رمضـــان ودوامـــة الفضائيــات العراقية

رمضـــان ودوامـــة الفضائيــات العراقية

د  عواطف نعيم*طوى الشهر الكريم أيامه المباركة ولملم ما استطاع من جراح العراقيين وآلامهم تلك التي لا تنقطع ومنحهم شيئا من الصبر والأمل متاعاً للقابل من الأيام، ولعل الشهر الفضيل بقدر ما كان رحمة ومودة ومطاولة على التحمل والتجلد بقدر ما كان أيضا لدى العديد من أصحاب الفضائيات العراقية وسيلة من وسائل الترويج

 والتبشير لأجندات ودعوات وتوجهات فيها ما فيها من حسابات وقراءات حسب ما تشاء تلك الفضائيات وما يشاء أصحابها وأولي رأس المال فيها تعودنا أن يكون هذا الشهر الكريم بكل ما يحمله من قيم ومفاهيم وعبر وسيلة من وسائل التقارب والتسامح وطي صفحات الماضي مع ما تنطوي عليه من ذكريات موجعة وارث مرير وخرب تأملنا أن يمنحنا هذا الشهر المبارك فرصة للتروي والتعبد والنسيان، لكن الذي حدث أن العديد من الفضائيات العراقية التي تعودت تقديم الإنتاج الدرامي استعدت للشروع بالعمل لتقديم مسلسلات وبرامجيات لا صلة لها بشهر رمضان والعبادة والزهد والتسامح، فكان أن انهالت علينا بأعمال خطابية ومباشرة مؤلبة ومؤدلجة وإذا ما توقفنا عند هذه الفضائيات لمعرفة أيهما قدم أعمالاً درامية خص بها الشهر الفضيل لتوقفنا عند الفضائيات الآتية: الشرقية، البغدادية، العراقية، السومرية، الرشيد، الفرات. جاءت عروض بعض من هذه الفضائيات لتعلن عن غياب أي رقيب فني أو جمالي او اجتماعي ونحن لا نتحدث هنا عن الرقيب الأمني لانه مرفوض فلا سلطة على حرية الرأي والتعبير والفكر، ولكن لا بد من توافر سلطة على قيم الفن والجمال ومعايير الجودة والخبرة والصنعة، يبدو جليا أن اغلب الفضائيات كانت في سبات  وغفلة عن موعد شهر رمضان  لذا باشرت إنتاج أعمالها الدرامية على عجالة  وليس كما تفعل الفضائيات المحترفة حين تبدأ المباشرة  في إنتاجها الدرامي بعد فترة قصيرة من نهاية شهر رمضان، حيث تكون قد هيأت واختارت بعناية ودراية ما تقدم للموسم القادم من أفكار وقراءات ورؤى تتناسب مع تطلعات المواطن العادي والمواطن المثقف والمعني بالشأن الوطني والإنساني، وتبدأ  الاستعداد إنتاجياً لأعمالها ثم تباشر وتشرع في العمل خلال أشهر السنة الباردة، وتكون أعمالها في مرحلة المونتاج والمكياج حين تقترب أشهر الصيف القائظ على عكس الفضائيات العراقية التي  تعتمد الارتجال والعجالة وتباشر التصوير مع بداية  اشهر الصيف اللاهبة ومع شديد فرح جميع الفنانين العراقيين بانتقال الإنتاج الدرامي العراقي إلى الأرض العراقية، حيث البيئة والخصوصية التي لا زيف فيها ولا تشويه بقدر ما كانت خيبة الأمل كبيرة، إذ عمد مسؤولو الإنتاج ومن أوكل إليهم أمر إدارة الإنتاج الى تكريس ذات الوجوه في الأعمال الدرامية غافلين فناني العراق الذين صبروا وصمدوا وانتظروا أن يكون الإنتاج الدرامي داخل الأرض العراقية رغم كل الظروف العصيبة التي تمر بالعراق إذ كانوا يدركون أن طرد الإرهاب ونبذ العنف والإعلان عن عافية الوطن يبدأ من العمل داخل الرحم العراقي عمد مسؤولو الإنتاج وإدارته واغلبهم مع الأسف من الفنانين، إلى إزاحة وإبعاد فنانين رواد وشباب يعملون ناحتين في صخر الصعاب ليضيئوا مسارح العراق ومعالم بغداد ويغذوا الثقافة والفن بالجديد والحديث تزاح هذه الاسماء وتبعد تحت مختلف الذرائع والحجج وتغيب وتكرس أعمال رمضان لأسماء محددة لذلك فإن المشاهد العراقي  تلتبس عليه تلك الأعمال لأنها تحمل ذات الوجوه وذاك الرداء في أكثر من مسلسل درامي، ليس ثمة فسحة لدى بعض الفنانين من الذين تنقلوا في أكثر من مسلسل وبرنامج درامي وفي أكثر من محطة فضائية لكي يتأملوا ما ينجزون وما يؤدون لأنهم في لهاث للانتهاء من ارتباطاتهم، بعضهم ينظر لشهر رمضان بوصفه موسم للارتزاق والكسب وبعضهم الآخر يعدها وسيلة للنجومية وبعض منهم وهم قلة يتعاملون معه لتقديم منجز إبداعي متميز والذي يزيد من محنة هؤلاء الفنانين هو وجود المنتج المنفذ لدى اغلب الفضائيات والذي يضع ربحه ومنفعته في المقام الأول على حساب عافية العمل الدرامي وتأثيره وقدرته على الإقناع وصموده في ميزان التقييم والمقاربة مع غيره من الأعمال الدرامية العربية إنتاجا وأداءً وخطابا فكريا وجماليا تكرار الوجوه وضعف الإنتاج وعجالة التصوير وغياب المعالجة الدرامية والرؤى الفنية إضافة الى المراوحة والطرق على ذات الموضوعات التي تنطوي على العنف والتأليب ونكأ الجراح وإثارة روح البغضاء والثأر كل هذه الأسباب من عوامل ضعف وسطحية وبساطة الأعمال الدرامية العراقية اما المسلسلات الكوميدية او التي سميت كوميدية فقد جاءت بثوب من الإسفاف والسذاجة والهزال وحولت أيام رمضان المباركة الى ساحة للتعري والبذاءة والانحلال متناسية أنها في شهر يوجب الصيام ليس عن الطعام وإنما عن كل ما يسيء ويجرح ويشوه الروح الإنسانية قد تكون بعض الأعمال الدرامية استطاعت أن تنفذ من مثل هذا التوجه الاستهلاكي الممجوج ولعل قناة العراقية في بعض مما قدمته إذ كانت متوازنة نوعا ما، والمفرح في الأمر ان العراقية استطاعت أن تحرك عجلة الدراما بتقديم عدد من المسلسلات الدرامية التي تفاوتت في مستواها الفني والفكري ولكن لا بأس ففي أحيان كثيرة يكون الكم إحدى الو

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top