اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > غران تورينو.. التغيير نافذة الأمل

غران تورينو.. التغيير نافذة الأمل

نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 05:41 م

علي عبد الامير محمد "ايستوود ممثل في المستوى،هو رائد فعلا.. غران تورينو يندرج في اطار التمثيل،للممثل سلطة المخرج يتجلى ذلك من خلال الاجواء السينمائية المنتقاة بدقة ومن اختيار الاضاءة والحالات النفسية المثيرة " المخرج الايطالي الكبير ايتوري سكولا.
لم يكن افتتاح عرضه الجماهيري في التاسع من كانون الثاني 2009 مجرد توقيت عادي حتمه واقع الحال بقدر ماهو استكمال لرسالة الفيلم التي ارادها كلينت ايستوود الانموذج الحقيقي للسينما الناضجة بعيدا عن فذلكات هوليوود السمجة (لن اخرج اي شيء مالم تكن قصته عظيمة) من حيث تزامنه مع موعد تنصيب الرئيس الامريكي الجديد، فالهوس الذي اجتاح امريكا والعالم اثناء فترة الانتخابات بشخص اوباما والاصطفاف الجماهيري غير المسبوق تحت شعاره الرئيسي اثناء الحملة الانتخابية " التغيير" دفع الكثيرين ليدلوا بدلوهم وهاهو ايستوود بفيلمه السادس والستين كممثل والتاسع والعشرين كمخرج يقدم وثيقة اجتماعية مهمة في الرؤية الموضوعية لعلاقة امريكا مع ذاتها وعلاقتها مع العالم (اظن ان الفيلم سيفاجىء البعض، اعني فكرته، لو كان مجرد فيلم عنيف لما توليت اخراجه لاني سبق وان شاركت في مثل هذا النوع واليوم لن اعمل الا على افلام هادفة لذلك لم ارده كفيلم هاري القذر). فغران تورينو حكاية عن اشكالية العلاقة بين الاعراق المختلفة التي دأبت على تغيير البنية الديمغرافية لاحياء المدن الامريكية بعد الهجرات العديدة التي شهدتها من شتى انحاء العالم مؤسسة لها مجتمع مغلق على ثقافاتها وتقاليدها ومشكلا للعديد من حالات التنافر والتضاد مع باقي المستوطنين او السكان المحليين، تنفتح اولى مشاهد الفيلم على قداس جنائزي مقام تأبينا لوفاة زوجة والت كوالسكي (كلينت ايستوود) نتلمس من خلالها صفات شخصيته متجهم،متنمر، يتهكم ويضيق ذرعا بسلوك من حوله فهو انعزالي يؤمن ويحرص كل الحرص على تمجيد انتمائه لامريكا حتى انه يضع العلم الامريكي معلقا على باب الدار، جندي سابق في الحرب الكورية مطلع خمسينيات القرن الماضي وموظف متقاعد قضى خدمته كلها في مصانع فورد للسيارات،جميع ذلك ساهم في تشكيل الخطوط العامة لسلوكه طيلة سني عمره الذي تجاوز منتصف عقده السابع، ولانه ما زال يعيش في اجواء وطباع وسلوك مجتمع الخمسينيات كالاعتماد على الذات والعمل بجد وبناء الشخصية الامريكية الملتزمة والفخورة بهويتها وتفوقها على الاخرين نجده يستهجن ملابس حفيدته الشابة اثناء مراسيم الجنازة ونراه في الحال نفسه يغلق الباب بوجه جاره الاسيوي حين جاء لطلب المساعدة محتجا عليه بشدة،(صورة جلية لصراع الاجيال)، كوالسكي الذي يفتقد روابط التواصل مع عائلته كذلك يبدو مع محيطه الاجتماعي وجيرانه من الهمونغ الاسيويين – شعب هرب من فيتنام بعد الحملة التي شنها الشيوعيون ضدهم لمساعدتهم امريكا اثناء الحرب -، متعته الاكبر في الاعتناء بمنزله المنظم وبورشته المرتبة التي تحتوي اي شيء وكل شيء وبحديقته التي لايتورع عن توبيخ اي شخص يتجرأ السير على نجيلها الاخضر، ولكن سعادته الاكبر لاتتجلى الا مع سيارة الغران تورينو الاثيرة على قلبه والتي ومنذ ان خرجت من مصانع فورد عام 1972 لم يركبها سوى مرات قليلة خاصة عندما كانت زوجته التي يحبها ويقدرها على قيد الحياة فهي بالنسبة له اشبه بتحفة ثمينة يتوجب الحفاظ عليها دائما بأفضل حال مهما تقادمت السنين (أنموذج لصورة الوطن في عقل المواطن)، وفي مشاهد لاتخلو من دلالات جلية للمشاهد يفصح لنا عن علاقته بالدين من خلال تعامله الخشن ورفضه مساعدة القس الشاب الذي كان ينفذ وصية زوجته في السعي لدفعه بالذهاب الى الكنيسة والاعتراف استجلاءً لخطاياه، وبشكل مباغت نكتشف ان له مجتمعا يتواصل معه وان لديه اصدقاء يقضي معهم جزءاً من يومه يتحدثون بلغة اعتادوا على استخدامها فيها الكثير من الشتائم ولكنها تنطلق مع ابتسامة كبيرة،يلقبون بعضهم بأصولهم حيث الايطالي والبولندي والايرلندي مؤكدين ان اصولهم القومية لم تشكل حاجزا امام انتمائهم لامريكا كمواطنين يعشقونها ويفتخرون بها، كوالسكي يجد نفسه مع تقادم السنين وحيدا في حي اصبح سكانه من الاسيويين الهمونغ والذين لايجيد بعضهم حتى الحديث بالانكليزية وامام هذا التدفق للاعراق الاخرى الى موطنه لاينفك متذمرا ومستاءً من سلوكهم كما في مشهد قطعهم رأس الدجاجة لاعدادها كوليمة في احدى مناسباتهم غير متورع استخدام اقذع الكلمات تجاههم، وحدها الفتاة سوو تجد المنفذ لدخول عزلته مستغلة محاولة اخيها تاوو سرقة الغران تورينو وحادث اعتداء عصابة ابن عمها الاسيويين على عائلتها حين اندفع لحمايتهم رغم ان سببه الرئيسي كان للمحافظة على عشب حديقته من الاذى، معتمدة على شخصيتها القوية في التعامل معه وان كان بنفس اسلوبه ولغته في الكلام، فيكتشف عوالم كانت خبيئة عنه حيث تتجلى صفاته الايجابية كلما ازداد ارتباطه بعائلة سوو، حتى انه يبدأ بتعليم تاوو كيف يصبح رجلا حقيقيا له هدف وطموح وامرأة تحبه ومهنة يجيدها، اشياء قضى جل حياته يفعلها، يدفعه وضعه الصحي المتردي لزيارة الطبيب وفي العيادة يجد نفسه محاطا بخليط من الافارقة والمكسيكيين والاسيويين، اجناس شتى (صور

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

18-04-2024

20 يوماً في ماريوبول": شهادة بصرية صادمة

قيس قاسميَحمل المخرج والمراسل الحربي مستيسلاف تشَرنوف (1985)، خامات ما صوَّره ووثّقه في 20 يوماً، في مدينة "ماريوبول" الأوكرانية، إلى زميلته ميشال ميزنير، طالباً منها أنْ تصنع فيلماً وثائقياً من تلك الخامات.هكذا ربما يتصوّر من يُشاهد "20 يوماً في ماريوبول" (2023)، الفائز بـ"أوسكار" أفضل فيلم وثائقي طويل (النسخة 96، 10 مارس/ آذار 2024)، ويتخيّل أيضاً […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram