الافتتاحية :يا للعيب!

فخري كريم 2012/07/23 03:37:00 م

الافتتاحية :يا للعيب!

فخري كريم

 يواجه الشعب السوري وضعاً إنسانياً مأساوياً يضغط على ضمائر كل أولئك الذين واجهوا موقفاً مشابهاً في زمن انهيار القيم وانفلات الضغائن والقتل على الهوية.

وإذ أتناول الوضع من زاويته الإنسانية وليس السياسية، فلكي أتجنب الخوض في المستور من المواقف والانحيازات والتواطؤات، لعلي بهذا أحرّك ما تبقى من المشاعر الإنسانية لدى بعض الساسة من قادة البلد الذين أعمتهم السلطة وغواياتها، وأنستهم ما كانوا فيه يوم كان السوريون البسطاء يحتفون  بهم ويشاركونهم الحزن والأسى ويتطلعون معهم الى المرتجى والأمل في التغيير الذي ينشدونه.

ان هؤلاء السوريين لم يكونوا، هم، مرسلي المفخخات والانتحاريين الذين ندّد بهم رئيس الوزراء الذي كاد ان يدفع الى مواجهة اكثر من كلامية معهم، وارسل وعوداً  "هوائية " يُنذرهم فيها بالعقاب الرادع، تماماً مثل وعوده  لشعبنا بإنهاء معاناتهم من غياب أبسط متطلبات الحياة الانسانية الكريمة، ناهيك عن الأمن والكهرباء والماء الصالح للشرب.

 إن من يتدافعون نحو بوابات الخروج من الجحيم في سوريا هم مواطنون بسطاء، فقراء، لا ظهير لهم سوى الأمل في طلب النخوة والرجاء من إخوة لهم ذاقوا من قبل مرارة الطغيان والاستبداد والهجرة القسرية، وهو ما كان عليه شعبنا الذي يُراد له اليوم تحت شعارات كاذبة أن يتجرع مرارتها ويسكت عن الضيم .

وبدلاً من فتح باب الرجاء والرحمة أمام الهاربين من جحيم الانفلات الأمني والمواجهة المصيرية بحثاً عن الخلاص، يقرر الحاكم الأوحد وبطانته سدّ منافذهما بوجه من ينشدهما، بحجة الخشية من عواقب أمنية!.

يا للعيب ..!

إن الحكومة تخشى من تسلل إرهابيين او قتلة مع طالبي الرحمة، في الوقت الذي لم يترك رئيس الوزراء أي بعثيّ من أزلام النظام السابق إلا وحاوره وأغراه بالانضمام الى معاركه الجديدة ضد كل من تجرأ وطالب بتنحيته أو باتخاذ قرار بعدم تجديد ولايته أو حتى بمجرد التوجه لمساءلته في البرلمان، متمادياً في التصريح في مجالس حوارييه  بانه "مستعد للتحالف مع الشيطان في مواجهة خصومه". وهكذا كانت الحال حين مدّ يده الى أعتى عناصر البعث في الموصل وكركوك من عسكريين، طالباً منهم العودة الى الجيش، متناسياً ان قادة "القائمة العراقية" لم يجرأوا على ضمّ بعض هؤلاء في قوائم من طالبوا بإعادتهم الى القوات المسلحة ولم يتبنوا قضاياهم .!

كيف لنا نحن الذين عشنا مكرمين بين الأشقاء السوريين اكثر من عقدين، نتقاسم معهم المحبة ولقمة العيش والكرامة التي أهدرها المستبد ، ان نتخلى عنهم في محنتهم ونسد في وجوههم باب الرحمة والخلاص من عذابات التشرد والمهانة بالوقوف في حالة من الرعب ممنوعين من اجتياز حدودنا بحجة الخوف من تسلل الإرهابيين الذين لا يحتاجون الى التسلل بفضل إجراءات القائد العام للقوات المسلحة التي لم تستطع ان توقف الإرهاب واعمال التفجير والتفخيخ وتجفف مصادرها ، بعد ان دخلت في نسيج قواته.

وإذ تخلت حكومتهم عن واجبها تجاه اشقائهم السوريين، على العراقيين من كل الملل والطوائف الآن أن يمدوا يد التضامن بلا تردد لهؤلاء الأشقاء، وان يرفعوا صوت الاحتجاج ضد سياسة ومواقف الحكومة الجائرة .. عليهم جميعاً ، شيعة قبل السنة، مسيحيين ومسلمين، ان يتكاتفوا معا في تأكيد إنسانيتهم ونخوتهم العراقية في احتضان كل سوري بحاجة الى موقفهم الشجاع بعيداً عن حسابات ملوك وأمراء وتجار الطوائف.

يا للعيب! .. هل نسينا ما حل بنا؟

هل علينا أن نستمع الى تهافت وترهات دعاة القتل على الهوية حول استهداف المراقد الشريفة كحجة لجرنا ثانية الى دوامة المواجهة الطائفية؟

أيها العراقيون.. احذروا دعاة الفتنة الطائفية، وتيقظوا، فرائحتها العطنة بدأت تتسلل من داخل حدودنا وليس من خارجها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top