تحرّر المرأة، تحرّر المجتمع

تحرّر المرأة، تحرّر المجتمع

فيما تتواصل الحراكات و الفورات الاجتماعية في المنطقة التي حطّمت أفكار خلود دكتاتوريات على كراسيها و توريثها إلى ورثتها، و حققت نجاحات في تصعيد روح المواجهة و نجاحات في مجالات وعجزت عن أخرى .. بسبب شراسة القمع المستقوي بالتخلف و ممثليه وبمن كانوا يوماً مع التطلعات الشعبية من أجل التغيير، القمع الذي لا يؤدي إلاّ إلى حالات متنوعة من الفوضى التي لا تفيد إلاّ القوى الظلامية . .
برز دور المرأة في تلك النشاطات الجماهيرية الشجاعة ـ التي اشتهرت و اصطلح عليها بالربيع العربي ـ ، بسبب تزايد مسؤولياتها وأعبائها و تزايد الدور الحضاري والاجتماعي للمرأة، سواء في العائلة أو في المجتمع، بعد أن أخذت تتبوّأ مواقع أساسية و قيادية في عمليات الإنتاج والخدمات والنشاطات الاجتماعية، في مجتمعات ودول المنطقة ،حيث برزت في العلوم والآداب والثقافة، و وصلت إلى فضاءات أكثر تطوراً مما مضى، و صارت جزءاً نشيطاً من نشاطات المجتمع سواء الاجتماعية أو السياسية . . حيث قدّمت المرأة و تقدّم بجهودها هي جنباً إلى جنب مع الرجل، ما يخدم مجتمعاتها الوطنية على طريق التقدم و التحرر الاجتماعي . . و أثبتت أن إحقاق حقوق المرأة ليس صدقة أو رحمة من جهة ما، و إنما هي قضية أساسية ـ و ليست مكمّلة أو ديكوراً ـ لتحرر و تمدّن المجتمع بأسره، وأنها لا تعود إلى إيديولوجيا أو أحزاب  بعينها فقط . . و إنما هي نتاج قرون طويلة من صراعات إنسانية من اجل تحقيق عدالة اجتماعية و من اجل عائلة و طفولة سعيدة تضمن رقي المجتمعات وخيرها و سلمها و رفاهها . . إن ضمنت دور و أسس تحرر المرأة و موقعها.  
و فيما يشير سياسيون و اجتماعيون إلى أن بروز النساء في مجتمعات الدول الإسلامية، عبر أنواع الصراعات و أخطرها و رغم أنواع التقاليد التي قيّدت حريّتها، و تحقيقها كتفاً لكتف مع الرجل . . نجاحات لها و لشعوبها و لحركاتها التحررية التقدمية . . يعني بروز طاقة تحررية كبيرة تدفع نحو الحداثة و التطور و التمدّن و إلى التفاعل مع تطورات عالم اليوم في جعل بلداننا أكثر تحرراً و من اجل التقدم الاجتماعي لشعوب منطقتنا  . . و يضيف آخرون أن تعاظم نضال المرأة من اجل حقوقها وحصولها على مواقع فاعلة في المجتمع، مكسباً و تعزيزاً كبيراً للطاقات الثورية الخلاقة في المجتمع ودفعاً لعجلة تجديد حقيقي لعمومه . .الأمر الذي صار يرعب أحزاب الإسلام السياسي التي وصلت إلى الحكم في المنطقة بدفع من الاحتكارات الدولية لتقييد الحراكات والانتفاضات الشعبية الشبابية والنسائية من اجل الخبز و الحرية . . . بشرط أن تطرح (إسلام ليبرالي جديد) يتناسب مع فكرة الدولة المدنية (؟) . . رغم تواصل سلوك و طغيان شعارات " الدولة الإسلامية الشمولية " و " حكم ولاية الفقيه " الملتقيين . . الذي يرى كثيرون بأنه إن استطاع تحقيق شيء من الحد للطغيان السابق، فإنه بسلوكه العملي صار يدخل المنطقة في  متاهات حكم و طغيان جديدين باسم " المقدس " .  
وفيما قامت حكومات الإسلام السياسي بقضم و تغييب قوانين حماية حقوق المرأة، كما جرى في تغييب قانون الأحوال المدنية التقدمي العراقي الذي ضمن حقوق المرأة الاجتماعية و السياسية والقانونية و الاقتصادية . . انحازت تلك الحكومات انحيازاً أعمى إلى (ذكورية المجتمع) وأعادت مجتمعاتنا إلى العهود الحجرية و أزمنة الصيد . .
فإضافة إلى التدهور الأخلاقي الذي حصل و يحصل على يد ميليشيات الإسلام السياسي المسلحة السنيّة و الشيعية و عصاباتها، التي مارست و تمارس الاغتصاب الجنسي للمعارضين و خاصة النساء ـ وفق تقارير منظمات العفو الدولية ـ . . فان صيغ و عقود (زواج المتعة) و (المسيار) و (الخلع) والتبشير بها علناً بكثافة متواصلة رصدت لها أموال فلكية، و بصيغ مثيرة لغرائز شباب الجنسين على وجه الخصوص . . لا تعني إلاّ التبشير و الدعوة إلى  (الجنس الحلال) من إرضاع الكبير إلى زواجات القاصرات . . و غيرها، و كأن قضية المرأة و حقوقها الإنسانية و القانونية كمواطن و بشر تتلخص بتلك القضايا الخطيرة !!
القضايا الخطيرة . . التي لم تؤدّ إلاّ إلى تزايد ( التحرش الجنسي) من جهة، و من جهة أخرى وهي الأخطر . . تزايد وجود و أعداد الأطفال اللاشرعيين الذي بلغ حدوداً لا يمكن أن تليق بمن يحكم باسم الاعتقاد الديني أو المذهبي، و إنما تسيء إليهما . . حيث تشير وكالات و وسائل إعلام متنوعة إلى المعاناة المؤلمة لعشرات و مئات الآلاف من النساء الأرامل وأطفالهن بسبب البطالة و الفقر و غياب المعيل، و معاناة آلاف الأمهات الشابات من اللواتي اغتصبن أو جرى تزويجهن بالتهديد و بقوة السلاح من رجال لم يعرفن حتى جنسية قسم كبير منهم، ناهيك عن أسمائهم الحقيقية . .
و ناهيك عن تفسير صيغ و عقود الزواج آنفة الذكر المتنكرة للمرأة . . في بلدان يستمر فيها تشكيل النساء غالبية السكان، بسبب الحروب والإرهاب و صدامات الميليشيات الطائفية وغيرها من الميليشيات المسلحة التي كان ضحاياها من الرجال بشكل عام . . و بسبب الفقر و البطالة التي تسبب عزوف أعداد متزايدة عن الزواج، و تسبب تزايد العنوسة في مجتمعاتنا . . لتكون النتائج الآنفة أسباباً لمضاعفات اجتماعية اخطر من شكل آخر . .    
إن ما يجري هو سبب الأزمات الأخلاقية المتصاعدة . . و ليس نضالات المرأة من أجل حقوقها و من أجل الخبز و الحرية، التي تواجهها حكومات الإسلام السياسي بعصابات التحرش الجنسي والاغتصاب في الشارع نهاراً جهاراً (باسم الإسلام) زوراً و نفاقاً . . و التي تنهى عنها الشرائع السياسية و القانونية و الدستورية، بل و الدينية و المذهبية الحقيقية ذاتها . .
إن تطور نضالات المرأة و تصاعدها بتضامن كل قوى الخير و التقدم هو الذي يشد أزرها ويجعلها تواجه و تتحدى كل الأساليب الرخيصة لمحاولة كبحها و تحطيمها . . كما تتواصل نضالاتها وتتصاعد و تصبح المثال الهادي في ساحات دول المنطقة من مصر و العراق و تونس   إلى إيران . . ويبقى الموقف من حقوق المرأة، موقفاً سياسياً قانونياً، وإنسانياً حضارياً !!
الانتصار للمرأة صانعة المجد  بعيدها في الثامن من آذار !

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top