قصتي مع السيبرنطيقا

قصتي مع السيبرنطيقا

(8)
التغذية المرتدة
   قبل التعرف إلى هذا المفهوم في الأجهزة الالكترونية والعضوية الحية لا بد أن نتعرف إلى الأصل التأريخي العملي والتعريف الدقيق لهذا المفهوم. وحسب ما تذكر المصادر فإن بداية التغذية المرتدة كانت مع ظهور واختراع التلفون من قبل العالم (بيل) وتتحدد تعريفات التغذية المرتدة في مجالين دقيقين هما:
المجال السيبرنطيقي.
 مجال نظرية الاتصال.
 ويمكن تعريف المجال الأول حسب الآلية السيبرنطيقية على النحو الآتي: توجد التغذية المرتدة بين جزءين عندما يكون كل جزء يؤثر في الآخر، عند ذاك نحصل على معلومات مفيدة عن إمكانات الكل. ويعطي (فيكتور بيلكس) تعريفاً آخر: هي تأثير متغير المخرج في نظام ما على متغير المدخل في النظام نفسه.
  أما نظرية الاتصال فتفهم (التغذية المرتدة) على أنها "جميع أنواع ردود الفعل والاستجابات التي تصدر عن المستقبل والتي تمكن المرسل من التعرف إلى فعاليته في عملية الاتصال. ويلخص (يوسف مرزوق) آلية عمل التغذية المرتدة بالمراحل الآتية:
 إن رد الفعل أو رجع الصدى، يكون مباشرا وملحوظا وواضحا في حالة الاتصال المباشر وتكون نتيجة هذه العملية المباشرة هي التيقن من وصول الرسالة من المصدر إلى المستقبل ويكشف في نفس الوقت عن مدى الاستجابة للرسالة.
 إن رجع الصدى يشكل عنصرا مهما من عناصر العملية الاتصالية وان هذا العنصر قد يكون منصبا على المصدر (القائم بالاتصال) أو الرسالة أو الوسيلة.
ويمكن تحديد أهمية التغذية المرتدة بشكل عام بما يأتي :
محافظة التنظيم على توازنه مع البيئة .
 المحافظة على التنظيم واستمراريته لأنها تعرفه على ردود فعل البيئة .
 إحداث التغيير والتعديل المستمر وفقا للحاجة سواء كان ذلك التغيير على مستوى الفرد أم على مستوى التنظيم.
وبعد هذا الاستحكام الأولي للمفهوم النظري للتغذية المرتدة يجب أن نعرف أن هنالك، وحسب المنظور السيبرنطيقي، نظاما تحكميا يسيطر على سير العمليات الداخلية لأي جهاز أو نظام . وهذا المصطلح يعبر عن مجموعة من الأشياء المتصلة بعضها ببعض ، وبطريقة تجعلها توجه ذاتيا ، أو في أي نظام آخر . وبشكل عام تنقسم النظم التحكمية إلى نوعين هما :
النظم التحكمية التي يكون العمل فيها مستقلا عن الإخراج، أي أنه لا يتأثر به ، وتسمى هذه النظم : النظم التحكمية مفتوحة الحلقة ((Open-  Loop Control System)) .
 النظم التحكمية التي يتوقف العمل فيها، بطريقة ما على الإخراج، وتسمى هذه النظم: النظم التحكمية مغلقة الحلقة ((Closed– Loop Control System)). وتعتمد الآلية الداخلية للنظم على عمليتين فنيتين هما الإدخال والإخراج. والإدخال (in put) هو الإشارة التي تدخل النظام من مصدر خارجي لكي تولد عادة استجابة معينة من النظام. أما الإخراج (out put) فهو الاستجابة الفعلية الصادرة عن النظام وقد تكون متساوية للاستجابة المعنية التي يتضمنها الإخراج. وعمليا تكون مراحل التغذية المرتدة بين المرسل والمستقبل على نحو المراحل الآتية التي يحددها لنا (ويبر):
 مجرى الأحداث أو المصادر الحسية التي تحفزنا نحو الكلام.
 أيهما يتحفز عند الشخص (أ) من خلال عينيه أو مسامعه، أو الأعضاء الحسية الأخرى، وما هي نتائجها.
 الإيعازات العصبية التي تنقل نحو عقل الشخص (أ) ومن العقل تنتقل إلى العضلات والأوتار مولدة لنا، التوترات (أو ما يعرف بالشعور).
 يبدأ الشخص (أ) بترجمة هذا الشعور إلى كلام وفق صيغ فعلية، اعتاد عليها المرسل.
 إن موجات الكلام الصوتية تنتقل إلى عقل الشخص (ب) عبر معالجات عصبية ثم تعود على نحو توترات ينتج عنها الشعور لدى المستقبل.
 يبدأ الشخص (ب) بترجمة هذه التصورات إلى كلمات وفق صيغ فعلية اعتاد عليها.
 أخيرا يختار عبارات فعلية بطريقة ما، ومن ثم يتكلم الشخص (ب) أو تصرف وفقا لذلك (استجابة).
  إننا حينما نقول إننا نفهم شخص ما، معنى هذا أننا نستطيع فهم وضعه وظروفه، وبالتالي نضع أنفسنا مكانه، أي أن طرفي الاتصال يشتركان في موجة واحدة من حيث وجهات النظر تسمح لنا بأن نستنتج درجات التغذية المرتدة بالمعلومات بين المرسل والمستقبل . وبالتالي يكون الاتصال فعالا لأنه ببساطة امتلك الأداء المتوازن للعناصر المشكلة لعملية الاتصال وعلى نحو أنموذجي يتسم بالواقعية والتركيز. وهنا يأتي التساؤل الآتي: هل ثمة معوقات تربك التغذية المرتدة بين المرسل والمستقبل؟ ويأتي الجواب بوجود – من الناحية الفنية – عارض على الرسالة الأصلية مما يعرقل عملية الإرسال أو الاستقبال. والعارض هو زيادة درجات التشويش التي تحدث في الاتصال، وأكثرها تأثيرا، تشويش المعاني التي تحملها الرسالة، إذ تكون رموز غير واضحة ومحددة بما فيه الكفاية.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top