عبد الخالق كيطان وهذا ليس اسم اللجنة الصحيح، ذلك أن الاسم الصحيح هو: لجنة "التوازن الطائفي"، وكانت هذه اللجنة تمثل أحد اللجان الأساسية في مجلس النواب، وأصبحت اليوم تحظى بالاستقلالية التي حصلت عليها نتيجة اتفاق أربيل، على ما يذكر السيد زياد الذرب عضو القائمة العراقية.
السيد الذرب يقول في تصريحات منشورة أن لجنة "التوازن الوطني" أقرت في إطار مبادرة الرئيس البارزاني وتضم في عضويتها نواب رئيس الوزراء: صالح المطلك وحسين الشهرستاني وروز نوري شاويس، وأخذت، والحديث للذرب، على عاتقها تخصيص لجنة لكل وزارة في الحكومة من أجل الاطلاع على الدرجات الوظيفية في تلك الوزارات، فضلاً، عن إجراء مسح شامل لموظفي الملاك الدائم فيها.وللوهلة الأولى تبدو لجنة من هذا النوع معنية بـ"الإنصاف"، ولكن التفكر في شؤونها وشجونها يقودنا إلى حقيقة مؤلمة مفادها تكريس المحاصصة من جهة ومن جهة ثانية زيادة غلة الغنائم بالنسبة للمتحاصصين. فاللجنة التي تريد أن تخصص لجاناً في كل الوزارات تحتاج كل واحدة من هذه اللجان إلى عدد من الموظفين المحسوبين على طوائفهم وقومياتهم، وتحتاج إلى مكاتب، ورواتب، وسيارات وحمايات وعمال خدمة.... الخ.. وما دور هذه اللجان؟ الذهاب إلى الوزارات والتفتيش عن عدد السنة فيها وعدد الشيعة، وفي حال وجود أي نقص، أو زيادة في النسب، فإن هذه اللجنة ترجع إلى اللجنة الأم، التي اسمها "التوازن الوطني" لكي تقوم بأخذ الحق لأصحابه.... ايباه!وفي الحقيقة، فإن لجنة من هذا النوع لا تعمل إلا على تكريس الطائفية. فلو كانت الحكومة، والبرلمان من ورائها، يعملون على وفق الكفاءة، وعلى وفق الاستحقاق الانتخابي، لما كنا بحاجة إلى لجنة تريد تحقيق "التوازن الوطني= الطائفي" ورفع الغبن عن هذه الجهة أو تلك... ولو كانت الحكومة، والبرلمان من ورائها، ليسوا طائفيين لما كنا بحاجة إلى هذه اللجنة التي تذكر هذا الشخص بشيعيته وذاك بسنيته، ولو كانت الحكومة، والبرلمان من ورائها، معنيون بالمال العام لما شهدنا في كل لحظة تأسيس لجان تقود إلى مناصب وهمية، تقود إلى حراسات، تقود إلى إرهاب مستمر لخلق الله.ولنتابع تصريحات السيد الذرب المنطقية جداً بخصوص المناصب الوهمية، فهو يجيب على تساؤل بديهي مفاده: ماذا لو كان عدد أبناء هذه الطائفة أكثر من استحقاقهم في الوزارة الفلانية ضمن مشروع التوازن الطائفي، هل يعني ذلك تسريح العدد الزائد من أبناء تلك الطائفة؟ يقول السيد الذرب: "لا نخفي بأن الأمر يحتاج إلى دراسة، خاصة وأننا لا نستطيع أن نفصل أي موظف على الملاك الدائم، وبالتالي يجب استحداث درجات وظيفية من أجل إحقاق الحق شريطة أن يخصص للفئة المطلوبة تحديداً". وتبدو كتلة "العراقية" هي الكتلة الأكثر حديثاً بخصوص مسألة "التوازن الوطني"، ومردّ ذلك إلى اتهامات متجددة لكتلة "دولة القانون" بالاستحواذ على أغلب المناصب في مختلف مؤسسات الدولة. والملفت للنظر ان ثقافة الاستحواذ هذه إنما هي امتداد ووريث شرعي لما أسّسه نظام البعث المنهار. ومن المؤكد أن الخشية كلها بالنسبة لـ"دولة القانون" من أن يأتي اليوم الذي تستأثر به كتلة حاكمة أخرى بكل شيء، كما هو حالها اليوم.والأمر لا يحتاج إلى لجنة من هذا النوع، حتى لو جمّلوا عنوانها بكلمة "الوطني". ما نحتاجه بالفعل هو مؤسسات وطنية تستوعب الجميع بشروط الكفاءة قبل كل شيء. فليس من المنطقي أن يقبل سين من الناس في هذه الوظيفة أو تلك لأن الشروط التي تنطبق عليه تتلخّص في هويته الطائفية وترشيح الحزب الطائفي له، ثم نأتي ونتحدث عن دولة مؤسسات!.
عين:لجنة التوازن الوطني
نشر في: 23 أغسطس, 2011: 09:36 م