وقفة بابلية في الوقت الضائع

وقفة بابلية في الوقت الضائع

في مساء الاثنين، كنت اقلب القنوات الفضائية علّي اجد برنامجا مسليا، أو ندوة تلفزيونية تعالج الوضع في العراق. خاصة ونحن على أبواب انتخابات يفترض أن تكون نزيهة. وانا عادة ما ألاحق القنوات العراقية تحديدا، كوني (معجبا) بفجاجة بعضها، وتفاهة البرامج المقدمة فيها، وتطرف بعضها الآخر، حتى لأظن نفسي استمع الى قناة الزوراء سابقا، او الرافدين حاليا، أو اقرأ بيانا جديدا لأيمن الظواهري حول العراق الجديد.

فهناك مقدمات برامج لا يعرفن ابسط النحو في اللغة العربية، وهناك مهرجون يسخرون  من كل شيء بما في ذلك الروح العراقية الأصيلة، وشعارهم الحذاء فوق كل شيء. وثمة قناة أخرى شعارها ابحث عن الدم وغن له، وتمتع بمرآه حتى لو كان دم ذبيحة في زقاق من أزقة الموصل. وذلك المساء كان غنيا بالفجاجات أثناء ما كنت أقلب في الريموت كونترول. فجأة وجدت عيني على قناة تقف فيها امرأة اسمها ست نضال، يحاورها مقدم برامج كأنه لقن الأسئلة مسبقا، وطبعا كانت هناك اتصالات تلفونية مع المشاهدين للتعقيب على ما تقوله السيدة الفاضلة، جذب نظري هذا المحاور وضيفته الساخرة،  فتطلعت الى الشارة فوقعت عيني على كلمة البابلية، والكلمة طبعا ترمز لحضارة العراق التي امتدت حتى تخوم البحر الأبيض المتوسط، وانتجت لنا فنونا وعمارات ومدنا وملاحم. صمت فاغرا فمي وأنا اسمع السيدة المصونة وهي تشن حملة فاحشة على كل رموز الدولة العراقية، والسبب كما عرفت بعد (لأي) هو حملهم جوازات سفر أجنبية. ابتدأت بالرئيس جلال طالباني ثم كرت على المالكي ومحمود عثمان واياد السامرائي وعلي الأديب وجلال الدين الصغير وآخرين بأسمائهم، ومن كل مذهب ودين وقومية، ثم انتهاء بمثال الآلوسي الذي غمزت بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. وطبعا حمل جواز سفر ثان معناه، حسب السيدة نضال، وبالتالي البابلية، وحوارها (الوطني)، هو العمالة لمخابرات العالم ومنها الموساد، ومعناه التخوين، ومن ثم عدم الولاء للوطن، ودعوة واضحة للقتل وهدر الدم. وغاب عن السيدة الفاضلة، والقناة الفذة، ان هناك ملايين العراقيين ممن يحملون جنسية مزدوجة. طبعا غفلت السيدة المحللة في السياسة، والقناة الأصيلة المنسوبة الى (بابل)، ان هذا جرى بفضل القائد الملهم (صدام حسين) وقسوته في السموم، وردم القرى، وازالة المدن، وتهجير الفيليين وغيرهم، وذبح السنة والشيعة والكرد والتركمان والمسيحيين، أي كل من لا يرفع شعار صدام اسمك هز أمريكا.. أمريكا  التي نصرته على ايران في حرب السنوات الثماني وازاحته حين اكمل الدور. الحكومة الحالية، وكما فهمت من البرنامج ذاك كلها عميلة، بمعنى واضح هي تستحق العمليات (المقاومة) التي تستهدفها، ومنها (غزوة) وزارة المالية والخارجية، تلك الغزوة الدامية التي راح ضحيتها مئات المدنيين العزل، علما ان البابلية تمتلك ثلاثة عشر مقعدا في البرلمان، وتمارس العمل السياسي علنا، ويطمح (القائد) الى تبؤ منصب رفيع في الحكومة القادمة، حكومة  الجوازات المزدوجة. (مشاهد يقظ)

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top