رسائل محبة من مجهول:

رسائل محبة من مجهول:

"الكلمات وحدها تظل خزائن مشاعر وأحاسيس ومعاناة، تنبض بحياة تكون قد تلاشت منذ قرون، وهي في ذات الوقت مصدر فتن وقلاقل وتداعيات تمزق روح الإنسان وجسده".

عندما انتقلت هانا برينجر إلى نيويورك بعد انتهاء دراستها في الجامعة، جابهت موجة من الكآبة والوحدة التامة، وفي يوم من الأيام أحست بوحدة تامة وأرادت الاتصال بأي شخص، ولتحقيق ذلك، أخذت تكتب الرسائل، رسائل إلى أشخاص مجهولين وغرباء.

ولم تكن تلك الرسائل حزينة تتحدث عن مشاعرها ووحدتها، بل كانت سعيدة ومتفائلة موجهة إلى أشخاص آخرين، وتختار (هانا)، كلمات بسيطة في تلك الرسائل القصيرة: (أتمنى لك يوما سعيدا)، أو (تفاءل بالحياة، صباح جميل). واعتادت هانا على إسقاط تلك الرسائل في كل أرجاء نيويورك: في المقاهي، في المكتبات، في الحدائق العامة وفي الأندرغراوند (أنفاق المواصلات).

وبدأت هانا برينجر تحس بتغيير في حياتها نحو الأفضل، مدركة انها قد أصبحت عاملاً في إشاعة الفرح في حياة أشخاص لا تعرفهم من خلال بعض الكلمات التي تشيع السعادة او الأمل، كما إن عملها ذلك، جدد حياتها وأصبح لديها عمل تنشغل به.

وهكذا ولد ما يعرف بـ(العالم في حاجة إلى المزيد من رسائل الحب) أنها رسائل مكتوبة باليد وليست عن طريق الكومبيوتر وهي ايضاً رسائل حب تقليدية تكتب لحبيب أو حبيبة، ولكنها حافلة بمشاعر إنسانية، وهي لا تقول لمن يعثر عليها:"احبك"، بل تخبره بأنه شخص مدهش أو متميز.

إن العبارات التي تكتبها هانا، تبدو اعتيادية، ولكنها من ذلك النوع الذي لم يعد الناس يتبادلونه في ما بينهم، أو يهتمون به.

ومبادرة هانا برينجر سرعان ما أثمرت.

لقد كتبت مئات الرسائل القصيرة إن لم تكن الألوف منها. وفي العام الماضي ظهرت في مقابلة مع إحدى محطات التلفزيون وتحدثت عن تجربتها، مشيرة إلى امرأة عاد زوجها من الحرب في أفغانستان، ويحاول الاثنان العودة إلى حياتهما السابقة، وهكذا بدأت المرأة في تعليق رسائل الحب، في كل مكان من المنزل، لتثير مشاعره مجدداً ثم اتسعت التجربة أكثر عندما قام طالب جامعي بإلقاء الرسائل كيفما اتفق في الحرم الجامعي، ليجد بعد فترة قصيرة، أن الكل بدأ يكتبها، ويدعو فيها إلى الحب والصداقة والمحبة بين الناس، ويعلقها على الأشجار.

واليوم، انضم 10،000 شخص إلى (هانا) منتشرين في أرجاء العالم، البعض منهم يكتب رسائل إلى أناس وحيدين منعزلين لا يريدون إلا شخصاً يقول لهم:"ان الحياة جميلة وهي ستتحسن"، ويقومون بترك تلك الرسائل في أماكن متفرقة.

إن فكرة هانا برينجر جميلة، والرسائل باليد تثير المشاعر الإنسانية أكثر من تلك المطبوعة. والكلمات التي تتضمنها تجعل من يقرأها يتفاءل بالحياة. ومن الذين قلدوا تجربة هانا، عدد من البريطانيين ومنهم شاب في مدينة ابيردين عبر الانترنت، اخذ في كتابة عبارات تدعو الى التفاؤل، وعدم اليأس من الحياة، وان بإمكان المرء أن يعيد التجربة حتى يتوصل الى النجاح، كما انه قام بإلقاء أوراق في (الاندر غراوند) يكتب فيها عبارات مثل: "أنت أفضل مما تتصور" أو "حاول ثانية، ستنجح بالتأكيد".

عن الأوبزرفر

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top