ذممكم مُخجلةٌ يا سادتي

سعدون محسن ضمد 2013/07/06 10:01:00 م

ذممكم مُخجلةٌ يا سادتي

عاتبني بعض الأصدقاء على دعمي لحملة إلغاء تقاعد مجلس النواب، تحت ذريعة، أن امتيازات هؤلاء الأعضاء هي الأقل من بين امتيازات الدرجات الخاصَّة، وقد كتبت في الإجابة على عتبهم ما مفاده: ان التركيز على امتيازات البرلمانيين، يكتسب أهميته من كونهم حرّاس المال العام، وبالتالي فمسؤولية تقنين امتيازات الدرجات الخاصَّة تقع عليهم، فاذا تورطوا هم بهذه الامتيازات احجموا عن ملاحقتها. وها هو مجلس النواب يفشل بتمرير قانون هيئة النزاهة، والسبب، كما صرَّح أعضاء من لجنة النزاهة البرلمانية، هو اعتراضهم على فقرة في القانون تعاقب المسؤول الذي يحجم عن كشف ذمَّته المالية.
الفشل بتمرير هذا القانون، يطرح سؤالين ونتيجة. السؤال الأول هو: لماذا فشل البرلمان بتمرير القانون؟ الجواب طبعاً هو أن الداعمين لتمرير هذا القانون لا يمثلون أغلبية أعضاء البرلمان. وهذه النتيجة تؤدي بنا إلى طرح السؤال الثاني: لماذا يعترض أغلب نوابنا على تمرير قانون يتضمن عقوبات تساهم بالحد من الفساد؟! الجواب معروف طبعاً، وهو يمثل النتيجة التي أريد الوصول اليها، ومفادها أن ظاهرة الفساد باتت ظاهرة ممنهجة وتمّت مأسستها من قبل سلطتنا الرقابية، وهي مدعومة بقوة من قبلها! مدعومة من قبل نوابنا الذين انتخبناهم ليحرسونا من اللصوص!!
هل هناك مفارقة اكبر أو أكثر غرابة من هذه المفارقة؟
إن الإحجام عن تمرير هذا القانون، للأسباب التي ذكرها أعضاء لجنة النزاهة، يمثِّل استخفافاً كبيراً بالناخب العراقي، واستهانة بوعيه، وهي استهانة مفهومة وفي محلها، لأن هيئة النزاهة تعلن باستمرار ومن خلال موقعها الالكتروني أسماء المسؤولين الممتنعين عن كشف ذممهم المالية، ومع ذلك لم يتسبب هذا النشر بأي تأثير أو اعتراض او حتى استغراب من قبل هذا الناخب المُستهان به وبوعيه.
بالمناسبة، ومع الأخذ بنظر الاعتبار، ارتهان إرادة نوابنا بإرادة قادة كتلهم، فإن الأنظار يجب أن تتوجه، ايضاً، إلى قادة الكتل البرلمانية وكبار سياسيينا، ممن امتنع "نوابهم" عن تمرير القانون، علينا أن نسألهم: لماذا يا سادتنا وولاة أمورنا، تسعون بكل جهودكم إلى حماية الفساد؟ ألستم قادة البلد والمسؤولين عن حماية مصالحه أخلاقياً ودينياً وقانونياً؟! ألا تعني هذه الحماية شراكتكم وبصورة مباشرة بجميع مظاهر الخراب التي تعم البلد؟ انتم توجهون، بممارسات من هذا القبيل، طعنة غادرة لقلب كل طفل يتيم، أو فقير جائع، أو أرملة تبحث في المزابل عمّا يساعدها على إطعام أطفالها. الإرهابي الذي يفجر نفسه بأجسادنا ليس أكثر شرَاً منكم يا سادتي.
أخيراً، كنت سأنتظر أن تجد كلماتي هذه التفاتة كريمة منكم، لولا أن الشاعر قد قال سابقاً: لقد اسمعت لو ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top