فــــارزة: إنفلونزا الحكومة

فــــارزة: إنفلونزا الحكومة

علي حسيناعتدنا دوما ألاّ يتحرك المسؤول لعلاج اية مشكلة الا بعد ( ان تقع الفأس في الراس) كما يقول المثل الشائع .. حيث لايجدي وقتها أي تدخل لتستفحل المشكلة التي كانت قد بدأت صغيرة ، إلا إن السكوت عنها وعدم التعامل معها بجدية جعلها تكبر..

والامثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة  تتحفنا بها الحكومة كل يوم .. وكان آخرها تصريحات المسؤولين في وزارة الصحة عن وباء أنفلونزا  الخنازير، صمت في البداية.. ثم خرجت التصريحات بطيئة مثل السلحفاة.. الناس تتحدث عن انتشار الوباء وإحصائيات الوزارة تتحدث عن إصابة قلة من التلاميذ ، مدارس تغلق ووزارة التربية صامتة كأن هذه المدارس في بلاد الواق واق..وباء ينتشر بين الناس مثل النار في الهشيم ، وحكومة تعتقد إن إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات هو محاولة لتعطيل مسيرة الحكومة الرشيدة ووضع العصي في عجلة انجازاتها الباهرة.إخفاء الحقائق أصبح منهجا تسير عليه الحكومة بل ذهبت اكثر من ذلك بان تطوعت لتجميل المشاكل .. المهم هو الإخفاء وليس الحل..المهم إن يبقى المسؤول في منصبه حتى أصبح لدينا وزراء ومسؤولون تحولوا الى أساتذة في فن الإخفاء ويملكون اكبر خزين ستراتيجي من أسلحة التعتيم والكتمان وذخيرة (التجميل) تجميل المشكلة.. لا تستمع الى وزير إلا وتجده يعدد انجازاته ونجاحاته مع ان الوضع مؤسف والناس تختنق من انعدام ابسط الخدمات ، وإذا جمعنا تصريحات الوزراء وأضفنا إليها ابتسامات الناطق باسم الحكومة سوف نكتشف إننا أغنى دولة في العالم.. وان مشكلة الناس عندنا أنهم يعانون الرفاهية الزائدة والخيرات التي تحيط بهم من كل مكان حتى أصيبوا بالتخمة. والناس تسأل لماذا تصريحات الوزراء وردية فيما الواقع بائس ومهين.كل مشاكل الوزارات عندنا مختومة بختم (سري للغاية) وكأنها مشاكل أمن وطني مع إن جميعها يتعلق بحياة الناس المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والصحية  ، أصبحت الحكومة تسعى إلى أمن الوزير لا أمن الوطن ومصلحة الوزير لا مصلحة الوطن ، والهدف الأساس هو إطالة عمر الوزير على الكرسي ومنحه الفرصة للفلفة المال العام.. وأيضا لصنع البيانات الوهمية عن انجازاته ونجاحاته. لا احد يجيب على تساؤلات الناس ، ولا تسمح الوزارات بتداول البيانات والمعلومات .. ولا تعطي اهتماماً للصحافة ولا تستمع إلى الآراء والاقتراحات..لا احد يعرف الأرقام الحقيقية عن صادرات البلاد ولا أين تذهب أموال الموازنة .. لا أحد يعرف سر تعرقل إصلاح الكهرباء وكم من الأموال صرفت عليها ، أين تذهب أموال الحصة التموينية والناس تأكل مواد غذائية من الدرجة العاشرة. لقد تحولت الوزارات عندنا إلى ما يشبه الترسانة المسلحة.. شخص واحد هو الذي يتحدث .لا تخرج ورقة او معلومة من الوزارة إلا بإذنه .. قائمة المحظورات والممنوعات  بلغت 99% والـ 1% المتبقي هي بيانات المكاتب الإعلامية في الوزارات والتي تشبه مسحوق تجميل مغشوشاً ورخيصاً يقبّح أكثر مما يجمّل..في عصر الانترنيت وتكنولوجيا المعلومات تستطيع ان تدخل على موقع البنتاغون وتحصل على الكثير من الأرقام أو البيانات العسكرية الأميركية.. ولكنني اتحدى أي صحفي أو مواطن عندنا استطاع إن يحصل على معلومة تتعلق بانتشار وباء إنفلونزا الخنازير..أو تلوث المياه..أو أزمة السكن.حل المشاكل يبدأ من طرحها للنقاش ومواجهة الاخطار يبدأ بفتح حوار حولها ..ولا أمل في أي إصلاح إذا تمسكنا باستخدام مساحيق التجميل الرخيصة،  فإنها في النهاية ستظهر العيوب أكثر مما تخفيها وتصاب الحكومة بإنفلونزا اللامبالاة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top