TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا مظهر محمد صالح؟

لماذا مظهر محمد صالح؟

نشر في: 18 يناير, 2013: 08:00 م

لا يستقر بلد ينجو فيه السارق بمساعدة القانون وقوته، كتبت هذه العبارة وأنا ارى المتهمين بصفقة الأسلحة الروسية وهم يبتسمون من على شاشات الفضائيات، فيما العدالة حتى هذه اللحظة لم تتحرك، ولم تر فيهم سراقا ولا مجموعة انتهازيين يستغلون مناصبهم في السحت الحرام.. وهذا يعنى أن هناك من منع وسعى وصمم من اجل ان لاتصل الحقيقة الى اروقة القضاء، وهناك من أصبح سدا منيعا بوجه فتح ملفات الفاسدين والمفسدين، وهناك من أراد لها ان تبقى جريمة عائمة يتحدثون عنها في البرلمان ومن على الفضائيات، ولكن لا وجود لها في سجلات المحاكم، جريمة ارتكبت ولم يخرج رئيس الوزراء من اجلها ليرسل قواته الذهبية لاعتقال المشتبه بهم، ورغم أن الجريمة لم تحدث في الظلام.. وإنما أمام سمع العراقيين وأبصارهم.
في كل حديث عن القانون والدستور نجد رئيس الوزراء يتحدث عن ضرورة الاحتكام للقضاء، فيما نرى أفعاله على الأرض فنضرب كفاً بكف، ويريد منا المقربين من ولي النعم أن ننسى انه لا يزال يلوح بسيف القضاء في مواجهة الاخرين.. فيما نراه في قضية الأسلحة الروسية يسعى لأن يضع القانون في احد ادراج مكتبه ويغلق عليه بالمفتاح لان الأمر يتعلق بالمقربين والاحباب.
 ما حدث في صفقة الاسلحة الروسية درس لنا جميعا لكي لا نأمل بإصلاحات ديمقراطية، ولا قوانين تصب في مصلحة الناس، طالما ان البعض مصر على أن نبقى نعيش زمن القبضة الحديدية.. هذه القبضة التي ترى في عالم ومفكر بحجم مظهر محمد صالح مجرما، بينما ترى في المقربين من الحاكم ملائكة يحلقون باجنحة بيضاء، وجوههم سمحة لا يأتيهم الباطل من خلفهم ولا من امامهم.. ولهذا كان لابد ان توجه الحكومة مدافعها ضد خبراء البنك المركزي.
لا نناقش هنا صحة الاتهام الذي وجهته الحكومة للبنك المركزي من عدمه، فقط أنا أتحدث عن المنهج والطريقة التي تعامل بها مقربو المالكي مع سنان الشبيبي ونائبة مظهر محمد صالح، فالقرار الذي اتخذ باعتقال مظهر محمد صالح دون ان يسمح له بتوضيح وجهة نظرة او ان يقدم ادلة براءته، يؤكد بالدليل القاطع إننا نعود وبقوة الى أجواء ما قبل 2003، حيث يعاود مؤشر التفرد بالسلطة إلى الارتفاع، من خلال إغراق الناس في خطب متحذلقة، فاقدة للمعنى والثقة، خطب وقرارات تجعل المواطن يشعر بالأسى وهو يرى إصرار مسؤولي الدولة الكبار على إفراغ البلد من أصحاب الكفاءات والخبرة، وحيث يجد مظهر محمد صالح وأمثاله أنهم في مواجهة سياسيين يكرهون أوطانهم.. في الدول التي تحترم إرادة مواطنيها نجد مؤسسات الدولة تكرم علماءها ومبدعيها من خلال الحفاظ عليهم باعتبارهم عملاتٍ نادرة الوجود، فيما نمارس نحن سياسة الجدل السياسي الفارغ الذي يفسح المجال للمحسوبية والمزاجية في الإدارة والتي تهدم أكثر ممّا تبني..
لم يثبت حتى الآن أن مظهر محمد صالح وقبله الشبيبي قد شكلا تهديدا للأمن الوطني حتى يقرر أشاوس دولة القانون ومواقعهم الالكترونية شن حملة افتراءات ضدهم، لكن المؤكد بالصورة والصوت، أن الفاسدين الذين يتستر عليهم المالكي أهلكوا البلد وشكلوا ويشكلون اخطر تهديد ضد أمن الوطن والمواطنين، لا يقل خطورة عن تهديد الجماعات الإرهابية، ففي ظل انهيار تام لمقاومة الحكومة بكل أجهزتها ضد فيروس الفساد، وصل الحال بنا الى أن نصبح في طليعة البلاد الأكثر فسادا ونهبا للمال العام.
لعل قمة التناقض والازدواجية، ان نجيش الجيوش ضد عالم وخبير اقتصادي كبير لمجرد أنه عمل ومعه اساتذة كبار على ابعاد البنك المركزي عن حظيرة الحكومة، ونضع رؤوسنا في الرمال ونحن نرى ثروات البلاد تنهب.. وخيراته تسرق وسط خطب ثورية عن الاصلاح والدستور والقضاء يلقيها علينا المالكي ومقربوه صباح كل يوم.
لقد بات واضحا ان من لديه القدرة على ان يتلاعب بالقانون.. ويحرك الملفات مثلما يشاء، يحق له بالتأكيد ان يرمي مظهر محمد صالح ومعه كل خبراء البلد في اقرب مركز شرطة .
وأخيرا كل ما نتمناه من السيد المالكي أن يكون أكثر وضوحا وشجاعة في قراراته وتوجهاته، وعليه ان يخبرنا بكل صراحة لماذا يعتقل مظهر محمد صالح.. بينما حيتان الفساد ينامون في حضن الحكومة ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. Omar Al Qadhi

    أن نمط التفكير الذي افضى الى اصدار امر القبض بحق الدكتور سنان الشبيبي واعتقال الدكتور مظهر محمد صالح تاركاً المتهمون الحقيقيون ينعمون بالحرية هو امتداد لذات النمط من التفكير الذي ساد وعلى مدى عقود في العمل على اجهاض كل من هو وطني ومخلص للعراق .. فالتهم جا

  2. نوار الحسيني

    قيل في حكمة ( ان غلبتني مره فذلك خطاؤك وان غلبتني ثانية فذلك خطأي ) واعلم اذا من هو المخطي الحقيقي

  3. واحد

    للمالكي حصة بصفقة السلاح الروسية توسيع التحقيقات فيها يجرجره فكيف لا يغلقها.

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram