الرب مطرود من بيته

سعدون محسن ضمد 2013/06/25 10:01:00 م

الرب مطرود من بيته

كثيراً ما حلمت بفكرة أن يتحول الجامع إلى مؤسسة أكثر انتظاماً ومسؤولية، كما حاولت الكنيسة أن تفعل وحققت نجاحات جيدة بهذا المضمار. والمقصود بتحول الجامع إلى مؤسسة هو أن لا تتخذ قراراته وأحكامه من قبل أفراد بطريقة هي أقرب للارتجال والمزاجية.
يدير المسؤولون عن الجامع مساحة واسعة من شؤون الناس، مساحة تكاد أن تنافس في حجمها مساحة مسؤوليات الدولة! هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتفوَّق الجامع على مؤسسات الدولة في أنه يمثل إرادة الله، والخروج عن طاعته بمثابة خروج عن طاعة الله، ومن هنا فإن الزامات أوامره ونواهيه كبيرة ومؤثِّرة في الشريحة الأكبر من الناس، وخاصَّة في شرقنا الأوسط. لكن مع ذلك يُصرُّ القائمون على الجامع بأن تبقى آليات إدارة شؤون الناس، من خلالهم، تقليدية ولا تناسب تعقيدات المجتمع المعولم، الذي تؤثر فتاواه الصادرة من المشرق في أقصى بقاع المغرب.
الضوابط السلوكية، وسواء أكانت تشريعات دينية أم قوانين وضعية، تستطيع أن تفعل أي شيء بالناس، بضمن ذلك سلبهم الحق في الحياة، من خلال مختلف الأحكام القضائية، أو الفتاوى الشرعية، التي تحكم بالموت، وسابقاً كانت القوانين تصدر على شكل فرمانات من قبل السلطان "ظل الله في الأرض"، ثم اكتشفت التجربة البشرية، حجم الظلم الذي تتسبب به عملية إخضاع شؤون الناس لمزاج وظروف وعواطف فرد واحد، لذلك تحولت الجهة المسؤولة عن تشريع القوانين إلى مؤسسة، ثم مؤسسات مستقلة عن بعضها ويتخصص كل منها بجانب من جوانب هذا التشريع، وها نحن في العراق نحاول أن نعيش هذه الحالة، فقوانيننا تُصاغ أولاً من قبل جهة اختصاص في السلطة التنفيذية، ثم تعرض للتصويت على هذه السلطة مجتمعة، ثم تُرَحَّل إلى مجلس النواب المنتخب من قبل الشعب والذي يمثل إرادة جميع مكوناته، وتدخل هناك في مناقشات الجهة الاختصاص، أي اللجنة القانونية، ثم تعرض للقراءة من قبل جميع الأعضاء ثلاث مرّات، ثم يُصوّت عليها. هذا فضلاً عن نشاط المجتمع المدني، الذي يحاول أن يؤثر في التشريع ولا يتركه تحت رحمة الساسة.
إذن هذه هي آليات إصدار التشريعات في المؤسسات الأرضية البشرية، مع العلم أن تأثير هذه المؤسسات داخلي، وقرارتها لا تؤثر على رعايا الدول الأخرى. فما هي الآليات المتّبعة في المؤسسات السماوية الإلهية؟ مع الأخذ بنظر الاعتبار أن تأثير هذه المؤسسات عابر للقارات، ويديرها ويتحكم فيها بشر وبشكل فردي، وأن آخر من يجوز له التدخل في إدارتها هو الله سبحانه. لذلك تحولت إلى أوكار كراهية وحقد وإبادة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top