جماعة الإخوان..من الميلاد إلى الموت

آراء وأفكار 2013/09/27 10:01:00 م

جماعة الإخوان..من الميلاد إلى الموت

 لينا مظلوم
وسط أجواء قد لا تبدو الأنسب تمضي مصر في استعادة التقاط أنفاسها السياسية و الأمنية والاقتصادية.. أجواء بدأ يعكِّر صفوها سُحُب التربص و التعنت و الرغبة في الاستئثار بدلا من وجود حالة من التوافق العام تعكس روح التوحد التي أضاء نورها سماء مصر خلال الثورتين التي شهدتهما على مدى العامين الماضيين .
سياسيا. في لجنة "الخمسين" المكلفة بإعداد و صياغة الدستور الجديد – وهي لجنة تضم نخبة منتقاة من العقول و المؤسسات المصرية- يظهر حزب النور السلفي و هو التيار الإسلامي الوحيد المُمثّل في هذه اللجنة في دور الطرف المتمسك  بإضفاء الصفة الإسلامية على الدستور بدلا من كونه وثيقة مدنية.. حزب النور الوافد حديثا من عالم الدعوة إلى السياسة – و ليته ما فعل-  رغم عدم وجود أي دور يُذكر له في ثورتي مصر , تتسم كل مواقفه  بعدم النضج و التخبط ..يمارس السياسة على طريقة اللعب على كل الأوراق .. يطرح نفسه مخاطبا الدوائر الأميركية كبديل موضوعي وسطي بعد سقوط حليف  أميركا "الإخواني" بينما هو يتبنى خطابا متشددا داخل مصر .. كما أفقدته المواقف المتقلبة بين مولاة و معارضة جماعة الإخوان كل عناصر الثقة في ان يظهر كلاعب جاد  على الساحة السياسية.. مما يؤكد ان أصدق الأصوات داخل حزب النور و أعقلها تلك التي تطالب التيار السلفي بالعودة إلى مجال الدعوة و ترك السياسة لرجالها.
بوادر خلاف سياسي آخر أثار الجدل حول طبيعة النظام الانتخابي الذي ستجري وفقا له انتخابات البرلمان خلال مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر القادمة.. بين أحزاب و قوى سياسية تنحاز إلى نظام القوائم , و تجد فيه النظام القادر على ترسيخ الممارسة الديمقراطية عبر تقوية و تفعيل دور الأحزاب – خصوصا الحديثة الإنشاء- و يُبقي عملية الانتخاب في إطار التنافس السياسي بعيدا عن  الممارسات الخدمية التي يلجأ إليها المُرشح  و قد تؤثر على إرادة الناخب .. بينما تدعو قوى أخرى إلى تبني النظام الفردي كونه واقعيا الأقرب إلى الطبيعة المصرية التي ما زالت شريحة لا يُستهان بها غير معنية بدراسة و تحليل برامج الأحزاب الانتخابية قدر اهتمامها بما يستطيع ابن قريتهم - الذي يعرفونه جيدا – فعله من اجل مشاكلهم الحياتية .. كما يخشى أصحاب هذا الرأي من تسلل مرشحي الأحزاب الإسلامية ضمن القوائم الانتخابية دون الكشف عن انتمائهم الحقيقي و هو ما اصبح يرفضه الشارع المصري .
في هذه الأجواء تتوالى الصدمات و اللطمات التي تتلقاها الجماعة في مصر.. مما ضاعف من تخبطها و عدم قدرتها على الإفاقة من حالة الغيبوبة السياسية التي أصابتها نتيجة هذه الصدمات.. إذ جاء قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحل جماعة الإخوان و كافة أنشطتها و الجمعيات التابعة لها و التحفظ على أملاكها و أموالها نتيجة طبيعية للرفض العام و الرغبة الشعبية في إقصاء ليس فقط الجماعة إنما فكرة إقحام الدين في السياسة .. هذا الحكم يعني ان جماعة الإخوان المسلمين التي ولدت في مدينة الإسماعيلية شهر آذار عام 1928, دُفِنت يوم 23 أيلول عام 2013 في القاهرة.. لم  يبق أمام الجماعة- و هي في الرمق الأخير- سوى  محاولات يائسة و هزيلة لإثارة الفوضى و الشغب ثم العودة للعمل "تحت الأرض" , و قد سبق للجماعة خوض هذه التجربة عبر تاريخها.. أيضا من المنتظر انتقال المركز الرئيسي لتنظيم الإخوان الدولي من القاهرة إلى أي دولة في الخارج.. بعد ان تم القبض على غالبية قيادات الجماعة في مصر.
أخيرا .. المؤكد ان  الحكومة المصرية الحالية – بدعم مؤسسات الجيش و الشرطة-  تبدو عازمة على السير في الخطوات السياسية لخارطة المستقبل التي أعلنت يوم 30 حزيران الماضي رغم  "المراهقة" السياسية التي تمارسها ذيول جماعة الإخوان من إثارة الشغب و إرهاب الشارع المصري.. و التي ساهمت في إسقاط آخر أوراق "الشعبية " عن جسد الجماعة العاري .
كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top