شناشيل :رسالة عبد الرحمن الراشد

شناشيل :رسالة عبد الرحمن الراشد

 عدنان حسينفي عموده الصحفي المُتميّز أعرب الصديق الأستاذ عبد الرحمن الراشد في (الشرق الأوسط) الخميس الماضي عن خشيته من ألاّ يكون ما جهّزناه هنا في بغداد للقمة العربية من مظاهر الكرم والفخامة كافياً لإنجاح القمة ولعقدها في الأساس، متمّنياً في الختام أن تعقد القمة في عاصمتنا \"إعلانا لبداية عهد جميل مشرق على العراق الجديد، وتأكيداً على الانتصار على الإرهاب، وإعادة للدور العربي للعراق كدولة محورية\".

 بدوري أتمنى أن تكون \"القيادة العراقية\" التي خاطبها الراشد، وهو يعني بالتحديد رئيس الوزراء نوري المالكي، قد قرأت المقالة المُختصرة.. قرأتها جيداً وتأملتها جيداً كذلك واستخلصت المعاني التي قصدها الراشد. سيُخطئ السيد المالكي ومستشاروه ومساعدوه خطأً كبيراً للغاية إن تعاملوا مع المقالة الرشيقة باعتبار أن كاتبها هو مجرد \"سعودي، سنّي\"، وقد يضاعف الجهلة من هؤلاء جهلهم بالنظر اليه كـ\"وهابي\"، وانه بالتالي ينطلق من قاعدة سياسية – طائفية. أزعم أنني أحد الذين يعرفون عبد الرحمن الراشد جيداً، فلقد عملت معه سنوات عدة، وأشهد انه كما أنا ليس قومياً ولا متديناً ولا طائفياً ولا سياسياً.. أعرف أن مناصب سياسية سعت إليه سعياً فرفضها غير مرة، مفضلاً الإخلاص لمهنته (الإعلام). أشهد أيضاً أن عبد الرحمن الراشد قدّم، وهو رئيس لتحرير مجلة \"المجلة\" ثم وهو رئيس تحرير \"الشرق الأوسط\"، خدمة لا تُقدّر بثمن لمعارضي صدام حسين ومثلها للنظام الجديد، ليس من منطلق سياسي وإنما مهني.. مهنيته جعلته يلتزم جانب الحقيقة، ولقد تعرّض، خصوصاً منذ إسقاط نظام صدام، لضغوط هائلة للتأثير على مهنيته فأبى، ملتزماً بأخلاقيات مهنته وقواعدها المهنية. عبد الرحمن الراشد يكتب ويقول ما يفكر به وما يعتقد وما يجتهد، من دون إملاء من أحد، فمن غير الممكن الإملاء عليه، وهو من جانبه لا يُملي على أحد ممن يعملون معه، وإنما يطرح رأيه واقتراحه بكل تهذيب وأناقة.  الراشد عبّر في عموده عن القلق من ألاّ يحضر القادة العرب إلى بغداد فلا تنعقد القمة أو أن تنعقد وتفشل، وهو قلق حقيقي، نشاطره إياه، ينبع من محبة لعبد الرحمن الراشد للعراق ومن إيمان بان العراق قوة رئيسة في المنطقة، لها إمكانية لأن تكون قوة تقدمية قائدة يُعوّل عليها في تغيير حياة شعوب المنطقة نحو الأفضل. ولكن هذا، كما يدرك عبد الرحمن الراشد وغيره، لا يتحقق بالمواصفات الحالية لنظام الحكم الهجين في بغداد، وإنما بمواصفات النظام الديمقراطي.. غير المحاصصي، غير الطائفي. عبد الرحمن الراشد يريد من بغداد \"أن تطمئن الجميع بالأفعال لا بالإنفاق المالي الضخم ولا بالأثاث الفخم\" لكي يحضروا إلى بغداد في أول قمة تنعقد فيها منذ ربع قرن وبعد سقوط نظام صدام و وبعد الربيع العربي .. الراشد يريد لبغداد أن تكتب تاريخاً ناجحاً لا أن تتحول إلى تاريخ للفشل.. هذه هي رسالته، فهل يفهمها المعنونة إليهم؟ وهل يأخذون بها؟

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top