أوّلُ الغَيْث

آراء وأفكار 2013/09/24 10:01:00 م

أوّلُ الغَيْث

المواطن العراقي اليوم ، مسكون بأوجاعه وأتعابه ومعاناته المستمرة ، لا من النشاط الإرهابي المحموم الذي يطحن الأبرياء ويحوّلهم إلى أشلاء تتطاير أجسادهم في الهواء ،فحسب بل من أزمات الكهرباء والماء ، والنقل ، والسكن والبطالة ....
وسائر المفردات المعروفة في قاموس الابتلاء .
وقد قلّت للغاية، فرص الشعور بالنشوة والابتهاج، والفرح والسرور..
وربما أصبحت أندر من الكبريت الأحمر ..!!
ولكننا استقبلنا مؤشرين إيجابيين ، لاحا مؤخراً ، بحفاوة بالغة ..، لأنهما يؤذنان بتباشير مقطع جديد، يختلف عن المقاطع الزمنية السابقة اختلافاً كبيراً ...
والسؤال الآن :
ما هذان المؤشران الإيجابيان ؟
والجواب :
أما المؤشر الإيجابي المهم الأول فهو إعلان رئيس إقليم كردستان الأخ الأستاذ مسعود بارزاني عن استعداده لإرسال " البيشمركة" من كردستان لحماية بغداد، وصيانتها من الإرهابيين التكفيريين .
إن هذه المبادرة الكريمة، لابدَّ أن تشكر وتثمّن، لأنها تُبرز مقدار الحرص على أمن وطننا الواحد الموحد، وسلامته من الأخطار، وكل ذلك لا يعني إلاّ الاعتزاز بالهوية الوطنية العراقية، والحب الغامر للوطن وأبنائه .
ونحن هنا نرسل التحية الخالصة لرئيس إقليم كردستان الأستاذ مسعود بارزاني، على هذا الموقف التاريخي النبيل، الذي يعمّق أواصر الأخّوة والتلاحم والمحبة بين أبناء العراق .
وإنه لموقف يكشف عن الإحساس العالي بالمسؤولية ،إزاءَ ما يعانيه الوطن وأبناؤه من تحديات خطيرة .
إن هذا التلاحم العربي الكردي، هو الردّ العمليّ على كل المخططات والمؤامرات المسعورة، التي تستهدف استقرار العراق وأمنه وسلامة أبنائه ....
وهو موقف واعد، نأمل أن يُدخل العراق في فصل جديد، من القوه والمناعة، لا في المجال الأمني فحسب بل في المجالين السياسي والاجتماعي ، بل في كل المجالات والحقول الأخرى ...
وحتى إذا لم يتحقق الاشتراك الفعليّ من قبل قوات البيشمركة ، فإن إظهار الاستعداد ، للمشاركة جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية والأمنية العراقية يُعّد تطوراً لافتاً .
وأما المؤشر الإيجابي الثاني فهو :
ما أعلنتْ عنه هيئة النزاهة، من أن نسبة استغلال الموظفين في أمانة بغداد للمواطنين مالياً قد انخفضت إلى الصفر !
إنه إنجاز كبير ،
وإنه نقلة نوعيّة متميّزة يشكر عليها كل من أسهم فيها من المسؤولين .
كما يشكر موظفو الأمانة أيضاً، على انضباطهم، وبُعْدِهم عن كل ما يشين أعمالهم الوظيفية من شوائب .
إن الفلاسفة يقولون :
( حكم الأمثال في ما يجوز وما لا يجوز واحد )
ونجاح الأمانة في الوصول إلى شواطئ النزاهة الكاملة ، يثبت بالدليل، إمكانية إحراز نجاحات مماثلة، في باقي الدوائر والمؤسسات والأجهزة الحكومية ، وهذا ما نأمله ونرتقبه جميعاً .
إن قطع دابر الفساد المالي والإداري في الدولة، عبر محاسبة المفسدين، ومقاضاتهم، واسترجاع ما نُهب من الثروات الوطنية ، والحزم والصرامة في الحيلولة دون استغلال الموظفين – على اختلاف مراتبهم - لمناصبهم في ابتزاز المواطنين، يشي بأنَّ القطار بدأ يسيرُعلى السكة بشكل صحيح .
إنّ الليل مهما طال ، فلابد أن يطلع الفجر ، ولابُدَّ أنْ تنتهي الحقبة الداكنة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top