التيار الديمقراطي في كوبنهاغن يحتفي بسهيل سامي نادر

التيار الديمقراطي في كوبنهاغن يحتفي بسهيل سامي نادر

أقام تيار الديمقراطيين العراقيين في الدنمارك، امسية ثقافية/ فكرية على شرف سهيل سامي نادر، الكاتب والصحفي والناقد الفني العراقي لمناسبة استضافته من قبل بلدية "كوبنهاغن" ضمن اتفاقية "مدن حرة ICORN"، المنظمة المدنية الدولية الرامية الى حماية المثقف، وذلك يوم السبت الموافق 23/شباط/2013. وعلى القاعة الكبرى في بيت الثقافة بحي "فالبي" بالعاصمة الدانمركية، ادارت أمسية الاحتفاء بسهيل سامي نادر وحاورته الشاعرة دنى غالي.

أدناه كلمة د. خالد السلطاني، التي ألقاها في الاحتفال:

أود ، في مقدمة حديثي، أن اشكر منظمي هذه الامسية الجميلة، المحتفية بسهيل سامي نادر - صديقي، والمثقف العراقي، والناقد الفني المرموق، شكرا لتيار الديمقراطيين العراقيين في الدنمارك، لهذه المبادرة، التى أراها جداً مهمة، وجداً آنية، ذلك لان شخص المحتفى به، قد تجاهله وطنه، كما  بالمناسبة، تجاهل كثراً من المبدعيين الآخرين، من هنا اقدِّر عالياً، مبادرة التيار، في ضوء ما يجري الآن من تجاهل وعدم اكتراث وتغاضٍ لنخبة مثقفة من العراقيين، هم في الحقيقة، ابناء البلد المخلصين الذين رفعوا مكانته عاليا، بجهدهم ومنجزهم الحصيف بين الامم.

تربطني بسهيل سامي نادر صداقة قديمة، صداقة مخاصة وحقيقية، منذ ان تعرفت عليه شخصيا في السبعينيات، او بالاحرى منتصف السبعينيات، عندما وصلت الى العراق بعد الانتهاء من دراستي العليا في الخارج، بالطبع سيكون حديثي عن سهيل سامي نادرمفعماً بالاحاسيس الصادقة والاخوية، التي أكنها له، انه صديق عزيز، وإنسان قريب، لكني سأتجاوز هذه الحالة، واتحدث بموضوعية (أزعم بأني ساكون موضوعيا قدر الامكان!) عن منجز سهيل سامي نادر، الذي يعرفه الكثيرون، لكني مع هذا سأشير الى بعضٍ منه.

ليس قليلاً  بحق سهيل سامي نادرالقول بانه يمثل مشروعاً ثقافياً عراقياً متميزاً، وارى ان سهيلَ، قد منح ذلك المشروع جلّ وقته وإهتمامه وفكره. وفي الحقيقة، ثمة تشابك، وتمازج ، بل وتماهٍ كبير أجده حاضرا بين خصوصية المشروع الذي اجتهد سهيل في تبنيه وانجازه، وبين شخصية سهيل ذاتها، انه تماهي يجعلني ان اشير بانهما متطابقان، لدرجة انهما متحدان في ذاته العارفة وسلوكيته. يمكن، ايضا، بسهولة ان نضع عنواناً لذلك المشروع العراقي، وهو عنوان نشر الثقافة: الثقافة عموماً والفنية منها على وجه الخصوص، التي برع سهيل فيها كأحد شخصياتها المرموقة والنافذة.

في مسار حياتي الطويل نوعا ما، تعرفت على ناس كُثر: ناس مثقفين ومحبين للثقافة، لكني اعترف باني لم اصادف شخصاً بمثل سهيل سامي نادر، محبا لمشروعه المعرفي ومنتميا له بمثل هذا العمق والاخلاص. المشروع الخاص بنشر الثقافة في اوساط  إجتماعية متعددة، متباينة في المستوى الثقافي ومختلفة في المرجعية الفكرية، وهنا ، اود ان اشير الى  ما يحمله معنى إختلاف المرجعيات الفكرية، كما يفهمه سهيل، وكما اعرفه عنه، فهو  هنا في موقفه يكاد يكون "نادراً" في مقدرته بعبور سلسل لمفهوم الانتماء، لم يكن سهيل معنياً في تقييم الآخرين، في ضوء انتماءآتهم وافكارهم، كان معني في ايصال المعلومة الثقافية للجميع، بضمنها بالطبع، المعلومة الفنية الرصينة، لمن هو مؤهل لتقبلها واستلامها، بغية إثراء مرجعيته الثقافية والمعرفية.

وفي سبيل تحقيق مشروعه الشخصي والمهني، على اكمل وجه، كرَّس سهيل سامي نادر له كل طاقته ومعارفه واجتهاداته، يعرف كُثر من المثقفين العراقيين، بان المنتج الثقافي العراقي، مدين لسهيل سامي نادر في الكثير، اذ درب وعلّم عدداً كبيرا من الصحفيين، الذين قدر لبعضهم ان يتبوَّؤا امكنة متقدمة في السلم الاداري العراقي، ونقل معارفه باخلاص نادر وبنزاهة دائمية، قلـَّما نجدها عند آخرين.

وأزعم ان كثيراً من الكتب الفنية المنشورة في العراق وفي خارجه، التي تتناول الشأن الثقافي  العراقي، كان لسهيل سامي نادر اليــد الطولى في تهيئتها وتحريرها ونقدها وتقديمها للمتلقي على درجة عالية من المستوى المعرفي والثقافي المرموقين، هذا بالاضافة الى ما يصدره سهيل من كتب مهمة، تعاطت مع انشغالات الهم الفني المحلي، وتجاوزته الى الشأن الادبي (لسهيل رواية بعنوان التــل)، وهذه الاصدارات، مثلها مثل الدراسات الفنية التى تناولت الحراك التشكيلي العراقي، والتي كتبها في اوقات مختلفة وعبر سنوات عدة، لهي سجل حقيقي وموثّق لما دار في اروقة الفن العراقي والثقافة العراقية، لقد كتبت، مرة، عن أحد المثقفين العراقيين، وأهميته في المنجز الثقافي العراقي، لكنه مثل سهيل، تجاهله الوطن وتناساه، وارى، ما كتبته وقتذاك، ينطبق أيضاً وبصدق على سهيل. أُعيد، على مسامعكم، ما قلته، وما ينطبق على سهيل. "ولئن كان البعض، الآن، كما في السابق، لم يقدّر ولا يُعيـر اهمية لطبيعة المشروع المعرفي الذي اجتهد سهيل سامي نادر في بلورته وطرحه، فان ذلك يدخل في باب الجهل والتجهيل الذي ابتلى به البلد على مدى عقود كثيرة. وسيأتي يوم، عاجلا أم آجلا، يقـرّ به العراقيون، ولا سيما المثقفون منهم على وجه التحديد،بالدَّين الذي "لسهيل" عليهم.

كان كارل ماركس، يردد مقولة امام زواره، اراها جدّاً ذكية، وجد مناسبة للتذكير بها الآن، كان يقول "ليس من ثمة شيء ما إنساني، بغريب عليّ!"

أزعم ان هذه المقولة، لو قدِّر لها ان تتجسد في شخص لكان ذلك الشخص (بالاضافة الى قائلها طبعا): سهيل سامي نادر، فليس في الاخير، من ثمة شيء ما إنساني بغريب عليه!

ولعل الذين شرفوني باصغائهم اليّ، يرتضون هذه النتيجة!

تحية لك، ايها المثقف العراقي، لعطائك ومنجزك المهم... والمطلوب.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top