الخلاف بشأن المسرح الشعبي

سامي عبد الحميد 2013/07/01 10:01:00 م

الخلاف بشأن المسرح الشعبي

-2-
ويذكر (المعجم المسرحي) ان (موريس بوتيشير) الفرنسي اولمن شكل مسرحاً للشعب في مقاطعة الفوج في فرنسا عام 1895 اذ قدم عروضه في الهواء الطلق وبعيداً عن العاصمة وفي حوالي 1889 تأسست فرق المسرح الشعبي في نطاق النقابات بالمانيا وكتبت لها مسرحيات سميت المسرحيات الشعبية، وقد ساهم الفرنسي (رومان لولان) في تثبيت مفهوم المسرح الشعبي، حيث كتب عدداً من المقالات بهذا الخصوص ومنها حدد ملامح مسرح يقف ضد الثقافة المستقاة من الماضي، وطرح (فيرمان غنيمة) صيغة مسرح يتوجه للشعب حيثما وجد من خلال المسرح الجوال، ويذكر ان الممثل السينمائي الايطالي المشهور (فيتوريوغاسمان) قام بتجربة مشابهة وذلك باستخدام مسرح جوال، وفي انكلترا قامت مجموعة من الفنانين المسرحيين المستقلين بتأسيس مسرح يتوجه للطلبة العاملة هو (مسرح الوحدة) عام 1936.
في المانيا كان هدف (اروين بيكاتور) و(برتولد بريخت) من مسرحهما الملحمي ان يتوجها الى عموم ابناء الشعب والى الطبقة العاملة وهي الفئة الاكبر في المجتمع، ولم تكن مسرحياتهما كوميديا ولم يستخدما فيها اللهجة وانما اللغة القياسية والشعرية احياناً فقد عرف عن (بريخت) كونه شاعراً قبل ان يكون درامياً.
ابان الحرب في فيتنام ظهرت حركات احتجاجية ضدها في اميركا وراحت تقدم عروضها في الشوارع وكانت مسرحية ميغان تيري (فيت روك) نموذجاً فعالا للمسرح الشعبي كما ان (فرقة الخبز والدمى) التي أسسها (بيتر شومان) في اميركا، راحت تقدم عروضها في الشارع وفي الساحات العامة وفي اماكن تجمع الناس، وكانت موضوعات تلك العروض تركز على مشاكل الشعب الاميركي في ظل النظام الرأسمالي، وفي تلك العروض التي تستخدم الدمى الكبيرة كرموز لغول هذا النظام المرعب وتستخدم الشعارات المناهضة للاستغلال وبمصاحبة التراتيل الدينية والاغاني الشعبية وخلال العرض توزع على المتفرجين قطعا من الخبز علامة على المشاركة الجمعية، فأي من كل هذا ذلك الذي نشاهده في مسرحيات المسرح التجاري الهابط الذي يسفه معاناة ابناء الشعب ومشاكله.
آسف ان اختم مقالتي هذه بالاشارة الى احدى ممثلاتنا الحاصلة على شهادة الدكتوراه ومع ذلك فهي لا تفرق بين المسرح التجاري والمسرح الشعبي فتسمي عروض المسرح التجاري العراقية تلك العروض الهابطة فنياً وفكرياً، أقول تسميها مسرحاً شعبياً لا لشيء الا لانها تتحدث باللهجة العامة وليس بالفصحى، كما انها تقول عن جهل تام بان المسرح كله تجاري طالما هناك تذاكر تباع وتشترى من غير ان تعرف بأن صفة التجارة التي التصقت بهذا المسرح ليس بسبب ظاهرة البيع والشراء وانما بسبب الوسائل والاهداف وتفضيل رصيد شباك التذاكر على المستوى الفني والفكري وكذلك وكأنها لا تعلم بان مسرح الدولة وفرق المسرح الوطني وفرق المسرح التجريبي لا يمكن ان تكون تجارية لان هدفها رفع مستوى ذائقة الجمهور وليس توسيع رقعته.
وللعلم فليس هناك من كتاب متخصص بفنون المسرح لا يدين  توجهات المسرح التجاري وفي المقدمة كتاب بيتر بروك الشهير (المكان الخالي).

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top