ياسيف ياراية

علاء حسن 2012/12/24 08:00:00 م

ياسيف ياراية

اللهم انصر راية المؤمنين على القوم الظالمين ، قول يردده العراقيون أيام الأزمات،  وعندما يشعرون بأن هناك خطرا يهددهم ، والراية بالنسبة لهم تحمل معاني كثيرة ، فهي بيضاء لمن يريد تحقيق السلم وحسم نزاع وصراع ، ولجميع الدول راياتها أي أعلامها ، بوصفها رمزا وطنيا ، جديرا بالتقديس والاحترام ، وللعشيرة أيضا  رايتها الخاصة ، تحتل صدر المضيف.
التظاهرات الاحتجاجية  في محافظة الأنبار ضد اعتقال عناصر حماية وزير المالية رافع العيساوي ، شهدت رفع العديد من الرايات ، العلم العراقي القديم بنجماته  الثلات والآخر الجديد ، وفي الفلوجة رفع بعض المتظاهرين علم  إقليم كردستان ، وهذا ما أثار استياء مسؤولين ، وأعضاء في مجلس النواب ، وقالوا في تصريحاتهم إن بعض المتظاهرين حملوا علم ما يعرف بالجيش العراقي الحر، على الرغم من نفي قادة عسكريين  وجود مثل هذا الجيش في الساحة العراقية .
تعدد الرايات أعطى انطباعا ومؤشرا حقيقيا عن وجود أكثر من علم واحد في العراق ، يرفع بحسب المزاج ، والميول ،  والعلم الرسمي ، تعتمده الدوائر الحكومة ، وبعض المؤسسات ترفع  رايات تحمل معاني دينية ، ولا احد يعترض على وجودها بجوار  العلم الرسمي.
مسؤول في الحكومة وصف رفع علم كردستان في مدينة الفلوجة بأنه  تأكيد لوجود جهة سياسية تحاول إثارة الشارع ضد الحكومة ، ومحاولة يائسة  لإعطاء رسالة  خاطئة بأن الشارع قادر على إجبار أصحاب القرار على  تغيير مواقفهم ، ونائب أشار إلى أن وجود علم  الجيش العراقي الحر ، خطوة باتجاه تنفيذ مخطط تركي سعودي قطري لتكرار التجربة السورية ، وجر البلاد نحو منزلق خطير بإثارة الحرب الطائفية ، والإطاحة بالمشروع الوطني .
"رايتكم سودة مصخمة" يقولها العراقي لكل من  يسعى لاستخدام الورقة الطائفية لتحقيق مكاسب سياسية ، في ظل أزمات تتناسل ، وتنعكس تداعياتها على الشارع ، لم تستطع  سنوات ما بعد سقوط النظام السابق أن  تخلصه من دوافعه المذهبية والطائفية ،  فظل مشدودا إلى رموزه وقياداته ، ويستجيب لمواقفها عاطفيا ، متناسيا أن تلبية مطالبه تتحقق بترسيخ الديمقراطية ، وبناء نظام حكم متطور ، وإرساء دولة المؤسسات .
الساحة العراقية ستشهد أزمات أخرى ، بحسب توقعات  الساسة ، لأن مجلس النواب معطل وفقد دوره الرقابي والتشريعي ،  والصراع بين الأطراف المتنازعة ، مازال مستمرا ،  والتلويح بحرب الملفات لأغراض التسقيط  يسير بوتيرة متصاعدة ، والدستور سقط بالضربة القاضية بقضية التوافقات والتسويات ،  والاتفاق على اعتماد علم واحد للبلاد موضع خلاف وجدل ، كل هذه العوامل وغيرها جعلت المشروع الوطني يتراجع إلى الوراء ، ومحاولات إنقاذه تواجه عقبات كثيرة،  مقابل ذلك ، تكشف  الوقائع والأحداث عن أن الاصطفاف الطائفي يترسخ  يوما بعد آخر ، ووصل إلى المطالبة بتشكيل الأقاليم للتخلص من التهميش  والإقصاء ، والانعتاق من الحكومة المركزية ومن يمثلها ، المحنة العراقية  أصبحت كبيرة اليوم ، ولا يوجد بين الساسة أو المسؤولين  من يحمل الراية البيضاء ، ويبعث برسالة للعراقيين بأن أمنهم بسلام ، ولا خوف من  اندلاع احتقان طائفي ، واللهم انصر راية المؤمنين على القوم الكافرين .     

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top