مال بلا عقل!

اياد الصالحي 2013/07/27 10:01:00 م

مال بلا عقل!

فتح ملف الاحتراف في الموسم الحالي لدوري النخبة بكرة القدم 2012-2013 جدلاً واسعاً تضاربت فيه التحليلات الصادرة عن متخصصين في استقراء واقع الأندية العراقية ومستوى الفكر المدبّر لشؤون تطويرها ومدى استيعاب الخطوات السريعة التي تشهدها المنظومة الكروية في قارة آسيا مقارنة بإيقاع الكرة العراقية البطيء في توجهها نحو بناء قاعدة احترافية تدفعها لاتخاذ إجراءات واقعية تخرج الأندية من معطف الهواية تحت وصاية مؤسسات الدولة لتصبح مستقلة بملكية تجارية حسب لوائح الاتحاد الآسيوي الخاصة بدوري المحترفين.
إن الخطر الحقيقي الذي يهدد الكرة العراقية في المستقبل القريب هو حرمانها من المشاركات في المسابقات القارية التي بدأ الاتحاد الآسيوي يشدد عليها منذ عام 2008، وأعلن ان سبع دول فقط من 46 دولة الأعضاء في الاتحاد نفسه حققت معايير دوري المحترفين وهي كوريا الجنوبية واليابان والصين وأستراليا من الشرق والإمارات والسعودية وإيران من الغرب ، ومَن يصدق ان تلك المعايير لا تنطبق على دوري نجوم قطر بإمكانياته الضخمة فنياً ومالياً وإعلاميا مثلما اعلن رئيس الاتحاد السابق محمد بن همام لعدم تمتع الأندية هناك بالملكية التجارية؟!
إن تعاقد عدد من الأندية ذات الدخل المادي الجيد مع لاعبين عرب من سوريا ومصر واليمن ومن جنسيات أجنبية هي خطوة حسنة في تنوع أدوات اللعب ورفع وتائر المنافسة بين الفرق وجسّ نبض التجربة في تخصيص أموال طائلة للاعب المحترف مقابل العائد الفني المتحقق بنهاية الموسم فضلاً عن مدى صواب إدارات الأندية في فتح باب التعاقد مع لاعبين من الخارج مقابل إهمال عدد كبير من الموهوبين ممن تتحسر على خاماتهم أندية عربية ثرية يُمني مسؤولوها النفس بضمهم ورعايتهم بدلاً من استنزاف أموالهم على عقود خارجية.
إن واقع الاندية العراقية لا يُسرّ أحداً لاسيما الجماهيرية التي اكتسبت شعبيتها من ماضيها المتخم بالنجوم الكبار والإنجازات التاريخية والمواقف الرياضية التي سجلت أروع صور الوفاء لأنصارها الذين لم يتخلوا عنها مهما تقلبت الاحوال بها ، هذه الاندية بحاجة الى تخطيط وتنفيذ لتتحول من مرحلة الهواية وتقاليد الإدارة الروتينية الى مدار الاحتراف المتكامل باشهارها أندية تجارية ذات استقلالية مالية وكيان منفصل وعقار تابع للنادي، وذلك لن يتحقق في المدى القريب طالما بقيت انديتنا محكومة بقوانين سابقة رهنت مصيرها بيد مؤسسات حكومية تابعة لوزارات مثل الداخلية والدفاع والنقل والتعليم والصناعة والنفط التي تغطي ميزانياتها وتدعم ملاكاتها الإدارية والفنية.
في عُرف القيادة الإدارية للنادي اليوم لم يعد المال وحده أوكسجين الإنعاش لديمومة الحياة في مناخ اللعبة قط ، هناك العقل المخطط في عملية الإدارة التي تشكو نقصاً في خبرات العديد من رؤساء الاندية ممن ابتليت بأنانيتهم في التمسك بمقاعد الرئاسة لأكثر من دورتين بالرغم من مساوئ النتائج والتدهور الفني المستمرين ، ما يؤدي الى المزيد من التقهقر في الحاجة الملحة للعبة بشكل عام لاتخاذ المزيد من الخطوات الناجعة والوقوف الى جوار أندية دول عربية تكاد تستكمل شروط الاحتراف ومستلزمات الملكية التجارية وتشارك في دوري أبطال آسيا وتستقطب خيرة نجوم العالم في دورياتها التي تعود عليها بربح وفير على صعيد الاستثمار.
إن كرة القدم اليوم تخلت عن مفهوم التسلية وإضاعة الوقت في 90 دقيقة، وأصبحت قوة اقتصادية عظمى في بعض الدول تحقق لها عائداً يصل الى ملايين الدولارات من خلال تنظيم البطولات والاعلان وريع المباريات، لذلك آن الأوان ان تفتح وزارة الشباب والرياضة ملف الأندية وتكتب مسودة فك ارتباطها عن الحكومة وإشهارها تجارياً بعد مناقشات مستفيضة مع اصحاب الشأن " خبراء رياضيين وقانونيين ورجال اعمال " بدلاً من بقاء تلك الاندية تعاني الاهمال في البُنى التحتية وبعضها تسد احتياجاتها بالقروض وأخرى تتلظى بنار الافلاس بعدما اصبحت قيمة عقد الموسم لأصغر لاعب في الخط الاول لنادٍ مؤسسي لا تقل عن مجموع رواتب 100 موظف حكومي في الشهر!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top