إن \"هناك الكثير من علامات الاستفهام حول أداء ونزاهة أعضاء المفوضية نريد أن نعرف الإجابات بشأنها\". وتأسست المفوضية في 31 أيار عام 2004، بموجب قانون رقم 92 صادر عن سلطة الائتلاف المؤقت التي ترأسها الحاكم المدني بول بريمر، وضمت تسعة مفوضين. وقد أثير حول عملها الكثير من علامات الاستفهام ووجهت اليها انتقادات لاذعة، سيما وان قوانينها تنص على ان يكون أعضاؤها مستقلين عن الأحزاب، وهو ما لم يتم الالتزام به عندما تغير معظم الأعضاء قبل انتخابات مجالس المحافظات في العام 2009، حيث تم مراعاة \"التوازن الحزبي\" في عملية اختيار الأعضاء الجدد. كما سبق للمفوضية تلقي انتقادات من بعض الكتل الخاسرة، ولم تسلم أيضا من اتهامات عراقيي الخارج ممن صوتوا في بلدان أوروبية. فقد وصفوا عملها بـ\"الفوضوي\" سيما وان الكثير من الناخبين لم يتسن لهم ممارسة حقهم الانتخابي والتصويت بسبب \"تقصير تنظيمي\" في عمل ممثلية مفوضية الانتخابات في تلك البلدان، كما منعت المفوضية فتح مراكز اقتراع في بلدان يوجد فيها مغتربون عراقيون بحجة نقص في التمويل. النائبة الفتلاوي تشير إلى أن من الممكن فتح بعض هذه الملفات من قبل النواب، لكن الأسئلة ستركز بشكل اكبر على قضايا فساد محتملة جرت داخل هذه المؤسسة. ورقة الأسئلة التي طرحت على أعضاء المفوضية وعددها 30 سؤالا، وهي في معظمها مالية بحته تبحث عن إجابات وافية حول السند القانوني الذي تم بموجبه صرف أموال ومخصصات استثنائية لأعضاء وكوادر المفوضية، وأخرى تتعلق بملفات التعيينات والأوامر الإدارية التي أوفد بموجبها أعضاء للخارج ومنحوا إجازات. المفوضية التي تنحصر مهمتها في تنظيم عمليات الانتخابات والاستفتاءات الشعبية، تدافع عن نفسها بالإشارة إلى أنها \"تخضع في تعاقداتها وحساباتها الى تعليمات تنفيذ الموازنة الصادرة عن وزارة المالية، فضلا عن وجود لجنة مختصة من ديوان الرقابة تتابع وتدقق جميع الاجراءات المتخذة\". وفي معرض ردها على الاتهامات، أعربت المفوضية في بيان أصدرته عن بالغ \"قلقها من هذا الاستجواب الذي سيكون له مردود سلبي في عرقلة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة\". ويرجح أعضاء في مجلس المفوضين وجود \"دوافع انتقامية\" لدى كتلة المالكي وراء الاستجواب الأول من نوعه في الدورة الانتخابية الحالية.سعد الرواي عضو مجلس المفوضين وصف الأسئلة الثلاثين بأن \"طابعها تشهيري وبعضها لا مبرر له مثل السؤال الذي يستفسر فيه عن الباجات (البطاقات التعريفية) التي منحها الأمريكون لنا لدخول المنطقة الخضراء إذ يعتبرون ان في هذه الباجات امتيازات في دخول المنطقة لا تتوفر للغير\". ويضيف الراوي \"لا يوجد أي سؤال ليس لدينا اجابة صريحة وواضحة عليه ونستعد لندعم اقوالنا بالوثائق والمستندات التي تبين سلامة موقفنا\". الخلاف بين رئيس الحكومة والمفوضية بدأ في آذار مارس من العام الماضي عقب صدور النتائج النهائية للانتخابات، وفوز قائمة غريمه أياد علاوي بالمرتبة الأولى بفارق مقعدين عن ائتلافه النيابي الذي حل بالمرتبة الثانية وحصل على 89 مقعدا من أصل 325. المالكي عمد في ذلك الوقت إلى المطالبة بإعادة فرز الأصوات، واتهم صراحة أعضاء في المفوضية بالانحياز وعدم النزاهة.وفي مطلع العام الجاري صدر قرار قضائي بربط الهيئات المستقلة ومن بينها مفوضية الانتخابات برئاسة مجلس الوزراء بعدما كانت مستقلة عن الحكومة وتعمل تحت اشراف البرلمان. وقد جرى تفسير قرار المحكمة الاتحادية العليا \"المثير للجدل\" والذي تم اتخاذه بعد طلب تقدم به مكتب المالكي للمحكمة، انه محاولة من رئيس الحكومة لاخضاع هذه الهيئات لسلطته المتنامية. يضاف الى ذلك الاستقالة التي تقدمت بها رئيسة دائرة الانتخابات في المفوضية حمدية الحسيني من مجلس المفوضين بعد 7 سنوات قضتها في مواكبة العمليات الانتخابية، وهي شخصية محسوبة على حزب المالكي وترتبط معه بعلاقات عائلية أيضا. وفي خضم التحضير لعملية الاستجواب، تبادلت الحسيني مع رئيس المفوضية فرج الحيدري، المناوشات والاتهامات بالفساد والتجاوز على قانون المفوضية عبر وسائل الاعلام، لكن سرعان ما هدأت المعركة بينهما وابتعدا عن التصعيد. النائبة الفتلاوي تنفي وجود اي طابع \"انتقامي\" في مقترح كتلتها، وتقول ان \"هذا الاستجواب جزء من مهام مجلس النواب لتقويم عمل مؤسسات الدولة التي تثار حولها الشبهات سواء في التقصير باداء واجباتها او اتهامات الفساد الموجهة اليها\"، محذرة من \"تمييع\" القضية عبر محاولات تأجيله. ورغم ان البرلمان غير المتجانس سياسيا، تنتظره مهام كثيرة يمكن أن تفوق بأهميتها استجواب مج

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top