خيبة..وتفاؤل

خيبة..وتفاؤل

يوسف المحمداوي جادة الصواب اصبحت وهما لايمكن لاقدام عاقل ان تجود بخطوة عليها،بعد ان تهاوى حلم المدينة والمدنية الذي كنا ننتظره على ابواب التغيير،بعد ان اصبح شكليا،مع ركون الجميع بزاوية الاعتقاد بأن الساعة لايمكن ان تعود الى الوراء. ومن السذاجة جدا ان نأمل بان تكون جدية التفكير وحتى التطبيق عاملا في تغيير نوعية المحصول، بعد ان وصلت بنا مراكب القدر الى محطات ذروة الحصاد، والمناجل بدأت دورتها،

والجبين زفر ماتبقى من عرقه على ثياب السراب.خزائن الاقطاع التي افرغها الزعيم قاسم في جيوب الفقراء امتلات جديدا لصالح اقطاعيين جدد،باستثناء تغيير في الشكل، لكن المضمون هو المضمون،الارض لهم والمنتوج كذلك،ولنا مابقي من فضلات قدورهم. هكذا تحدثت خيبة مع زوجها تفاؤل،خيبة المتذمرة ابدا،دائما ما تردد امام تفاؤل الجملة التي تكاد تقتله(ياريت على ايام كبل).بوده ان يعلقها على العمود الكهربائي الخالي من التيارطبعا،وينفذ فيها حكم الاعدام،لزحمة معاناته واضطهاده ابان سلطة الدكتاتور،لكنه مع ذلك لم يجد الاجوبة المقنعة لزوجته خيبة،لتسابق الاحباطات والاخفاقات التي يعيشها البلد في الوضع الجديد،فضلا عن كون السيناريو المرسوم للعراق الجديد عصي على الفهم ومعقد المجريات وفقير الوضوح،حتى على المتصدين للمشهد السياسي الجديد،فكيف الحال بتفاؤل المواطن البسيط حين تواجهه زوجته خيبة باسئلتها المتذمرة دائما،متى نعود الى دارنا؟نتخلص من الحقد؟من عوز لايرحم؟من هم ووهم الطوائف؟من المحاصصة؟. وتجد تفاؤل دائما في دوامة حيرة البحث عن اجوبة غيرمألوفة لاسئلة واقع لايحتمل،لعله يجد ضالته،وان وجدها قد تكون القناعة خاصته فقط،لان خيبة اعلنت حربها عل كل مايجري في حديثها على الاقل. سالته ذات يوم:هل صحيح مايشاع ان مسؤولا في الدولة،يكتب شكرا وحالا وغدابالنون؟فرد عليها تفاؤل قائلا:نعم...ياخيبة لان هذا المسؤول بالذات يؤمن تماما بضروة مشاركة نون النسوة بالتجربة الديمقراطية التي يعيشها البلد لان المرأة ياخيبة ظلمت وتستحق الاهتمام. اردفته بسؤال متذمر اخر:صحيح ياتفاؤل احد ضباط دائرة الجنسية في المحافظة ابكم؟،فاجابها نعم ياخيبة،لان حكمة الحكومة ترى ان الابكم لايستطيع ان يطلب الرشاوى من المواطنين،وهذه احدى الطرق العالمية للقضاء على الفساد. ضحكت بمرارة متمتمة وهي تهزيدها بالقول:الان عرفت سبب ارتفاع الملوحة في مياه شط العرب..وسكتت. فصاح بها تفاؤل:ماالسبب؟ قالت بعصبية:(موربعك مصخوها). وفي ذروة صبررمضان خيام المهجرين كان تذمر خيبة بانتظار مساندة ودعم الحكومة التي باركها ويدافع عنها زوجها تفاؤل،على الاقل هدية العيد لمن هجرهم ارهاب التغيير،لكن جلسة الخميس البرلمانية اوقدت تذمر خيبة حين اقترح البرلمان مشروع تخصيص مبلغ قدره ستة ملايين دولار لجمهورية الصومال العربية..!. قال تفاؤل متداركا الموقف:نعم الخبر صحيح،لان هناك قواسم مشتركة جامعة للبلدين،كونهما ابناء قومية واحدة،وماتمر به الشقيقة الصومال يتطلب من الجميع مساندتها. وتذكري يا عزيزتي أن الله أوصى بسابع جار، وما ان أكمل تفاؤل حديثه واذا بصوت صادر من خيمة مجاورة يقول: السبب الحقيقي يا خيبة كونهما يتصدران دول العالم في حجم الفساد الإداري والمالي مع ثالثتهما منيمار. عند باب الخيمة كانت تنتظر ولدها إحباط، لعله يأتيها اليوم بخبر تتذوق من خلاله لذة السعادة التي غادرتها منذ سنوات، ولكن هيهات فقد حمل احباط شهادة رسوبه بيده شأنه شأن أولاد المخيم. بكت خيبة، ولم تجد غير تفاؤل يواسيها بقوله: تعرفين يا خيبة، ان مؤسسات الدولة العراقية الجديدة متخمة بالكفاءات، وبشهادات الحوسمة عفواً العولمة، ولأن العراق سيبدأ عمليتيْ اعمار واستثمار فمن البديهي أن يكون للبلد خزين من الأيدي العاملة قادر على منافسة العمالة المستوردة، فعليك يا خيبتي ان تتفاخري برسوب ولدنا احباط...!. وذات صيف تموزي البرودة دخلت على خيبة جارتها مصيبة، وقالت لها ان جامع المعوزين وبمناسبة حصول المخيم على مولدة كهربائية من احدى القنوات الفضائية، تبرعت له احدى المنظمات الإحسانية ببعض الأجهزة الكهربائية، فسارعت خيبة وجارتها بالذهاب الى الجامع ولم تجد المرأتان أحداً هناك باستثناء الحارس وشيخ الجامع الذي كان يهم بالخروج، فتعلقت خيبة بأذيال جبته قائلة بتوسل: شيخنا أنا وأطفالي بحاجة الى مبردة، فرد عليها الشيخ وهو يهم بصعود سيارته الهمر، يا بنيتي تذكري دائما ان الصبر مفتاح الفرج، واجعلي عينك بعين الباري عز وجل واجعلي من سيدتنا خديجة مناراً لك لكونها لم تمتلك مبردة،وكانت تقضي صيف الجزيرة بمهفة مصنوعة من الخوص، نعم يا بنيتي وهي زوجة الرسول وام فاطمة – قالها بعصبية -، وبتذمرها المعهود الذي لا يخلو من سرعة البديهية بالرد قالت له خيبة: شيخنا جزاك الله خير الجزاء واجعل من نبينا وهادينا محمد (ص)  قدوة في عملك وتذكر بأن الصحابة هاجروا من مكة الى الحبشة سيراً على الاقدام لا على ناقة أو جمل، ولم يحظوا بحياتهم الخالدة بمثل سيارتك التي تستقلها. سحبتها جارتها مصيبة من عباءتها وهي تقول لها: لا تغضبي الشيخ فيحاسبنا الله، ضحكت خيبة بمرارة وهي تقول: الله العادل الرحمن الرحيم يعاقبنا ويسامح هؤلاء؟ استغفري الله يا مصيبة. وعلى باب الخيمة كان تفاؤل بانتظار خيبته العائدة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top