حلف المالكي و القاعدة

آراء وأفكار 2013/02/03 08:00:00 م

حلف المالكي و القاعدة



أصدر تنظيم "القاعدة" في العراق بيانا حيّا فيه انتفاضة "أهل السنّة" ضد حكم نوري المالكي، داعيا إياهم إلى حمل السلاح، بصفته الوسيلة الوحيدة لمجابهة "الروافض" وسيطرتهم على الدولة. في المقابل أصدر المالكي أمرا برفع الحماية عن زعيم "صحوة العراق" احمد أبو ريشة، إثر دعمه الاعتصامات والتظاهرات السنية المعارضة له في الأنبار.
بعد أكثر من عام على انسحاب القوات الأميركية من العراق، وأكثر من أربعة أعوام على سياسة دعم "الصحوات" (السنية) التي اتبعها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لوضع حد لسيطرة "القاعدة" على الأنبار، يستمر المالكي في تفكيك كل الحواجز أمام استئناف العنف المذهبي في العراق.
باسم تطبيق القانون ومكافحة الإرهاب، نجح المالكي في إثبات أن الاشتباك المذهبي في العراق ليس بسبب أقلية إرهابية تسللت إلى البلاد في ظروف الغزو الأميركي وانهيار نظام صدام حسين، وإنما الحالة الطبيعية للعلاقة بين السنة والشيعة.
في السنوات الأخيرة، وبرعاية أميركية، حصل انشقاق حقيقي داخل سنّة العراق أنتج قوى مستعدة للمشاركة في العملية السياسية، توجتها "القائمة العراقية". ولم يكن ينقص الاستقرار السياسي في العراق سوى صيغة، مذهبية، لتقاسم السلطة تأخذ في الاعتبار الأوزان العددية، وتلاقي صيغة، قومية، لاستيعاب الطموحات الكردية للانفصال.
هذا المشروع الذي سعى الأميركيون لجعله يحظى برضى إقليمي يؤمن له الاستقرار، وكان من نتائجه توافق واشنطن- طهران على المالكي، لم يواجه فقط التعقيدات الناجمة عن كل مشاريع المحاصصات الطائفية أو القومية المفتوحة دوما على مخاطر الحروب الأهلية. لقد واجه أيضا تراثاً "صدّامياً" في ممارسة السلطة ، حيث تتكثف السيطرة المذهبية في شخص فرد. مع فارق أنه في حالة صدام حسين، كانت السلطة الفردية منطلق الطابع المذهبي الذي لبسته الدولة، فيما كانت المسيرة معاكسة بالنسبة إلى المالكي، حيث كانت مذهبية الدولة أساساً لصعود الفرد، "الصدامي".
آخر الإشارات إلى الانتقال من الظاهرة المذهبية إلى الظاهرة الفردية هي تصويت مجلس النواب العراقي على تقييد الرئاسات الثلاث بولايتين متواليتين، حيث حظي المشروع بتأييد التيار الصدري والمجلس الأعلى، الشيعيين، إضافة إلى تأييد ممثلي الكرد والسنة، مما عكس وجود مشكلة أبعد من المحاصصة المذهبية. لكن المشروع سيواجه -على الأرجح -حاجز المحكمة الدستورية العليا، "المالكية".
باسم "دولة القانون"، في بلد على شفا حرب أهلية دائمة، وباسم التصدي للتدخلات الخارجية، في بلد الحدود المفتوحة بين الدول والمذاهب والقوميات، يبني المالكي سلطة فردية أساسها المماهاة بين مصيره ومصير الطائفة.
عن "النهار" البيروتية

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top